فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة وعلى رأسها وزارة الاستثمار لرفع معدل مساهمة قطاع التأمين فى الناتج المحلى للدولة والذى يقف عند حدود متدنية لا تتخطى حاجز الـ1% على الرغم من إجماع الخبراء على أهمية هذا القطاع ومراهنتهم على إمكانية رفع معدلات نموه لـ5%، بالإضافة إلى نقص الوعى التأمينى عند المواطن المصرى وعدم معرفته بمدى أهميته بالنسبة للاقتصاد، تؤكد الإحصائيات أن 90% من ممتلكات الحكومة والمتمثلة فى مبانى الوزارات والهيئات والمؤسسات التابعة لها وما بداخلها من أصول عينية لا توجد لها أى تغطية تأمينية يتم من خلالها صرف تعويض مناسب فى حال حدوث أى كارثة أو أخطار طبيعية.
قال شريف سامى، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن معظم المبانى الحكومية خارج التغطية التأمينية ولا يوجد ما يلزم الحكومة بعمل هذه التغطيات فهو أمر اختيارى مرهون بقدرة أى وزارة أو هيئة حكومية بتوفير بند خاص من ميزانيتها لدفع أقساط التأمين، ولذلك سبق لنا أن قمنا منذ عامين بتقديم مقترح للتأمين حتى ولو على المنشآت التاريخية فقط مثل القصور والمتاحف لما تحويه من مقتنيات لا تقدر بثمن، وذلك من خلال فرض رسم بسيط على التذاكر التى يدفعها الجمهور المتردد على تلك المناطق السياحية والتاريخية، على أن يمثل ذلك قسطا يسدد لصالح مجمعة تأمين تشبه مجمعة القطارات والمترو وتوجه لتقديم التعويضات لحماية المتاحف لأنه فى حالة وجود تعويض سيتم توجيهه إلى إصلاح ما تم إفساده وتدميره وسيخفف من حدة الأزمة.
ويضيف جمال عبد العال، خبير تأمينى، أن 90% من الوزارات والهيئات والمؤسسات التابعة للحكومة لا تحظى بأى تغطية تأمينية بما فيها أيضا قصور الرئاسة على الرغم من أهمية وجود مثل هذه التغطيات التأمينية التى يمكن أن تقلل من حجم الخسائر الناتجة فى حال حدوث أى كارثة وعلى رأسها الحرائق ولهذا يجب على الحكومة أن تنتبه لأهمية عمل هذه التغطيات ودراسة سن قانون يلزم جميع الهيئات التابعة لها بالتأمين وعرضه على مجلس الشعب القادم لإقراره.
وقال علاء الزهيرى، العضو المنتدب للمجموعة العربية المصرية للتأمين "gig"، أصبحت تكلفة إعادة الشىء إلى أصله تكلفة عالية جدا وخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، ولذلك فإن التأمين على المبانى الحكومية يلعب دورا هاما فى تلافى كافة المشاكل التى تنشأ عند وقوع حوادث تؤدى إلى قيام الجهات الحكومية المالكة لهذه المبانى القيام بإعادة هذه المبانى إلى أصلها قبل وقوع الحادث.
ولفت الزهيرى إلى أنه لا يجب أن يقتصر التأمين على المبانى الحكومية فقط، وإنما يجب أن يمتد إلى التأمين على كافة المرافق التى تديرها الحكومة مثل محطات الكهرباء، فمن المعروف أن تكلفة اقامة محطات الكهرباء تتجاوز مليارات الجنيهات ومعظم مكونات هذه المحطات يتم استيرادها من الخارج وبعد فترة التشغيل قد تكون هذه المحطات معرضة لبعض المخاطر مثل الحريق أو الأعطال الميكانيكية مما يؤدى إلى توقفها بالكامل أو توقف بعض أجزاء منها.
ونوه عن أنه يوجد العديد من وثائق التأمين التى يمكن أن تقوم بتغطية هذه المخاطر سواء منفصلة أو مجتمعة بمعنى أنه يمكن إصدار وثائق لتغطية أخطار الحريق والأخطار المصاحبة لها بوثيقة منفصلة أو إصدار وثيقة عطل ماكينات بوثيقة منفصلة أو إصدار وثيقة لتغطية جميع الأخطار التى قد تتعرض لها هذه المحطات.
وتابع الزهيرى: يمكن أن تمتد هذه الوثائق لتغطية الخسارة المالية الناتجة عن توقف هذه المحطات بحيث لا تفقد الدولة أية موارد ناتجة عن توقف هذه المحطات فتقوم شركة التأمين بدورها فى سداد التعويض الخاص بالأضرار التى تصيب المحطة وإنما يمتد دورها لتعويض الخسارة المالية التى تتحملها الدولة نتيجة عدم بيع الكهرباء للمستهلكين، ويجب أن يتم إجراء التعديلات القانونية اللازمة لتشجيع الحكومة على التأمين على المبانى الحكومية ولكافة المواقع التى تديرها الدولة فإذا كان القانون حاليا يستلزم أن يكون التأمين بموافقة وزير المالية فيجب تعديل القوانين، بحيث تكون هناك مرونة فى اتخاذ القرار من موظفى الدولة لإبرام التأمين على المبانى الحكومية والمواقع الهامة.
كما طالب عبد الرؤوف قطب، رئيس الاتحاد المصرى للتأمين، بضرورة إصدار تشريع قانونى للتأمين على المبانى الحكومية ضد الأخطار، التى تتعرض لها نظرا للقيمة التاريخية التى تتمتع بها تلك الأبنية وضرورة الحفاظ على مقتنياتها، وأنه يجب على شركات التأمين أن تقوم بدورها فى حماية تلك المبانى خاصة مع عدم قدرة الحكومة على تحمل تعويضاتها أو حمايتها فى حال تعرضها لأخطار مثل الحريق، ولفت إلى أنه سبق أن قام الاتحاد بمناقشة حول مشروع قانون يقضى بالتأمين على المنشآت الحكومية من خلال لجنة تأمينات الحريق بالاتحاد.
وأشار حمدى عبد المولى، وسيط تأمينى، إلى أن المبانى الحكومية المؤمن عليها لدى شركات التأمين تقتصر فقط على المبانى التابعة لوزارة المالية ومبنى قصر عابدين، إضافة إلى محتويات مجلس الشورى، وطالب بأن يكون التأمين إجباريا من خلال قرارات وزارية وذلك لحماية الممتلكات.
ولفت عبد المولى إلى أنه على الرغم من وجود عوائق فى موازنة الوزارات لا تسمح بوجود بنود صرف خاصة لأقساط التأمين على المبانى إلا أنه توجد حلول كثيرة من الممكن تقديمها للمسئولين لحل هذه الجزئية دون تحمل أى أعباء مالية، وبالتالى فلن تتحمل الموازنة العامة للدولة أعباء إضافية وفى نفس الوقت تتم حماية جميع المنشآت الحكومية من حالة وقوع أى أضرار مادية عند حدوث حريق أو غير ذلك، وما حدث لقاعة المؤتمرات الكبرى ليس ببعيد، ومنها ما يتم بحثه حاليا مع وزير الشباب والرياضة بإمكانية التأمين على الوزارة وجميع الاستادات دون تحمل أعباء إضافية.