يوما بعد يوم تثبت الدولة المصرية حرصها الشديد على حقن دماء السوريين والحفاظ على وحدة واستقرار البلاد عبر دعم مسار العملية السياسية التى تشرف عليها الأمم المتحدة لنزع فتيل الأزمة ووقف الحرب التى دمرت البلاد فى ظل انتشار العديد من الميليشيات الإرهابية والعناصر الأجنبية التى تقاتل على أساس طائفى فى البلاد.
وتثبت القاهرة أنها صاحبة الرؤية الثاقبة ورائدة العمل العربى والدولة الأكثر حرصا على سيادة واستقلال واستقرار الدول العربية ورفضها لأى مشروعات لتفتيت الأوطان العربية أو رسم خارطتها على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، وهى الاستراتيجية التى تتعامل بها القاهرة على مستوى سياستها الخارجية مع الدول.
ويأتى أتفاق خفض التصعيد جنوب دمشق وتحديدا فى حى القدم وخفض تصعيد فى الغوطة الشرقية لطمة على وجه إيران وقطر باعتبارهما أبرز دولتين تسعيان لرسم خارطة سوريا على أساس عرقى وطائفى وهو ما تجلى فى اتفاق المدن الأربع الذى فرض التهجير القسرى على أربع مدن سوريا وهى الفوعة وكفريا ومضايا والزبدانى، وذلك مقابل مصالح وأجندات تخدم طهران والدوحة وتكشف مدى خستهم فى الرقص على جثث السوريين لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.
ونجح الاتفاق الأخير فى خفض التصعيد جنوب دمشق وأفشل المخطط الإيرانى الرامى لفرض حزام شيعى جنوب العاصمة دمشق مقابل إطلاق العنان لتركيا لدخول مدينة إدلب، وهو تحالف الشيطان بين أردوغان وروحانى على حساب جثث السوريين الأبرياء، ويعد الإعلان الاتفاق من القاهرة بمثابة رسالة قوية لكافة الاطراف بأن الدولة المصرية عادت ولن تقبل بأى مشاريع سياسية أو طائفية تهدد أمن ووحدة واستقرار سوريا.
ونجاح الدولة المصرية فى خفض التصعيد فى حى القدم ومنع التهجير القسرى ضربة قوية لإيران التى كانت تجهز الحى الدمشقى والذى يتاخم المنطقة التى تسميها طهران بـ"حرم المقام"، لتهجير أصحاب الأرض وفق بنود غير معلنة وآلية تنفيذ مجهول.
يذكر أن عدد من الفصائل العسكرية المقاتلة فى جنوب العاصمة دمشق قد أعلنت رفضها للتهجير القسرى الذى تسعى له طهران لرفض "طوق شيعى" جنوب دمشق يمكنها من السيطرة على قرار الحاكم المستقبلى لسوريا عبر نشر أغلبية شيعية يتم تنشأتها على أسس طائفية وولاءات لطهران، وذلك عبر تهجير إيران أصحاب الأرض الأصليين وتوطين غيرهم من عائلات الميليشيات المقاتلة ضمن صفوفها، وزرع حاضنة شعبية لها فى محيط دمشق، وفرض نشأ جديد على أساس طائفى ويتم زرع فيهم روح التعصب ليكونوا جنودا لطهران متى شائت استخدامهم، وهو التحرك الخطير الذى أجهضته القاهرة.
وتسعى إيران عبر مشروعاتها الخبيثة فى فرض ودعم الميلشيات الإيرانية فى حى السيدة زينب بسوريا من خلال نقل باقى أهالى كفريا والفوعة إلى هذه المناطق لتصبح مناطق شيعية بالكامل، وحاضنة طهران الخاصة.
يذكر أن اتفاق المدن الأربع المشبوه وحسب التسريبات، كان من شأنه ترحيل مدنيين ومسلحين من مضايا والزبدانى فى ضواحى دمشق، إلى الشمال المحرر، مقابل اخراج من يرغب من مدنيين ومسلحين بلدتى كفريا والفوعة فى ريف إدلب، إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية بدمشق، حيث كان من المتفق أن يتم التنفيذ على مرحلتين، فى المرحلة الأولى يتم إجلاء 8 آلاف مدنى من الفوعة وكفريا، فى مقابل تهجير عدد مماثل من المدنيين والمسلحين وعائلاتهم من مضايا والزبدانى، على أن يتم فى المرحلة الثانية إجلاء عدد مماثل من المدنيين من الفوعة وكفريا، فى مقابل العدد ذاته من المقاتلين وأسرهم من جنوب دمشق.
وباعلان القاهرة اليوم الوساطة فى وقف اطلاق النار وخفض التصعيد فى جنوب دمشق وتحديدا فى حى القدم تمكنت القاهرة من تحطيم مشروع إيران الطائفى على أسوار دمشق ووجهت لطمة قوية لطهران والدوحة الطرفان الذين يعملون على تغيير ديموجرافية سوريا وهويتها العربية، ودفعها نحو مربع الدولة الفاشلة الطائفية والمقسمة على أسس عرقية وطائفية.