قضت محكمة جنح مستأنف مصر القديمة بجنوب القاهرة، أمس الأثنين، بقبول الاستئناف المقدم من الباحث إسلام بحيرى مقدم برنامج "مع إسلام" على فضائية القاهرة والناس، على حكم حبسه 5 سنوات، لاتهامه بازدراء الإسلام، وتخفيف الحكم لعام واحد، وذلك بعد أن استمرت المحكمة فى حالة انعقاد لمدة 12 ساعة، منهم ساعتين ونصف استمعت فيهم لمقيمى الدعوى والمدعى بالحق المدنى ودفاع المتهم، ومنحت ساعة ونصف لإسلام بحيرى لتترافع عن نفسه، وتقديم المستندات، وعرض الفيديوهات، ثم انتقلت هيئة المحكمة لغرفة المداولة لتصدر الحكم بعد قرابة العشر ساعات.
حضر إسلام بحيرى وعدد من أفراد الحرس الشخصى المصاحب له وفريق دفاعه برئاسة المستشار جميل سعيد، إلى محكمة مستانف مصر القديمة فى الصباح الباكر، وفى بداية الجلسة استمعت محكمة جنح مستأنف مصر القديمة بجنوب القاهرة، لمقيمى دعوى اتهام إسلام بحيرى بازدراء الإسلام، خلال نظر الاستئناف المقدم منه على حبسه 5 سنوات، والذين تقدموا بحافظة مستندات تحتوى على مذكرة للرد على دفاع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى، مؤكدا بعدم وجود شرط الوحدة بين أركان الدعوى.
وأضاف أحد مقيمى الدعوى خلال الجلسة، أن الجنحة الماثلة مختلفة اختلافا كليا عن السابقة، مؤكدا أنه عاب فى الذات الإلهية، وأنكر وجود الحور العين، كما أنكر أحكام الشريعة، ووصف الصلاة بأنها آداء حركى فقط، كما طعن فى السنة النبوية وصحيح الإسلام.
ومن جانبه تقدم المستشار جميل سعيد دفاع إسلام بحيرى، بحافظة مستندات تحتوى شهادة رسمية من نيابة جنوب الجيزة، والخاصة بحكم سابق ببراءة موكله، مؤكدا أن الواقعتين متماثلتان ولا خلاف بينهما، مضيفا أن ما آتاه المتهم هو شكل من أشكال النقض لبعض آراء الفقهاء، واصفا هذا النقض بأنه نوع من أنواع تجديد الخطاب الدينى وليس طعنا فى الدين، وفى نهاية المرافعة طالب بالبراءة لموكله متسائلا: لماذا لا يكون هو ابن تيمية الجديد؟.
كما سمحت المحكمة للمتهم إسلام بحيرى بالحديث على مدى أكثر من ساعة، قائلا: إن برنامجه للدفاع عن الإسلام فكيف أزدريه، ولو أن هناك إزدراء لكان الأولى أن يرفع دعوى ضدى، واستطرد البحيرى قائلا: "إن هناك عددا من الأئمة لا يستحقون لفظ إنسان، مضيفاً أن ابن القيم يخترع دينا جديدا، مطالبا بضرورة مراجعة ما جاء من تراث إسلامى، جاء من ورائهم، مؤكدا أن البخارى ليس ملكا لا يخطئ"، وعرض بعض المقاطع لبرنامجه على هيئة المحكمة مستشهداً بها.
كما شهدت وقائع الجلسة مشهدين مختلفين، حيث وقعت مشادة كلامية بين سيدة من أنصار الباحث إسلام بحيرى، وأحد أفراد الأمن المكلفين بتأمين جلسة استئناف حبسه 5 سنوات لاتهامه بازدراء الأديان.
جاء ذلك عقب منعها من دخول الجلسة بناءً على أوامر رئيس الهيئة الذى أمر بمنع دخول جميع وسائل الإعلام والمصورين من تغطية الجلسة، واتهمته السيدة بمحاولة تلقى الرشوة لذلك يمنعها من حضور الجلسة، ومن ناحية أخرى قال الحرس إنه سيتقدم بمذكرة سب وقذف ضدها، لسبه أمام المواطنين ووسائل الإعلام.
وجاء المشهد الآخر داخل الجلسة عندما امتلئت القاعة بالحضور، وعندما بحث المحامى محمد عسران مقيم الدعوى عن مكان للجلوس فلم يجد موضع سوى بجوار المدعى عليه إسلام بحيرى، وهو ما لاقى رفض لدى المحامى، وتوجه للبحث عن مكان أخر.
وفى آخر الجلسة قضت المحكمة بقبول الاستئناف المقدم من "بحيرى" على حكم حبسه 5 سنوات لاتهامه بازدراء الأديان وتخفيف الحكم لعام واحد.
وتعقيبا على حكم المحكمة، قال المستشار جميل سعيد دفاع إسلام بحيرى، إنه سيتقدم بالنقض على الحكم طبقاً للقانون، خلال 60 يوماً بحد أقصى.
وأضاف "سعيد" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أنه سيقيم دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا، للفصل فى التعارض الخاص بصدور حكمين مختلفين فى واقعة واحدة، حيث فسر التعارض قائلا:"إن محكمة جنح أكتوبر قضت ببراءة موكله وتم تأييد الحكم من مستأنف أكتوبر، حيث أصبح الحكم نهائياً وباتا ببراءة إسلام من تهمة ازدراء الأديان، فى حين أن جنح مستأنف مصر القديمة قضت بمعاقبته بالحبس عام فى نفس ذات الواقعة وهو ما يعتبر التباساً قانونياً يجب الفصل فيه وإزالة هذا التعارض بين الحكمين أمام المحكمة الدستورية العليا.
وعلى جانب آخر، قال المحامى محمد عسران، مقيم دعوى إزدراء الأديان ضد إسلام بحيرى، إن المتهم اعتمد على إسلوب المغالطات ونسخ الحقائق وتشويهها، معتمدًا على إسلوب الإجتزاء بطريقة انتشار البحث حتى يوقع المحكمة فى الارتباك واللغط، فرارًا من التهم المنسوبة إليه خلال مرافعته عن نفسه.
وأضاف أنه قدم مستندات تفيد انتفاء الدفع الخاص بدفاع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى محكمة جنح أول أكتوبر، والقضاء بالبراءة وتأييدها.
وأوضح أن الخصوم فى الجنحة الحالية المنظورة والجنحة السابق الفصل فيها مختلف تمامًا فى السبب والموضوع، لأن الجنحة السابقة أقيمت بسب وقذف أئمة العلماء المسلمين والفقهاء، وكذلك طعن المتهم فى أقوال الصحابى كمصدر من مصادر الفقاء، أما جنحة اليوم موضوع المحكمة مقامة بشأن ازدراء المتهم للدين الإسلامى من حيث تحدثه عن الذات الإلهية، والتحدث عنها بغير إجلال وتكذيب الآيات القرآنية وتحريفها، والقول بمضمون مغاير لمضمونه، وكذلك الطعن فى السنة النبوية وفى الإسناد الصحيح الذى يعتمد على السند والمتن بما من شأنه التشكيك فى ثوابت الدين، وإنكار ما هو معلوم بالضرورة بما من شأنه التأثير على عقول العوام من الناس والجهال وصغار السن والشباب الذين يفتقدون للحجة والرد على هذه الشبهات التى أثارها المتهم بحلقاته.
وتنفيذا لحكم محكمة مستأنف مصر القديمة بحبس إسلام بحيرى عام، قامت قوات الأمن بإلقاء القبض على المتهم وإيداعه حجز قسم شرطة مصر القديمة، تمهيدا لترحيله إلى سجن طرة، وفى لافتة إنسانية رفض الحرس المصاحب لإسلام البحيرى وضع الكلابشات فى يده، بسبب إنهياره التام وسوء حالته النفسية عقب عمله بالحكم.
كانت المحكمة بالجلسة الماضية قد أمرت بإخلاء سبيل إسلام البحيرى بكفالة 50 ألف جنيه، ويذكر أن محكمة جنح مصر القديمة قد أصدرت حكمها برفض معارضة البحيرى، وأيدت الحكم الصادر من محكمة أول درجة بسجنه 5 سنوات لتغيبه ودفاعه عن حضور الجلسة.
وكان محمد عسران، أقام دعوى تحت رقم 6931 لسنة 2015 ضد إسلام إبراهيم بحيرى هلال اتهمه فيها بازدراء الأديان، واستند فى دعواه، إلى نصوص المواد 98 و160. 161 من قانون العقوبات.