على الرغم من محاولات تنظيم داعش الإرهابى نحو تقديم صورة للعالم بأنه لديه نظام تعليمى قوى ومتماسك، إلى أن مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية تقول إن الحقيقة مغايرة تماما، وأن نظام المدارس فى المناطق التابعة للتنظيم مختل تماما.
وتوضح المجلة قائلة إنه فى السنوات الأخيرة، استطاع تنظيم داعش أن يجذب انتباها كبيرا لنظامه التعليمى نظرا للطبيعة الصادمة لمناهجه، والدور الذى يُعتقد أنه يلعبه فى تجنيد الأطفال وتوجيههم عقائديا، وفى الفيديوهات الدعائية لداعش، صور التنظيم "الأشبال"، وهو المصطلح الذى استخدمه لوصف المقاتلين الصغار، وبدا أن أغلبهم تحت العاشرة، يقومون بأداء تدريبات عنيفة بل ويعدمون سجناء.
وفى الكتب الدراسية التى نشر التنظيم نسخا منها عبر حساباته على السوشيال ميديا، تم تغطية عدد كبير من الموضوعات مثل الجغرافيا والتاريخ وبرمجة الكمبيوتر والكيمياء والتاريخ واللغة الإنجليزية لكنها استخدمت تدريبات لدفع الأطفال للعنف، مثل مسائل الحساب التى تشمل عد للرصاصات أو عدد جنود داعش أو الكفار فى ساحة المعركة.
أحد مبانى داعش فى سوريا والتى تم استخدامها بديلاً للمدارس
ورغم ذلك، تقول المجلة الأمريكية، إن أغلب ما هو معروف عن النظام التعليمى لداعش مبنى على الدعاية التى يقوم بها التنظيم نفسه، ورغم أن تحليل مثل هذه المواد يقدم نافذة حول رغبة داعش فى أن يرى العالم نظامه التعليمى كصارم ومنظم وقاسى فى استمالة الجنود الأطفال، لكن هناك فجوة كبيرة بين العالم الافتراضى لداعش والحقيقة فى أرض الواقع.
وفى مقابلات تم إجرائها عبر طرف ثالث مع 20 من المدرسين المدنيين وأولياء الأمور الذين فروا إلى جنوب تركيا، وجدت "فورين أفيرز" أن النظام المدرسى لداعش مختل تماما فى أرض الواقع غير موجود تقريبا فى بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش.
وعلى الرغم من أن المعلمين تلقوا وعودا بالحصول على نسخ مطبوعة لمنهج شامل جديد يشمل الرياضيات واللغة الإنجليزية والكيمياء لطلاب المرحلة الثانوية، لم تصل المواد أبدا، وتم تخصيص دورات اللغة الإنجليزية لأبناء المقاتلين الأجانب وليس السوريين، وفى النهاية، تلقى المدرسون عروضا بنسخ إلكترونية من المناهج الدراسية، فقط لو أحضرواUSBخاص بهم لنقله إليها، وعندما فعلوا اكتشفوا أن المحتوى مخصص تماما للعقيدة.
ورغم توزيع المواد التعليمية فى الدعاية الإلكترونية، يقول المدرسون إنهم لم يحصلوا أبدا على هذه الوثائق سواء إلكترونية أو مطبوعة، بل إن بعضهم لم يكن يعلم أن هذه الموارد موجودة بما أن دخولهم إلى شبكة الإنترنت محدود.
طفل منتمى لتنظيم داعش
ولفت تقرير فورين أفيرز إلى أن أغلب المشكلات الموجودة فى مدارس داعش نابعة من عدم استعداد التنظيم لتحمل تكاليف إعادة إصلاح البنية التحتية التعليمية، لاسيما فى مناطق مثل دير الزور، حيث كان تدمير المدارس هائلا، ووفقا لما قاله أحد المدرسين من الرقة، فإن داعش لم يرغب فى الإنفاق على التعليم، ففتح المدارس تطلب الكثير من الأموال لإصلاح المدارس والكتب وجلب الوقود من أجل التدفئة ودفع المرتبات، وهو أمر مكلف للغاية.
وإلى جانب هذا، كانت هناك مشكلات تتعلق بالأفراد، فعلى سبيل المثال عانى داعش لتوظيف مدرسين مؤهلين وإداريين أكفاء، فبعض المدرسين كان حاصل على شهادة ثانوية فقط، وأغلبهم رفض التعهد بالولاء لداعش. وعلى العكس من قطاع الرعاية الصحية الذى كان لداعش دوافع كبيرة للاستثمار فيه بسبب حاجتهم لمعالجة المقاتلين الجرحى، فإن التعليم كان أولوية أقل للتنظيم الإرهابى.