انتهى مجلس النواب، من تعديلات القانون رقم 54 لسنة 1964، الخاص بإعادة تنظيم هيئة الرقابة الإدارية، حيث أجريت تعديلات جوهرية، على القانون الذى صدر منذ ما يزيد عن نصف قرن من الزمان.
جاءت أبرز التعديلات لتؤكد على أن الرقابة الإدارية، هيئة مستقلة تتبع رئاسة الجمهورية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتمتع بالاستقلال الفنى والمالى والإدارى، وتتضمن توسعات لاختصاصات الهيئة، حيث أسند لها التعديل الجديد، بالإضافة لجرائم المال العام، قضايا تهريب النقد وزراعة الأعضاء والاتجار بالبشر. بالإضافة لوضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة والتنسيق مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية فى الدولة.
التعديلات الجديدة نصت كذلك على دور الرقابة فى التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والوثائق والمعلومات مع الهيئات والأجهزة الرقابية فى الدولة وغيرها من الجهات المختصة بمكافحة الفساد فى الخارج، ونشر قيم النزاهة والشفافية والعمل على التوعية المجتمعية بمخاطر الفساد ومكافحته ووضع التوصيات اللازمة لتلافى أى نتائج سلبية أسفرت عنها تلك المؤشرات ومتابعة تنفيذها بصورة دورية وتقييم أداء المسئولين عن تنفيذها.
كما نصت التعديلات على إنشاء الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، وسمحت لأول مرة بقبول التعيين بالجهاز ابتداء من خارج الهيئة فى إحدى وظائف الرقابة، وذلك وفقا للضوابط والإجراءات التى يصدر بها قرار من رئيس الهيئة.
وفى حواره مع "انفراد" قال اللواء محمد أبو حسين، الوكيل السابق لهيئة الرقابة الإدارية، إن التعديلات الجديدة لها مردود إيجابى، وتنعكس إيجاباً على تمكين الهيئة من القيام بدورها فى منع ومكافحة الفساد، وإلى نص الحوار:
كيف ترى التعديلات الجديدة التى أقرها مجلس النواب بخصوص هيئة الرقابة الإدارية؟
القانون رقم 54 لسنة 1964 حدد دور الهيئة بما يمكنها من أداء دورها، وكل مرحلة من المراحل قد تحتاج لتدخل تشريعى لتعظيم دور الجهاز فى مكافحة الفساد، وتمكينها من أداء دورها فى منظومة العمل الوطنى.
الفساد آفة موجودة، والدولة تسعى لمكافحتها بكل السبل، ومن وجهة نظرى فالفساد هو أساس الإرهاب، والأب الشرعى للفقر والجهل والمرض.
كيف يسهم تغيير تبعية الهيئة لرئاسة الجمهورية فى أداء دورها؟
تغير تبعة الهيئة لرئاسة الجمهورية شىء إيجابى، يعطيها قوة وطاقة ومرونة وحرية حركة، باعتبارها الجهاز الفاعل والرئيسى فى مكافحة الفساد، والهدف التشريعى تمكين الجهاز من دوره، خاصة إنه لا يراقب الجريمة الجنائية فقط، لكنه يتابع المشروعات القومية وفقاً لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكل أوجه الحياة فى مصر لملاحقة العصر، ولزيادة النمو فى المجتمع. وكل التعديلات التى أجريت تساعدها على ذلك.
وبرأيك لماذا تم توسيع اختصاصات الهيئة ليشمل مكافحة جرائم أخرى كزراعة الأعضاء والاتجار بالبشر؟
الهيئة تحافظ على المال العام، وصحة المواطن، وتعليمه و"أكله" و"شربه" والكهرباء والمياه التى يستخدمها، وكل ما يتعلق بحياته. الحفاظ على المال العام، هو غرض استيراتيجى، وأية تعديلات لزيادة اختصاصات الجهاز لا بأس بها، لأنه إضافة لاختصاص أصيل، وذلك كله على ضوء تنوع وتطور الجريمة التى يشهدها المجتمع.
لأول مرة يُسمح بالتعيين فى الجهاز ابتداء من خارج الهيئة.. ما رأيك فى هذه الخطوة؟
كان نهج العمل بالجهاز أن يكون الأعضاء من الجيش والشرطة، وتعيين باحث قانونى أو محاسب أو غيره هى مسألة طبيعية، وتوجد وظائف مدنية فى الهيئة، ومن حقها كجهة رقابية كبيرة تتبع رئيس الجمهورية أن تعين العناصر المدنية المتميزة، من خلال الإجراءات والضوابط القانونية والإعلان عن الوظائف كغيرها من الجهات الحكومية، وأعتقد أن تعينهم سيكون لوظائف معاونة، كما أنه مع زيادة الدور المنوط للهيئة أصبحت تحتاج لعدد كبير من الأعضاء، والجهاز الإدارى للهيئة يحتاج لدعم من الخبرات والمتخصصين.
وما دور الأكاديمية التى نصت التعديلات على إنشاءها؟
التعديلات الجديدة نصت على إنشاء الأكاديمية بهدف إعداد وتدريب أعضاء الهيئة على النظم الحديثة المتصلة بمجال اختصاص الهيئة والارتقاء بمستوى أداء العاملين بها، فضلا عن دعم التعاون مع الهيئات والأجهزة المختصة بمكافحة الفساد فى الدول الأخرى، وعقد دورات تدريبية لأعضاء الهيئة وفق الخطط والبرامج السنوية للأكاديمية، وللعاملين فيها، وعقد الدورات والمؤتمرات والندوات وحلقات النقاش فى مجال نشر قيم النزاهة والشفافية والنوعية بمخاطر الفساد وسبل مكافحته، وتبادل الخبرات والوثائق والبحوث مع الجهات التى تباشر نشاطا مماثلا فى الداخل أو فى الخارج، وإيفاد البعثات الدراسية والتدريبية لأعضاء الهيئة فى اطار المنح الدراسية التى ترد للأكاديمية من الدول الأجنبية وفقا للضوابط التى تحددها اللائحة الداخلية للأكاديمية.
وكل هذا يؤكد على أننا جادين لمكافحة الفساد، وتوجد إرادة سياسية حقيقة لمكافحته، توجد بعض الاتفاقيات الدولية التى تضع لقطاع التدريب أهمية كبرى، فعملية التدريب المستمرة، والبحث المستمر، مهمة للغاية، لأن الجريمة متطورة وأساليب مكافحتها يجب أن تكون أكثر تطورا تكنولوجيا وعلميا وقانونياً وغير ذلك.
هل من الممكن أن يمتد التدريب ليشمل كافة العاملين بالدولة؟
التعديلات نصت كذلك على أنه يجوز ان يمتد نشاط الأكاديمية ليشمل تدريب أعضاء الهيئات والأجهزة المعنية بمكافحة الفساد بالداخل والخارج وسائر العاملين بالدولة.
أود أن أقول لك إنه لا يمكن لجهاز يكافح الفساد أن ينجح بمفرده، لابد من "ثقافة شعب" ثقافة طاردة ومقاومة للفساد وتحترم وتعظم الشفافية والنزاهة، توجد بعض القيادات الوسطى فى الدولة تحصل على بعض الدورات التدريبية بالهيئة على أساليب الرقابة الداخلية للحد من الفساد، والهيئة تفتح أبوابها لإعطاء الدورات فى عدد من التخصصات، كما أنها تساعد المسئول على السير على النهج الصحيح.
التعديلات نصت على أن الهيئة تتكون من عدة أجهزة، من بينها جهاز منع الفساد وجهاز مكافحة الفساد.. ما الفرق فى الاختصاصات؟
جوهر الأمن العام بصفة عامة هو "المنع والردع" ليس المهم فقط ان يتم كشف الفساد، الأهم هو منعه تماماً، ولا المهم ضبط مرتكبى الجرائم فقط، الأهم هو العمل على منع ارتكابها، بالأصل والأساس ما يهمنى هو منع الجريمة، ووضع العناصر متميزة ولديها كفاءة وتتسم بالنزاهة والوعى فى أماكنها الصحيحة، الجهاز يعمل على جناحين، منع الفساد ومكافحته.
مثلا، حينما توجد مناقصة معينة، يتم مراقبتها، ومراعاة تطبيق القوانين، بحيث تكون كل الإجراءات صحيحة، حتى لا أضطر لأن أعيد الإجراء، وهو ما يوفر ويمنع ارتكاب الجرائم ويقف حائلاً دون وقوع أية عمليات فساد.
برأيك لماذا تحتاج الرقابة الإدارية للدعم من قبل الإرادة السياسية؟
هيئة الرقابة الإدارية هيئة رائدة فى مكافحة الفساد، ومنوط بها مكافحته، وأوجه تحية للوزير محمد عرفان وأعضاء الهيئة، لأنهم يبذلون جهداً خرافياً، المجتمع يأتمنهم على مستقبله ومستقبل أولادهم، وتعمل الهيئة على تحسين جودة الحياة بالتنسيق مع غيرها من الأجهزة، لكن الهيئة رأس الحربة، وتحية للقيادة السياسية التى تمنحهم هذا الدعم الكبير، لأن القيادة السياسية لديها رغبة حقيقة فى مكافحة الفساد.
كما نشكر مجلس النواب على سرعة استجابته وإقرار التعديلات، ومطلوب من الرقابة الإدارية الآن أن تتابع ملفات الصحة والتعليم والجمارك والمنافذ وكل ما يتعلق بحياة المواطنين، الذين يثقوا فى الجهاز لأنه متجرد ويعمل لصالح الوطن بنسبة 100%، وعناصره متميزة وتتحلى بالنزاهة والكفاءة والشفافية، ويحاسب نفسه حساباً عسيراً.
ما الدور الواجب على الشعب القيام به لمكافحة الفساد؟
لازم كل مواطن يشارك فى مكافحة الفساد، لأن أثر الفساد ينعكس على كل فرد وعلى أولادنا، الشعب كله يجب أن يكافح ويرفض الفساد ويعمل وينتج لصالح مجتمعه ونفسه، وتنتشر بيينا ثقافة العمل ومكافحة الفساد، "محدش يدفع رشوة" محدش يقبل بوساطة ولا محسوبية ولا مجاملة.