"أمناء الشرطة" باتوا الوجه القبيح لوزارة الداخلية، بعد تكرار تجاوزاتهم فى حق أبناء الشعب المصرى، الذى طالما ساند الشرطة منذ ثورة 25 يناير، ورغم كل المحاولات التى تبذلها الوزارة للتقارب والتلاحم مع الشعب، إلا أن الحوادث الفردية لفئة أمناء ورقباء الشرطة تعصف بجميع هذه المحاولات.
أمناء الشرطة كانوا سبباً قوياً ومؤثراً فى سقوط مدرسة حبيب العادلى بعد حادث خالد سعيد بالإسكندرية، ورغم اندلاع الثورة التى كانت أحد أسبابها انتهاكات أفراد الشرطة، إلا أن تجاوزاتهم مازالت عرضا مستمرا.
ومع رفضنا لتجاوزات أمناء الشرطة نرفض معها أيضًا فكرة التعميم، فبين هؤلاء الأمناء أشخاص يحملون أرواحهم على أكتافهم كل لحظة، بينهم أشخاص يقفون فى الشوارع ساعات طويلة تحت حرارة الشمس الحارقة بنهار الصيف، وفى برودة ليل الشتاء، عيون ساهرة يداعبها النوم فتخاصمه وتبات تحرس فى سبيل الله، ليأتى أعداد لم يمثلوا رقماً صحيحاً فى مسلسل أمناء الشرطة الذين يربو عددهم من الربع مليون شخص ويمارسون انتهاكات تضر بسمعة الجميع.
يتعمد بعض أمناء شرطة تقمص دور "حاتم" ليخصموا من رصيد زملائهم الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن، هؤلاء المتجاوزون يصدرون للمشهد العام أفعالهم الهمجية فيغطون على تضحيات الآخرين.
لك أن تتخيل أن شخصًا ينتمى لوزارة الداخلية برتبة "أمين شرطة" يتجاوز ويقتل ويصدر مشهد العار للرأى العام، بينما هناك شخص برتبة "وزير" يقف بنفسه فى الشوارع بمدينة شرم الشيخ لتأمين مؤتمر اقتصادى يشجع على الاستثمار فى مصر، و ثالث يقف بشجاعة يواجه نيران الإرهاب على أرض الفيروز، يحمى الأرض والعرض لا يكل ولا يمل ولا يخاف، "وهناك وهناك..." الكثيرون يقدمون ويضحون ليأتى أمين شرطة بجريمة فردية تعصف بكل هذه التضحيات.
اللافت للانتباه أنه رغم تأكيد وزارة الداخلية عدم حمايتها لأى متجاوز من رجال الشرطة سواء فى فترة عمله أو أثناء الراحة، ورغم تقديمها العديد من أمناء الشرطة للمحاكمة، ورغم الدورات التدريبية لهم وكتيبات حقوق الإنسان، إلا أن شخصية "حاتم" مازالت تسيطر على عقول بعض أمناء الشرطة، فى ظاهرة فسرها علماء الطب النفسى أنها نتيجة الشعور بـ "النقص".
نتمنى أن تنتهى تجاوزات أمناء الشرطة، وأن تكون أيديهم سيفاً على الإرهاب والخارجين عن القانون لا على وجوه المواطنين وكرامتهم، نتمنى أن تواصل وزارة الداخلية رفضها لهذه التجاوزات، وتقدم المزيد من المخطئين لجهات التحقيق، حتى لا تسمح لأحد أن يعكر صفو العلاقة الطيبة بعد الشعب وشرطته.