فى الأفق تلوح رائحة البارود، ويسكن الخوف قلوب الكتالونيين، على مصير إقليمهم الذى لم يتذوقوا فرحة استقلاله عن التاج الملكى الإسبانى بعدُ، وجاءت القرارات من العاصمة الإسبانية مدريد بفرض الحكم المباشر ونزع الحكم الذاتى عنهم.
سيناريوهات الرعب كما وضعها مراقبون، حول مستقبل كتالونيا ومدريد تشير إلى دخول المنطقة داخل الخندق العسكرى لإجهاض استقلال كتالونيا، خاصة وأن المادة 155 تخول للحكومة التدخل من أجل المحافظة على وحدة البلاد، محذرين من تحول الخطوة إلى قد تلجأ لها الحكومة المركزية إلى حرب أهلية بين الأسبان.
وقد تعمقت الأزمة الكتالونية بشكل كبير بعد إعلان الاقليم استقلاله رسميا، ومن ثم إعلان حكومة مدريد التدخل فى كتالونيا وتعيين "سوريا ساينز دى سانتاماريا" رئيسا جديدا لحكومة كتالونيا، بعد إقالة الرئيس "كارليس بوديجيمونت".
ولكن يظل مستقبل إقليم كتالونيا وإسبانيا ككل مجهول حتى الآن، فبعد تطبيق المادة 155 من الدستور وممارسة مدريد الحق الدستورى فى السيطرة على إقليم متمتع بحكم ذاتى، طرحت العديد من السيناريهات أكثرها رعبا هى التدخل عسكريا.
ولكن هناك سيناريوهات أقل رعبا، منها استمرار الحكم المباشر من مدريد على برشلونة لحين انعقاد انتخابات جديدة وتخضع كتالونيا لرغبة مدريد وتتخلى عن حلمها من الانفصال.
وهناك سيناريو أخر، عبارة عن إجراء استفتاء "قانونى" يتم الاعتراف به، مثلما حدث فى اسكتلندا عام 2014 فى بريطانيا، وفى مقاطعة كيبك عام 1995 فى كندا، ولكن هذا سيعقد الأمور لأنه رفض مدريد للاستقلال مجددا فى حال موافقة الأغلبية على الانفصال سيجعل الأزمة تعود مجددا.
ويشمل الحكم المباشر على إقليم كتالونيا السيطرة الكاملة على شرطة الإقليم، وشؤونه المالية، ووسائل الإعلام العامة، وحل البرلمان والحكومة فيه.
وفيما يتعلق بالسيناريو العسكرى، فقد هددت مدريد كتالونيا من قبل فى عام 2012، كما أن وزير الدفاع الإسبانى بيدرو مورينيس، فى عام 2015 هدد القوميين الانفصاليين بالتدخل العسكرى لوقف التهديدات الانفصالية، والذى صرح فى ذلك الوقت إن المادة 155 تخول للحكومة التدخل من أجل المحافظة على وحدة البلاد.
وعلى الرغم من عدم تلميح الحكومة المركزية الإسبانية لأى تدخل عسكريا حتى الآن فى كتالونيا، إلا أن إسبانيا كانت قد نشرت وحدات من الجيش الإسبانى فى إقليم كتالونيا خلال الاستفتاء الأخير بحجة تقديم الدعم اللوجيستى إلى قوات مكافحة الشغب، حيث أرسلت ما يقرب من 20 شاحنة ومدرعة عسكرية.
والمادة 155 من الدستور الإسبانى تؤكد على أهمية احترام القوانين الخاصة بالحكم الذاتى، ولذلك فإن نشر الجيش فى كتالونيا ليس امرا مستبعدا خاصة فى ظل التحدى الكبير الذى يقوم به الانفصاليين فى كتالونيا.
وفى حال حدوث تدخل عسكرى، سيكون الأول منذ عام 1936، عندما أسقط ديكتاتور إسبانيا الراحل الجنرال "فرانسيسكو فرانكو"، الجمهورية الكتالونية، خلال الحرب الأهلية الإسبانية التى أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص.