فى معركة التوفيق بين تحقيق الأمن وحماية الخصوصية، شهدت الولايات المتحدة مواجهة بين شركة "أبل" للتكنولوجيا والحكومة الأمريكية بعدما رفضت الشركة صاحبة الهاتف الذكى "آيفون" تنفيذ طلب فيدرالى بفتح الهاتف الخاص بأحد مطلقى النار فى حادث سان برنادينو بولاية كاليفورنيا فى ديسمبر الماضى.
ووجدت أبل نفسها محاطة بمساندة جاراتها فى وادى السليكون من شركات التكنولوجيا الأخرى، حيث أعلن كل من "فيس بوك" و"تويتر" ومؤسس "واتس أب"، تأييدهم لموقف تيم كوك الرافض لفتح الأيفون أمام المباحث الفيدرالية، للإطلاع على معلومات هامة حتى لو كانت تخص شخصا إرهابيا.
و قال سواندر بتشاى، الرئيس التنفيذى لجوجل، فى تغريدة له، إن إجبار الشركات على السماح بالاختراق الإلكترونى يهدد خصوصية المستخدمين.
كما أن العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، أبدت رفضها لمحاولة إجبار الشرطات على كشف بيانات عملائها، وجاءت افتتاحية صحيفتى نيويورك تايمز وواشنطن بوست، الجمعة لتعربان عن رفضهما لموقف الحكومة الأمريكية.
موقف كوك منح أبل "ضمير اجتماعى"
صحيفة "نيويورك تايمز"، قالت إن تيم كوك، الرئيس التنفيذى لـ"أبل"، منح الشركة ضميرا اجتماعيا فى معركتها مع الولايات المتحدة، وحولها إلى قلب القضايا القانونية والاجتماعية ، مثلما كشفت مواجهته الأخيرة مع المسئولون الفيدراليين بشأن مخاوف تتعلق بالخصوصية.
وفى افتتاحيتها، أوضحت الصحيفة، أن آبل محقة فى موقفها الرافض لفتح جهاز أيفون للمباحث الفيدرالية حتى يتسنى لهم معرفة مزيد من المعلومات عن منفذى الحادث الإرهابى فى ولاية كاليفورنيا، وأضافت أنه حتى لو انتصرت الحكومة بإجبار "أبل" على فتح أحد الهواتف، فإن هذا لن يكون نهاية الأمر.
نفس الأمر ذهبت إليه صحيفة "واشنطن بوست"، وقالت فى افتتاحيتها إنه لا ينبغى أن يتم إجبار "أبل" على فك تشفير بيانات المستخدمين. وأضافت أن الشركة بدت حتى يوم الثلاثاء هى الفائزة فى معركتها مع سلطات تطبيق القانون، فالرئيس باراك أوباما أعلن العام الماضى أنه لن يمضى فى تشريع يجبر شركات التكنولوجيا على منح السلطات حق الدخول إلى البيانات المشفرة لمستخدميها. لكن "إف بى أى" أقنع قاضيا فيدراليا بأمر "أبل" بإنشاء برنامج سوفت وير يساعد المحققين الفيدراليين على الدخول إلى جهاز أيفون 5 الذى كان يستخدمه سيد رضوان فاروق، المشارك فى تنفيذ هجوم كاليفورنيا.
وترى الصحيفة، أن المباحث الفيدرالية تحاول استكشاف وتأسيس حدود سلطاتها القانونية لمحاربة الإرهاب والجرائم الأقل، بموجب القوانين الحالية وفى ظل غياب أى إجراء من الكونجرس والبيت الأبيض. وانتقدت الصحيفة ما قام به "الإف بى أى"، وقالت إنه لا ينبغى أن يطلب من القضاء التدخل فى الأمر، ولا ينبغى على الأفرع السياسية للحكومة أن تفعل ذلك.
من جانبه، قال موقع "دايلى بيست" الأمريكى، إنه على الرغم من أن "أبل" رفضت طلب المباحث الفيدرالية بفتح الهاتف الخاص بمنفذ حادث كاليفورنيا، إلا أنه سبق وقامت بأمور مماثلة عشرات المرات.
وتحدث عن قضية مشابهة فى نيويورك العام الماضى، اعترفت فيها "أبل" أن بإمكانها أن تستخرج البيانات الخاصة بأحد المستخدمين إذا أرادت، ووفقا للإدعاء فى تلك القضية، فإن "أبل" فتحت الهواتف للسلطات 70 مرة على الأقل منذ عام 2008، ورأى الموقع أن موقف "أبل" الأخير ربما لا يكون من منطلق الدفاع المبدئى الذى زعمه "تيم كوك".