امتازت طبيعة العلاقات المصرية السورية على مدار التاريخ بالتميز والتعاون المشترك حيث سادت علاقات بين البلدين فترات من الشد والجذب خلال العقود الماضية، لكن الارتباط مع سوريا كان نهجا مصريا خلال العقود الأخيرة، فقد شاركت سوريا فى حرب أكتوبر 1973.
وتعد سوريا جزأ لا من تاريخ مصر وأمنها القومى جزء من الأمن القومى المصرى، ومنذ إندلاع الصراع المسلح فى سوريا لم تشارك مصر بأى وسيلة فى سفك الدماء أبناء الشعب السورى، بل عملت على أن تكون جسر للتواصل بين السوريين لوقف نزيف الدم والوصول لحل سياسى يرضى جميع الأطراف ويحقق تطلعات وآمال الشعب السورى.
ومع توقيع فصائل جيش الإسلام وأكناف بيت المقدس وجيش الأبابيل على هدنة جنوب دمشق وخفض التصعيد فى الغوطة الشرقية بحضور مسئول الهيئة السياسية فى جيش الإسلام السورى محمد علوش، والقيادى فى جيش أبابيل أحمد الجباوى، يدخل جنوب العاصمة دمشق ضمن اتفاقات خفض التصعيد ووقف إطلاق النار لإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية للمحاصرين من أبناء الشعب السورى، وضرب مخطط إقليمى يهدف لتهجير قسرى جنوب العاصمة السورية دمشق، وتحديدا فى ببيلا وحى القدم.
ونجح الاتفاق الأخير فى خفض التصعيد جنوب دمشق وأفشل المخطط الإيرانى الرامى لنشر حزام شيعى جنوب دمشق وهو الاتفاق السرى الذى وقه بين أردوغان وروحانى على حساب جثث السوريين الأبرياء، ويعد الإعلان الاتفاق من القاهرة بمثابة رسالة قوية لكافة الاطراف بأن الدولة المصرية عادت ولن تقبل بأى مشاريع سياسية أو طائفية تهدد أمن ووحدة واستقرار سوريا.
الرئيس عبد الفتاح السيسى أكد فى عدة مناسبات بأن مصر لن تستعيد عافيتها إلا بانتشال الدول العربية من أزماتها وخاصة سوريا، مؤكدا أن المخرج الوحيد الممكن من الأزمات التى تعانى منها المنطقة العربية هو التمسك بإصرار بمشروع الدولة الوطنية الحديثة.
وتأتى الأزمة السورية على جدول أولويات الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال تحركاته على المستوى الإقليمى والدولى، وذلك للتوصل لحل سياسى للأزمة ووقف نزيف الدماء والحرب التى دمرت البنية التحتية للدولة السورية.
وأكد الرئيس السيسى خلال كلمته الأخيرة بالجمعية العامة للأمم المتحدة أن المخرج الوحيد الممكن من الأزمات التى تعانى منها المنطقة العربية، هو التمسك بإصرار بمشروع الدولة الوطنية الحديثة، التى تقوم على مبادئ المواطنة، والمساواة، وسيادة القانون، وحقوق الانسان، وتتجاوز بحسم محاولات الارتداد للولاءات المذهبية أو الطائفية أو العرقية أو القَبَلية.. أن طريقَ الإصلاح يمر بالضرورة عبر الدولة الوطنية، ولا يمكن أن يتم على أنقاضها.
وشدد الرئيس فى كلمته على أنه لا خلاص فى سوريا الشقيقة، إلا من خلال حل سياسى يتوافق عليه جميع السوريين، ويكون جوهره الحفاظ على وحدة الدولة السورية، وصيانة مؤسساتها، وتوسيع قاعدتها الاجتماعية والسياسية لتشمل كل أطياف المجتمع السورى، ومواجهة الإرهاب بحسم حتى القضاء عليه.
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسى عدد من الرسائل الهامة للدول الإقليمية والدولية، مشددا على أن الطريق لتحقيق الحل السياسى فى سوريا هو المفاوضات التى تقودها الأمم المتحدة، والتى تدعمها مصر، مؤكدا رفض الدولة المصرية أية محاولة لاستغلال المحنة التى تعيشها سوريا، لبناء مواطئ نفوذ سياسية إقليمية أو دولية، أو تنفيذ سياسات تخريبية لأطراف إقليمية، طالما عانت منطقتنا فى السنوات الأخيرة من ممارساتها، وقد أن الأوان لمواجهة حاسمة ونهائية معها.
وأكد الرئيس فى حواره الأخير مع رؤساء تحرير الصحف القومية رفض مصر استمرار الشعب والدولة السورية كأسرى للجماعات الإرهابية المتطرفة، مشددا على أن لن تستعيد عافيتها إلا بانتشال الدول العربية من الأزمات.
وشدد الرئيس على أن يكون لمصر دور إيجابى فى دعم أى جهد سياسى لإيجاد مخرج فى إطار الحفاظ على الأراضى السورية ووحدتها واحترام إرادة الشعب السورى فى اختيار مصيره.
وتابع الرئيس السيسى: " نرفض أن يكون هذا الشعب أسيرا، أو الدولة السورية أسيرة للجماعات الإرهابية المتطرفة، وهذا هو موقفنا مع كل القضايا العربية الأخرى، فلن نستعيد عافيتنا كمنطقة عربية إلا باستعادة هذه الدول وانتشالها من أزماتها".
ومع اهتمام القيادة السياسية فى مصر بوقف نزيف الدم السورى ووقف الحرب والدمار لإعادة إعمار البلاد، بدأت الأطراف الإقليمية والدولية تنظر إلى القاهرة باعتبارها الراعى الأول للسلام فى منطقة الشرق الأوسط وأحد أبرز الدول الداعمة لحل الأزمات العاصفة والصراعات فى المنطقة سياسيا بعيدا عن التصعيد العسكرى.