"كُتب عليهم الشقاء أينما وجدوا" قد يكون ذلك تعبيرًا مختصرًا عن أحوال اللاجئين السوريين فى عدد من البلاد التى سافروا إليها فرارًا من أهوال الحرب الدائرة فى بلادهم، وكلما ظنوا أن أحوالهم استقرت يفاجئون بعقبة جديدة، آخرها استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريرى، التى تهدد أكثر من مليون لاجئ يتواجدون فى لبنان التى تعانى حاليا من توترات على الساحة السياسية لتُثار التكهنات حول المصير الغامض لرأس الجهاز التنفيذى ومن هى الشخصية القادمة وكيف ستتعامل مع قضيتهم؟.
بشكل عام يسرى تساؤل فى أوساط اللاجئين السوريين فى لبنان عن مصيرهم خاصة أن الأحاديث حول تشكيلهم عبء كبيرة على موازنة الدولة اللبنانية لم تكف طوال الفترة الماضية، وهذا ما أوضحه وزير الاقتصاد اللبنانى رائد خورى فى مؤتمر صحفي عقده حول تأثير النزوح السورى على الاقتصاد اللبنانى فى 22 أكتوبر الماضى، قائلاً : الأزمة فى سوريا كلفت لبنان قرابة 18 مليار دولار من عام 2011 حتى هذه الأيام، لافتًا إلى أن اليد العاملة السورية زادت حتى وصلت إلى 380، وفى الوقت نفسه نسبة البطالة بين اللبنانين تصل لـ 30% بسبب تواجد النازحين السوريين.
وتحدث وزير الاقتصاد اللبنانى عن بعض النقاط التفصيلية مثل أن لبنان يستقبل مقارنة مع عدد سكانه النسبة الأعلى للنازحين في العالم وتبلغ 35%، لافتًا إلى أن راتب النازح السورى يبلغ 278 دولارا أى بنسبة 50% أقل من الحد الأدنى للراتب اللبنانى، مضيفًا: توجد حالة نزوح اقتصادى وليس أمنى أو سياسى ولبنان لم تعد تحتمل المزيد لذا يجب تطبيق القانون الذى ينص على أن العمال السوريين يحق لهم وفقا للقانون العمل فقط في 3 قطاعات هى البناء والزراعة والنفايات، مشيرًا إلى أنهم يعملون فى قطاعات مختلفة خلافا للقانون.
وبالتوازى مع تصريحات المسئولين اللبنانين عن استيائهم من تدفق اللاجئين، تحدثت تقارير متنوعة بالصحف اللبنانية عن رغبتها فى العودة إلى ديارهم مع الظروف الصعبة التى يعيشوها لكن الأوضاع الأمنية تمنعهم من ذلك إلا أنه فى الوقت نفسه بدأت أحاديث إعادتهم قصرًا تأخذ منحنى جديد داخل دوائر المسئولين فى لبنان، وهذا ما تحدث عنه فى 14 يوليو رئيس الحكومة المستقيل فى تصريحات نقلتها وكالة رويترز نصها :"إن لبنان لن يتعامل مع أي جهة بشأن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم باستثناء الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة"، وجاء حديث الحريرى بعد أيام من مغادرة عدد من اللاجئين إلى سوريا وفق اتفاق توسطت فيه جماعة حزب الله اللبنانية.
وقال رئيس الوزراء المستقيل خلال اجتماع للجنة التوجيهية العليا للنازحين:"نحن ندعم العودة السريعة والآمنة للنازحين السوريين ومع ذلك فإننا لن نجبر تحت أي ظرف النازحين السوريين على العودة إلى سوريا".. ومع وضوح موقف الحريرى من قضية اللاجئين السوريين كانت هناك حالة من الاختلاف الشديد بين الساسة اللبنانين حول طريقة التعامل المباشر للبنان مع الحكومة السورية من أجل إعادة اللاجئين ورغم ذلك فإن حالة الحياد التى تتبعها الدولة اللبنانية تجاه الأزمة السورية لم تتغير لكن بعد الاستقالة لم تتضح الأمور هل سيستمر الوضع على هذا النحو أم أن تدخل أطراف أخرى قد يقلب الأوضاع؟.
وفى ظل تزايد المخاوف من اندلاع مناوشات طائفية فى لبنان مع الدور الذى يلعبه حزب الله "ذراع إيران فى لبنان" قد يضطر اللاجئون إلى التفكير بشكل جدى فى عدة خيارات منها العودة مجددًا لسوريا أياً كانت الأوضاع بعد سنوات المعاناة بالغربة ويحاولون الاندماج والعيش على ما تبقى من أطلال فى وطنهم الذى دمرته الحرب طيلة السنوات الماضية أو أن هناك سيناريو آخر متمثل فى اللجوء إلى فكرة إعادة التوطين فى مكان آخر حال تعقد الأوضاع، وهذا يعنى أنهمسيبدؤونمن الصفر مجددًا من أجل البحث عن موطن جديد يعيشون فيه؟.. وينتظر الجميع ما ستسفر عنه الأيام القادمة داخل بلاد الأرز.