بعقود ضخمة وإجراءات استثنائية، بدأت إمارة قطر ـ الراعى الأول للإرهاب فى المنطقة العربية ـ سلسلة من التنازلات لحليفتها الإقليمية تركيا التى تأوى فرعاً من التنظيم الدولى للإخوان لجماعة الإخوان وتدعم بشكل مباشر وغير مباشر تنظيم داعش، وذلك رداً على مبادرة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بإرسال قوات عسكرية قبل 4 أشهر لتأمين نظام تميم بن حمد فى أعقاب المقاطعة العربية لإمارة قطر، وتصاعد حدة الغضب الشعبى تجاه الحكومة القطرية.
وبعد سلسلة الخسائر التى تكبدها الاقتصادى القطرى من المقاطعة، والتى قدرها مراقبون وخبراء اقتصاد بأكثر من 77 مليار دولار، يبدو أن الإمارة على موعد جديد مع الخسائر، بعدما اضطرت الحكومة القطرية لتخصيص أراض بأموال زهيدة لرجال أعمال ومستثمرين أتراك لتدشين مشروعات داخل الإمارة باستثمارات تتجاوز 19 مليار دولار.
تميم بن حمد والرئيس التركى رجب طيب أردوغان
وجاءت غالبية الأراضى التى تم تخصيصها لرجال الأعمال الأتراك فى المنطقة الصناعية التى تقيمها قطر، وبلغت قيمة التمويل للمشروعات المقرر أن ينفذها المستثمرون الأتراك ما يقرب من 2.5 مليار دولار أمريكى.
وكشفت تقارير إعلامية نقلاً عن خبراء ومتابعين للعلاقات بين أنقرة والدوحة، أن الأخيرة تسعى فى الوقت نفسه إلى مضاعفة استثماراتها داخل تركيا خلال العام المقبل، عبر ضخ استثمارات جديدة تقدر بـ19 مليار دولار، بخلاف 18 مليار دولار استثمارات قائمة بالفعل فى مجالات مختلفة داخل السوق التركية.
ويتوقع خبراء اقتصاديون ارتفاع هامش الاستثمارات القطرية ـ التركية المشتركة خلال العام المقبل ليتجاوز 20 مليار دولار أمريكى، لتدخل قطر بذلك ضمن أعلى 5 دول استثماراً داخل تركيا.
وعلق أردين أوزيل رئيس المنتدى الاقتصادى للشرق الأوسط على الاستثمارات القطرية فى ضوء التقارب بين البلدين، قائلاً: إن المستثمرين القطريين يرون تركيا ميناء آمنا لاستثماراتهم ، بعيدا على الأمواج العاتية التى تتعرض لها قطر فى الفترة الأخيرة.
عناصر القوات التركية فى قطر
وأشار إلى أزمة المواد الغذائية التى تعرضت لها قطر فى أعقاب الحظر الجوى والاقتصادى الذى فرض عليها من دول الجوار العربى، لافتًا إلى أنها قررت توسيع استثماراتها فى مجال الأغذية فى تركيا، مؤكداً أن الإمارة باتت تنظر إلى تركيا على أنها صديق استراتيجى، مشيرًا إلى شركة "حصاد فوود" القطرية للمنتجات الغذائية التى تعتزم زيادة استثماراتها فى تركيا خلال العام المقبل 2018 إلى 650 مليون دولار أمريكى.
وأكد أن إسطنبول ستستقبل صناديق التمويل الخليجية فى شهر أبريل المقبل ضمن فعاليات قمة الاستثمار الزراعى الدولى.
وتشير بيانات رسمية إلى أن تركيا تضم 121 شركة ذات رؤوس أموال قطرية، بإجمالى قيمة رأسمال 5 مليارات دولار أمريكى، لافتة إلى أن حجم الاستثمارات المباشرة من قطر إلى تركيا خلال الفترة بين عامى 2002-2017 بلغت مليار و538 مليون دولار أمريكى؛ بينما سجل حجم التبادل التجارى بين البلدين خلال عام 2016 نحو 834.5 مليون دولار أمريكى، وبلغ فى الأشهر الستة الأولى من العام الجارى 2017 نحو 634 مليون دولار أمريكى.
يذكر أن الاقتصاد التركى يضم استثمارات قطرية بقيمة 15 مليار دولار تابعة لهيئة الاستثمار القطرية، و3 مليارات أخرى تابعة لصندوق قطر للاستثمار، وجميعها فى مجالات مختلفة تتنوع بين السياحة، والطاقة، والاتصالات، والأغذية، والصحة، والتأمينات، والبنوك، والصناعات الدفاعية، والترسانات البحرية.
ومنذ بداية المقاطعة العربية لإمارة قطر، الراعى الأول للإرهاب فى الشرق الأوسط، بادر نظام حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا بإرسال تعزيزات عسكرية للإمارة، لتأمين تميم بن حمد من أى تحركات شعبية محتملة ضده، وذلك بالتزامن مع استعانة الحكومة القطرية بعناصر من الحرس الثورى الإيرانى فى تحركات وصفتها المعارضة القطرية بـ"احتلال غير معلن" من قبل تركيا وإيران.