نقلا عن العدد اليومى...
اللعب مع الإرهاب لا يمكن أن يكون عملا مضمون العواقب، لأن الإرهاب الموجه المرتزق يمكن أن ينقل العطاء لمن يدفع أكثر، حقيقة بسيطة تثبتها التجارب، ومع ذلك يتصور البعض أنه من الممكن تغييرها، ويصعب على البعض معرفتها أو التعامل معها، بالرغم من أن كل دروس التاريخ القريب تؤكدها وتبرهن عليها. الآن وبعد سنوات من توقف الصراع بين الدولة التركية والأكراد عادت الصراعات إلى مربعات كان التصور أن تركيا غادرتها.
وبدا أن أردوغان الرئيس التركى الحالى ورئيس الوزراء السابق نجح فى احتواء الأكراد، وبدا أيضا أنه اقترب من حل المعضلة التى بقيت تقلق تركيا عقودا. منح أردوغان الأكراد اقترابا تكتيكيا معهم فى الانتخابات وتصور الأكراد أنهم يحصلون على بعض حقوقهم المهدرة.
كان هذا وقت عملية بناء نجح فيها أردوغان فى أن يكمل مسيرة الرئيس التركى تورجوت اوزال الذى بدأ عملية بناء اقتصادى وتقارب سياسى، صعد أردوغان رئيسا للوزراء وطوال سنوات استطاع صناعة تجربة وسعى لارتباطات ووعود بدت أقرب لعملية سياسية ناجحة، ومع الوقت أصابه الغرور السياسى، وطمح إلى أن يبقى رئيسا فى ظل منظومة صعبة قبلها تشابك مع التحركات الإقليمية، دون أن يحسب الحسابات جيدا.
تورط أردوغان فى علاقات مع التنظيمات الإرهابية التى دخلت إلى سوريا من أنحاء العالم ودعمها طمعا فى مد نفوذه إلى سوريا وانتزاع قطعة أرض تمكنه من بناء منطقة عازلة، وفى طريقه لبناء طموحاته تصور نفسه لاعبا وحيدا خرق اتفاقاته التكتيكية مع الأكراد، وتكشفت علاقاته مع التنظيمات الإرهابية، حاول أن يظل اللاعب الوحيد دون حساب لدولة كبيرة، مثل روسيا تصادم معها ومع الأكراد، ومع العناصر المختلفة وكشف عن حرب مباشرة ضد الأكراد الذين كادوا يذوبون فى المعادلة التركية.
أردوغان يخوض حربه على أكثر من جبهة، وربما تكون جبهته مع روسيا هى الأقل خطرا، بينما الأكراد والتنظيمات الإرهابية التى رعاها هى نفسها قد تكون انقلبت عليه أو هى تخسرا حربها الآن تحت ضغط تدخلات غربية وأمريكية وروسيا تكشف أسراره، وتتهمه بدفع إرهابيين إلى روسيا. فى وقت تتضاعف فيه العمليات التفجيرية ضد الجيش والمؤسسات الأمنية. أردوغان يخوض صراعا من أجل السلطة داخل تركيا ويخوض مغامرات عسكرية متعددة ربما تكون أكبر من قدرات دولته، فضلا عن كونها تسحب من قدراته الاقتصادية والعسكرية وتدمر البنيان الاقتصادى الذى تم فى سنواتو، مما يفتح أبواب الصراعات الداخلية ويعيد احتمالات الصدام الكبير داخليا، خاصة أن هناك فئات أصبحت تعانى من المشكلات الاقتصادية، فضلا عن رائحة الفساد التى تملأ الدولة التركية وتتعلق ببعض المقربين من أردوغان، بل فى منزله وابنه بلال أردوغان، المتهم بأنه متورط فى صفقات سرقة البترول السورى بالاتفاق مع التنظيمات الإرهابية.
فهل أفلت الزمام من أردوغان وتقف تركيا هى الأخرى على حافة صراع قد يطول، فى معادلة معقدة تتضمن تشابكات سياسية واستراتيجية. بعد أن فتح جبهات متعددة تشكل خطورة على تركيا وتضعها فى مرمى الصراع بعد أن كانت لاعبا وحيدا؟ فأصبحت روسيا والأكراد والتنظيمات الإرهابية وسوريا العراق وإيران.