لم تعد لديها الطاقة لتشرح تفاصيل الألم الذى لا ينتهى، فقط تكتفى بابتسامة صفراء لكل من يسألها "ورضيتى تتجوزى راجل متجوز؟"، قلبها المتهالك وأفكارها المشتتة لم تعد قادرة لتنقذها فى مثل هذه المواقف الصعبة، دائمًا ما تحاول الاختباء، وكأنها ارتكبت جريمة لن يغفرها لها المجتمع مهما قدمت من مبررات، فهى فى نظر نفسها أضعف بكثير من أن تقف أمام مجتمع يتهمها بأفظع التهم، أما هى فى نظرهم هذه المرأة المتحجرة القلب، التى ارتضت لزوجة غيرها الظلم، وقررت أن تجنى عليها بهذا الزواج، كثيرة هى الأفكار التى تدور فى ذهنها عن هذا الزواج الذى أصبح الآن وسيلة للسب والنقد والانتقام والتشفى، بدلاً من أن يكون ضهرًا يحميها من أفكار المجتمع الرجعية، حاولت أن تلبى نداء القلب، أو حتى تنقذ نفسها من شبح العنوسة، ففوجئت بالمعركة الكبرى والأقسى من كل ما كان تخشاه قبل الزواج، فكانت وصمة عار الزوجة الثانية التى لصقها بها المجتمع أصعب بكثير من أى أزمة أخرى كان من الممكن أن تخوض لو كانت هذه الزيجة لم تتم.
من قلبها الموجوع والمنهزم فى معركة العادات والتقاليد والأفكار البالية، قررت أن تخرج إلى النور هذا الألم الذى لم تعد قادرة على كتمانه أكثر من ذلك، تحاول أن تجد فى حديثها علاجًا لجرح لا يعرف أحد قسوته على قلبها الذى لم يعد يحتمل المزيد من الاتهامات، قصص حقيقة لنساء مررن بتجربة الزوجة الثانية، فكانت وصمة العار حليفتهن.
أنا زوجة تانية بس مش معيوبة وتعبت من اتهامات الناس ليَّ
"مهو أى بنت ترضى تتجوز راجل متجوز تبقى معيوبة"، هكذا بدأت شيرين عبد العزيز البالغة من العمر 28 عامًا حديثها إلى انفراد: "الجملة ديه اللى عقدتنى وكرهتنى فى حياتى كلها، أنا سعيدة مع جوزى وهو طيب بيحاول يوفق بينى وبين مراته الأولى، بس أنا فى نظر الناس وحشة وست مش كويسة عشان قررت أتجوز الراجل اللى بحبه، مش بس أهلى قاطعونى لأ وكمان أنا بقيت حاجات كتير قوى، مش بس صحابى اللى خافوا منى على أجوازهم وعاملونى كأنى حالة خاصة وإنسانة غير أمينة، ولازم يبعدوا عنى، أنا مش عارفة إيه الجريمة اللى ارتكبتها لم أكن زوجة ثانية، ده قرارى الشخصى، مش عشان أنا معيوبة ولا وحشة لأ عشان أنا بحب راجل وعايزة أعيش معاه".
تضيف: "المجتمع بيشوف الست اللى بتتجوز شيطانة عايزة تخرب البيوت وعينها فارغة، ومحدش عارف الست ديه بتحس بإيه ولا هى راضية بإيه، أنا ست زى الفل وكنت أقدر أتجوز راجل مش متجوز، بس أنا ده اختيارى لا أذيت حد ولا حتى أجبرته هو على القرار ده، هو كمان اختارنى بكامل إرادته، معرفش الناس دخلها إيه فى اختيارى ده، مش فاهمة المفروض أعمل إيه يعنى عشان أعجب الناس أو على الأقل يسبونى فى حالى، عشان أنا تعبت جداً من كل الاتهامات والكلام اللى يوجع اللى محدش فى الدنيا يقدر يتحمله، نفسى يكون ليا حياتى الخاصة اللى الناس تقدرها، نفسى الناس تفهم إن الزوجة التانية ديه مش شريرة ولا ست خرابة بيوت".
أنا الزوجة التانية المظلومة مش المفترية
"مهو لازم أتجوز عشان مبقاش عانس أو حتى فايتنى القطر، أو ماشية على حل شعرى، عشان كده أتجوزت من رجل متجوز"، كانت هى البداية لحديث امرأة كتب عليها الزمان أن تولد فى مصر، هكذا قالت سلمى محيى الدين البالغة من العُمر 33 عامًا، لـ"انفراد": "أنا مكنتش بحلم أكون زوجة تانية بس الظروف والأوضاع السيئة وأفكار المجتمع فرضت عليا الاختيار ده، أنا كبرت فى السن وكان لازم أتجوز وأبدأ مشوارى بشكل يريحنى من كل الكلام اللى حواليا ومطالباتى بإنى أتجوز وأعمل أسرة وبيت، حاولت أدور على ضل راجل ملقتش حد غيره عشان يقف جمبى واتجوزت أخيرًا عشان أتخلص من وصمة عار "إنتى عانس" بس اتفاجئت إن مش ديه النهاية، وبجوازى خرست كل الألسنة اللى اتمدت عليا من زمان، لكن اكتشفت إنى دخلت معركة جديدة خالص وهى وصمة عار الزوجة الثانية، اللى المجتمع شايفها بردو "ست مش كويسة" أو "مفترية" أو "خطافة رجالة"، وحاجات كتير مكنتش عاملة حسابها، معاركى اللى كنت فاكراها هتنتهى بمجرد إنى أتجوز وأبقى فى عصمة راجل، بس إحنا فى مجتمع مبيرحمش الست متجوزة كانت أو لأ، واللى اكتشفته إنى فى نظر أقرب الناس ليا إنسانة سيئة ووحشة ولازم نبعد عنها، مش عارفة أنا إيه جريمتى؟ ولا أنا عملت إيه عشان استحق ده كله، مش كل ست اتجوزت راجل متجوز تبقى مفترية أو مش كويسة، متحكموش على الناس من غير ما تعرفوهم وكفاية تصنيف".
أنا الزوجة الثانية اللى حاولت أهرب من العنوسة فعشت نص حياة
تحكى ريم عبد الحميد البالغة من العُمر 38 عامًا، عن تجربة الزوجة الثانية التى قادتها إلى الندم بعد عام واحد من الزواج تقول: "أنا أتجوزت من سنة واحدة تقريبًا، فى الأول مكنتش موافقة على فكرة الجواز من الراجل عنده أسرة، بس الحقيقة الوقت كان بيعدى وأنا معنديش خيارات كتيرة، وكان لازم أقبل بأحسنهم وهو كان وقتها أفضل عريس خطب على باب بيتنا، وافقت الجواز تم فى خلال شهرين من التعارف، كنت بحاول أتعود على فكرة النص فى كل حاجة، مفيش حاجة كاملة، كل حاجة كنت باخدها نص، حتى علاقته بيا كانت مش كاملة، ومع ذلك ارتضيت وعيشت، ورغم كل الوجع اللى بحس بيه عشان أنا زوجة تانية ومليش مكانة ولا اهتمام ولا حتى احترام الأولى كانت الناس مش سيبانى فى حالى، كلام ليل نهار وتلميحات، مع العلم أنا لا جريت وراه ولا قولتله أتجوزنى هو اللى طلب وقرر، ورغم كل ده مفيش رحمة حتى من أقرب الناس ليا، وكأنى مش بنى آدم ليا حقوق فى الدنيا ومن حقى أعيش على الأقل بنص راجل، كل اللى أنا عايزاه من العلاقة إنى أخلف طفل يسندنى فى الدنيا، أخرج بيه من كل الناس اللى عرفتهم، لكن لا متعة ولا حياة ولا حب من حقى أخدهم بس لأنى معايا لقب الزوجة الثانية.
تستكمل ريم حديثها بعد أن اختنق صوتها بالبكاء: "محدش عارف البيوت المقفلة فيها إيه، ولا أنا ليه رضيت إنى أكون زوجة تانية فى حياة راجل عمل أسرة من سنين، كل الحكاية إنى عايزة أكمل حياتى وأعيش زى الناس اللى محدش فيهم سايبنى فى حالى أو مقدر حتى ظروفى النفسية، كل اللى بتمناه إنى أعيش بعيد عن الناس وربنا يرزقنى بطفل يعوضنى اللى شفته سواء من الناس الأغراب أو من أقرب الناس ليا، اللى مرحمونيش عانس كنت أو زوجة تانية".
أنا زوجة تانية عشت تجربة الجواز لا دقت حلاوته ولا ادفيت فى أحضان راجل عارف قيمتى
"4 سنين مروا على ليلة الدخلة اللى المفروض أى بنت فى الدنيا بتتمناها، بس أنا طبعاً غير كل البنات لأنى تعيسة زى ما أمى بتقول عليا، عشان كده كانت ليلة عمرى ما هنساها أبداً" هكذا بدأت حنان عبد العزيز حكايتها عن تجربة الزوجة الثانية تقول: "أول ما وصلت الـ33 بدأ الكل يبصلى على إنى خلاص فاتنى القطر ولازم أتجوز، أنا كنت فى الحقيقة على علاقة عاطفية براجل متجوز كنت عارفة كل ظروفه بس كنت بحبه جداً وهو بيحبنى، كان جار خالى، كنت بشوفه من وقت للتانى، عمرى ما كنت أتخيل إنى أتجوزه كنت خايفة من أهلى ومن مراته كمان، بس كنت عايشة على أمل يحصل أى حاجة ونتجوز، تمر الأيام وتتغير الظروف ويقرر هو إننا نتجوز بس عرفى عشان أهل مراته، الدنيا انقلبت وأهلى فضلوا يرفضوا سنة بحالها لحد ما أقنعهم إنه هيضمن ليا كل حقوقى زى مراته الأولى بالظبط وتم الجواز".
تضيف "حنان": "كنت مستنية اليوم ده بفارغ الصبر مستنية أول طبطبة من إيده على كتفى، بس من اليوم الأول لحد النهاردة أربع سنين مروا وعلاقته بيا غريبة، يمكن أنا مش عارفة أكون الست اللى هو عايزاها، بس أنا مش قادرة أسيبه أو أطلب الطلاق، حبى ليه مانعنى من إنى أطلبه، وكمان مليش حد تانى لا يفهمنى ولا يسمعنى ولا حتى يقبل بطلاقى بعد الحرب اللى دخلتها معاهم عشان أتجوزه، حاولت بكل الطرق أغير علاقته بيا إلا أن علاقته بمراته الأولى رجعت زى الأول وأكتر، وأنا بقى يزورنى فى الشقة مرتين فى الأسبوع وممكن يعدى شهر ميزورنيش فيه غير 4 مرات، وكأنه متجوزنى عشان يذلنى، كل اللى جنيته إنى حبيته، وخسرت كل حاجة عشان الحب اللى ضاع من غير ما أعرف السبب، وكأنى كنت مرحلة فى حياته وخلصت، كنت بتمنى يكون زوج يحس بيا، أب وأخ وسند، بس هو خذلنى، وكأنه زهق منى، حاولت كتير أتفاهم معاه، بس كان دايمًا ينتهى الحوار بينا من غير ما أوصل لنتيجة، أنا عايشة مأساة محدش يتخيلها، كان نفسى ألاقى فى عوض عن اللى شفته، بس الظاهر إنى عشان زوجة تانية فأصبحت جزء مهمل فى حياته يرميه وقت ما يحب ويرجعله وقت ما يحب، مع إنى مراته بس هو مش حاسس ولا فاهم ولا مقدر أى حاجة مزعلانى".
أنا زوجة تانية كنت فاكرة إن ضل الراجل حتى لو مشترك أحسن من ضل الحيطة.. بس اكتشفت إنى مغفلة
رغم اختلاف بعض التفاصيل إلا أن المأساة التى عاشتها آمال السيد البالغة من العمر 37 عاماً لا تختلف كثيراً عن غيرها من الفتيات ممن خضن التجربة ذاتها، تحكى آمال: "أنا كل اللى اتربيت عليه من وأنا صغيرة هو إن الراجل هو اللى بيحمى الست وهو اللى بياخد لها حقها وغيرها من الحاجات الغلط اللى كنا فاهمينها عن الحياة، تمر السنين وحظى السيئ يخلينى أتجوز من راجل عنده أسرة تانية وزوجة عاشت معاه أكترمن 16 سنة ومفكرتش للحظة إزاى تهون عليه العشرة ويتجوز من واحدة تانية ويعيش معاها ويبدأ من جديد، بس ساعة القدر يعمى البصر، المهم اتجوزت وعدت السنين، مكنش عندى طلبات لا أشوفه ولا أشرط عليه يبات معايا ولا غيرها من الطلباتـ أنا من زمان فقدت الأمل إنى أعيش حياة طبيعية، فرضيت وخلاص، بس الحكاية موقفتش عند كده، ولا هو قدر سكوتى وتنازلتى كتير، الأصعب من كده إنى على مدار 5 سنين عمرى ما حسيت فيه إنه الراجل اللى بتمناه، ورغم إنى بقيت متجوزة، إلا إن الأربع حيطان آمن عليا من حضنه، وضل الحيطة مضلل عليا وحامينى أكتر منه، ورغم كل ده الناس شيفانى خرابة بيوت، مع إن حياتى انا اللى أتخربت، محدش بيلوم على الراجل ولا بيحاسبه كل الناس بترمى فشل الجواز على الست وكأنها مسئولة وحدها عن العلاقة، مسئولة لوحدها عن كل تفاصيلها، وكأنها مفروض تعمل كل حاجة وحقوقها مش مهم تاخدها المهم هو يكون راجل، والمهم إنهم يحكموا عليا براحتهم من غير اعتراض، انا فى نظرهم ست خرابة بيوت، بس أنا فى نظر نفسى أقل بكتير قوى من كده، أنا زوجة تانية لا طالت الجواز والسند ولا حتى إنى اعيش لواحدى من غير ما أخسر اللى بخسره فى التجربة ديه".