- طارق قابيل: دخول الأسواق العالمية يحتاج جهود مستديمة
أكد المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة على أهمية تعزيز التكامل الاقتصادى الأفريقى من خلال تقوية سلاسل القيمة المضافة الإقليمية وربطها بالسلاسل العالمية بشكل مباشر، الأمر الذى يسهم فى تعزيز الإنتاجية والتنافسية وتطوير المهارات وتنويع الصادرات، وتطوير الأسواق وتعزيز التجارة البينية، وبالتالى خلق فرص عمل وزيادة الدخل وتخفيف حدة الفقر والمساهمة فى تحقيق النمو الشامل لجميع دول القارة.
وقال إن مشاركة الدول الأفريقية فى سلاسل القيمة العالمية لا تزال محدودة، كما أن أكثر من ثلثى تلك المشاركة مرتبط بالدول الغنية فى الموارد الطبيعية فى القارة فى ضوء الاعتماد الكبير على القطاعين الزراعى والتعدينى وانخفاض مستويات التصنيع، وذلك على الرغم من تحقيق أفريقيا معدلات نمو سنوية تبلغ حوالى 6% خلال معظم العقد الماضى وهناك 6 اقتصاديات أفريقية ضمن أسرع 10 اقتصادات نموا فى العالم خلال هذه الفترة، مشيراً إلى أنه من الممكن أن تصبح أفريقيا أحد أقطاب النمو العالمى خلال جيل واحد وذلك بتحقيق التشابك اللازم للاقتصادات الإقليمية .
جـاء ذلك خـلال كلمـة الوزيـر أمـام الجلسـة العامـة لمؤتمر الاستثمار فى أفريقيا فى يومه الثانى والتى عقدت بمدينة شرم الشيخ تحت عنوان "التصنيع.. وتقوية سلاسل القيمة المضافة الإفريقية"، وشارك فى هذه الجلسة إلى جانب الوزير فرانسوا كانيمبا وزير التجارة والصناعة الرواندى والدكتور منصور مختار نائب رئيس البنك الإسلامى للتنمية واشوك تاكور شركة ماهيندارا الهندية، أدار الجلسة مارك إددو مراسل سابق بالـ بى بى سى.
وأشار الوزير إلى أن هناك العديد من العقبات والمشاكل الهيكلية التى تواجه اندماج الدول الأفريقية فى سلاسل القيمة سواء الإقليمية أو العالمية تتمثل فى الإجراءات الجمركية والإدارية العقيمة، واللوائح المعقدة وضعف خدمات البنية التحتية وضعف الروابط بين الأنشطة الزراعية والصناعية، مطالباً الحكومات الإفريقية بدعم المبادرات الخاصة بتنمية سلاسل القيمة، وذلك من خلال إنشاء نقاط مركزية للتنسيق والرقابة على كافة القوانين واللوائح التنظيمية التى تؤثر مباشرة فى سلاسل القيمة، إلى جانب إقامة مشروعات مشتركة بين القطاعين العام والخاص للاضطلاع بجمع البيانات بانتظام ورصد وتحليل العوامل التى تؤثر فى أداء سلاسل القيمة، الأمر الذى يتطلب انتهاج حكومات الدول الإفريقية نهجا أكثر شمولية وأكثر تركيزا على سلاسل القيمة، فى إطار مفاوضات التجارة الدولية للتأكد من اتساق الاتفاقيات التجارية بشكل أكبر مع مساعيها للاندماج فى سلاسل القيمة المضافة العالمية .
وأشاد قابيل فى هذا الصدد بمبادرة مفوضية الاتحاد الإفريقى التى تدعم المساعى المشتركة لزيادة الاعتماد على سلاسل القيمة، وذلك من خلال إعداد دراسة جدوى هامة بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائى بشأن إقامة مركز التميز للأسواق الأفريقية الشاملةAfrican Inclusive Markets Excellence Centre (AIMEC) الذى من المنتظر أن يصبح المنبر الأفريقى الأول المعنى بتطبيق هذه المبادرة.
ولفت الوزير إلى أهمية القضاء على العقبات التى تواجه نمو سلاسل القيمة المضافة، مستشهداً بتقارير البنك الدولى فى هذا الصدد والتى أفادت بأنه إذا قلصت كل الدول العقبات التى تواجه سلاسل القيمة بمقدار النصف، فإن إجمالى الناتج المحلى العالمى يمكن أن يزداد بنسبة 4.7% بينما ستزيد التجارة الدولية بمقدار 14.5% وهو ما يزيد كثيرا من المزايا التى قد تحققها إزالة كافة الرسوم الجمركية على الواردات، حيث إن إلغاء كافة الرسوم الجمركية يمكن أن يؤدى فقط إلى زيادة الناتج المحلى العالمى بنسبة 0.7%، وزيادة التجارة الدولية بنسبة لا تزيد عن 10%، مشيراً إلى أن تخفيض العقبات أمام سلاسل القيمة يتسم بالفاعلية لأنه يقضى على إهدار الموارد ويقلص التكاليف على الشركات التجارية، ومن ثم يخفض أسعار السلع للمستهلكين وللشركات وهو أمر هام للغاية لرفع تنافسية الأعمال فى الأسواق الأفريقية وتحسين قدرة الاقتصادات الوطنية على المنافسة، فضلاً عن إزالة العقبات التى تحول دون إشراك الشركات الصغيرة والمتوسطة فى شبكات القيمة بما يسهم بخلق المزيد من فرص العمل وخفض معدلات البطالة التى تعانى منها كافة الدول الأفريقية.
وحول مدى فعالية الإجراءات والمبادرات المشتركة فى أفريقيا فى تحقيق الاندماج مع سلاسل القيمة المضافة العالمية، أوضح وزير التجارة والصناعة أن هناك العديد من الإجراءات التى يتم اتخاذها سواء على المستوى القومى أو الإقليمى، فالحكومة المصرية تنفذ استراتيجية ترتكز على عدة دعائم تتضمن تعزيز التجارة القائمة على الصادرات الموجهة وتدعيم القدرات الإنتاجية وإنشاء صناعات ذات تكنولوجيا عالية وتعزيز التنوع الاقتصادى والعمل على تكامل الصناعات المصرية فى سلاسل القيمة العالمية خاصة فى صناعة السيارات والصناعات المغذية لها والنقل اللوجستى والبنية التحتية، كما تستهدف الحكومة تنفيذ خطة طموحة للاستفادة من إحدى كبريات الشركات العالمية العاملة فى مجال اللوجستيات والتى تمتلك معرفة متقدمة فى العمليات الجمركية واللوائح التجارية، ومراكز التخزين حول العالم، ونهدف عن طريق هذا التعاون إلى إقامة مراكز لوجستية تخدم وتعزز علاقاتنا التجارية مع الدول الأفريقية.
وأضاف أن الوزارة تسعى من خلال برنامج تنمية سلاسل القيمة إلى تمكين عدد كبير من الشركات فى قطاعات الصناعات الكيميائية، الهندسية، الغذائية، الزراعية والنسيجية على زيادة قدراتها التنافسية وخفض التكاليف، وتحسين حصصها فى السوق، من خلال تعزيز التكامل الرأسى، وتحسين الروابط التجارية بين الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتعزيز القدرة التنافسية للصناعات المصرية المغذية وخلق قاعدة قومية لموردين مغذيين لأهم المصنعين المحليين والعالميين، مشيراً فى هذا الصدد إلى أن مصر تحتل المرتبة الخامسة ضمن قائمة الدول المصدرة للملابس الجاهزة للسوق الأمريكى.
وحول دور الدولة فى أفريقيا لتشجيع التصنيع والمشاركة فى سلاسل القيمة العالمية، أوضح قابيل أن التجارب أظهرت أن دخول الأسواق العالمية لا يحدث ببساطة أو عن طريق الصدفة، انما تكون من خلال جهود مستديمة ومن نتاج التخطيط الدقيق والتنفيذ وتنطوى على تعاون وثيق بين الحكومة والقطاع الخاص، مشيراً إلى أن دور الدولة فى هذا الإطار سيكون حاسما فى عدد من المجالات وذلك على النحو التالى:
- الحد من تكلفة ممارسة الأعمال التجارية من خلال توفير البنية التحتية وخلق بيئة تنافسية والعمل على إزالة تشوهات السوق وبناء الاقتصاد القائم على المعرفة الذى يعمل على تشجيع أنشطة البحث والابتكار.
- تطوير النقل وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والبنية التحتية، لتحسين فرص زيادة التجارة الداخلية والمشاركة فى سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية.
- دعم جودة التعليم وضمان وجود العمالة الماهرة والمدربة، فعلى الرغم من أن القارة حققت تقدما كبيرا فى تحسين فرص الحصول على التعليم الابتدائى، إلا أن معدلات الالتحاق بالتعليم العالى منخفضة بشكل مخيب للآمال.
- خفض الحواجز التجارية، حيث تشير التقديرات إلى أن من 60% إلى 90% من تكاليف التجارة تتعلق بالتدابير غير الجمركية.
- تقديم حوافز ومساندة تفضيلية لسلاسل القيمة التى تنجح فى التعامل مع قضايا الاستدامة والفعالية على مستوى القدرة على التكيف والمسؤولية الاجتماعية والكفاءة البيئية وتطبيقها فى مستوى عملياتها اليومية.
وواصل الوزير مباحثاته المكثفة التى أجراها مع عدد من وزراء التجارة والاقتصاد المشاركين فى فعاليات المؤتمر، حيث التقى مع تشارلز موجياجى وزير الصناعة والتجارة والاستثمار التنزانى، حيث تناول اللقاء سبل دعم العلاقات التجارية بين البلدين خاصة فى ظل جهود الجانب المصرى لتنمية العلاقات المشتركة من خلال إنشاء مكتب تجارى جديد بالعاصمة التنزانية دار السلام، وإنشاء خطوط ملاحية مباشرة ومراكز لوجستية لتوسيع حجم العلاقات المشتركة خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف قابيل أن اللقاء استعرض أيضا رغبة الجانب التنزانى فى الاستفادة من الخبرة المصرية فى 3 قطاعات صناعية رئيسية شملت صناعة الجلود والصناعات النسيجية إلى جانب التصنيع الزراعى، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على إيفاد وفد من رجال الأعمال التنزانيين لزيارة عدد من المصانع المصرية للوقوف على الإمكانات التصنيعية المتوافرة فى مصر.
كما التقى الوزير ستيفن سانو وزير تجارة بوركينافاسو، حيث اتفقا على تشكيل مجلس رجال أعمال مشترك بين الجانبين لتسهيل تدفق وانسياب حركة التجارة البينية والاستثمارات المشتركة أيضاً، هذا فضلا عن بحث عقد اللجنة المشتركة بين البلدين والتى عقد اخر اجتماع لها منذ 6 سنوات.
وأشار إلى أن وزير التجارة البوركينى وجه له الدعوة لزيارة بوركينا فاسو نهاية شهر أكتوبر المقبل للمشاركة فى افتتاح معرض للحرف اليدوية.
واختتم المهندس طارق قابيل مباحثاته بلقاء لوك ماجلوير وزير التجارة الكاميرونى، حيث بحثا الوزيران دفع العلاقات الاقتصادية إلى آفاق آرحب خلال المرحلة المقبلة وبصفة خاصة فى المجال الصناعى حيث أبدى الجانب الكاميرونى رغبته فى الاستفادة من الخبرات التصنيعية المصرية بهدف زيادة إنتاجية مختلف القطاعات الصناعية الكاميرونية، إلى جانب بحث عقد اللجنة التجارية المشتركة وتشكيل مجلس رجال أعمال.