سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 11 نوفمبر 1962.. وفاة المقرئ الأسطورى عبدالفتاح الشعشاعى الذى سجل للإذاعة بفتوى شيخ الأزهر

حين رحل الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى يوم 11 نوفمبر «مثل هذا اليوم» عام 1962، كانت دولة تلاوة القرآن الكريم فى مصر تفقد «المقرئ الأسطورى الذى يحرك جميع الجوارح خاصة عندما كان يتسلطن فى شبابه»، حسب وصف الناقد والمؤرخ الفنى كمال النجمى. «هو المقرئ الذى صعد السلم درجة درجة، حتى بلغ فى النهاية آخر درجاته وحوله هالة ضخمة من المجد»، حسب رأى محمود السعدنى فى كتابه «ألحان السماء» عن «كتاب اليوم- أخبار اليوم- القاهرة» مضيفا: «عاش طويلا وعلى الرغم من ذلك ظل محتفظا بصوته العميق القوى حتى مات، وكان باستطاعته وبدون مكبر صوت، أن يقرأ فى ألوف الناس ولساعات طويلة دون أن يحس إرهاقا، له لون خاص فى التلاوة فهو لم يقلد أحدا ممن سبقوه، ولم يظهر من حاول تقليده والسبب، أن الطريقة التى يقرأ بها تحتاج إلى صوت قوى فتى». أما الكاتب والشاعر إبراهيم دواد فيراه «واحد من الذين جعلوا مدرسة التلاوة المصرية شاهدة على رقة وعظمة ومحبة المصريين، يقرأ فتشعر بطزاجة القرآن، هو ينهل من كل ما هو جميل فى الكون، هو غير معنى بشىء آخر غير نقل المعنى بطريقة نقية، وصوت نقى وروح طيبة، صوته» فلاحى «أصلى يجمع بين آلتى التشيلو والأرغول، قادم من دهاليز الحكمة المجردة والحسم المحبب، لا يبحث فى النغم قدر ما يبحث فى المعنى، متدفق مثل مياه النيل وقوى وحنون فى الوقت نفسه» «طبعا أحباب - جولة فى حدائق الصادقين - أخبار الأدب - 14 أكتوبر 2017»، ويذكر الدكتور نبيل حنفى محمود فى كتابه «نجوم العصر الذهبى لدولة التلاوة» عن «كتاب اليوم- القاهرة»: «كانت مساحته لا تقل قليلا عن ديوانين كاملين، أى 16 مقاما منتميا إلى فئة الجهير الأول «البارتيوت» من أصوات الرجال، وهو صوت واضح القرار والجواب، سليم النبرات صعودا وهبوطا، عريضا مترامى المساحة». هذا التفرد فى صوت «الشعشاعى»، جاء فى سياق تاريخى يذكره «حنفى محمود» قائلا: «لاحت بشائر العصر الذهبى لدولة التلاوة فى نهايات القرن التاسع عشر، عندما ظهرت مجموعة من القراء، ضمت شيوخا مثل الشيخ محمود القيسونى وحنفى برعى وحسين الصواف وأحمد ندا، فبددت ما ران على دولة التلاوة من جمود فى أعقاب الاحتلال العثمانى لمصر، حيث ابتكروا فى ترتيل القرآن الكريم ما لم يسمع به الناس من قبلهم، وذلك بإدخالهم فى تنغيم آيات القرآن، مع العناصر الأساسية لتلاوته، تلك العناصر التى شملت الاهتمام بحفظ الأطفال للقرآن فى المكاتب «الكتاتيب فى العامية»، والاعتناء بتدريس علوم القراءات فى الأزهر وبعض المعاهد العلمية كالجامع الأحمدى فى طنطا، وتصدر القراء لجميع المناسبات، دينية أو دنيوية». هو صاحب قصة كفاح منذ أن كان فتى ريفيا هاجر من قريته «شعشاع» بمحافظة المنوفية إلى القاهرة عام 1916 «مواليد 12 مارس 1890» حسب «حنفى محمود» مؤكدا، أنه استقر فى الدرب الأحمر ولازم خلال إقامته بالقاهرة الشيخ على سبيع أحد مشاهير قراء تلك الفترة، وأصبح معروفا فى كل القاهرة، ثم عرف الشهرة عامة مع وفاة الملك فؤاد الأول فى 28 إبريل عام 1936، حيث أقيم المأتم فى قصر عابدين، وأحياه كل من الشيخ محمد رفعت، على محمود، محمد الصيفى، عبدالفتاح الشعشاعى، ونقلت الإذاعة المأتم من القصر، وبعدها فى شهر مايو بدأت تلاوته بشكل منتظم فى الإذاعة». ويؤكد «حنفى محمود»، أن الشعشاعى وافق على التسجيل للإذاعة، بفتوى من شيخ الأزهر الإمام مصطفى المراغى، بأنها ليست محرمة أو مكروهة، وهى الفتوى التى ألغت أخرى سابقة من الأزهر أيضا فى مطلع ثلاثينيات القرن الماضى، لكنها كانت على النقيض، وصدرت وقت أن كانت الإذاعة أهلية، وظل الشعشاعى ملتزما بها بالرغم من إلغاء هذا النوع من الإذاعة وجعلها حكومية فى مايو 1934، والمعروف أن الشيخ محمد رفعت ظل على موقفه الرافض حتى رحيله فى 9 مايو 1950. انتقلت شهرة «الشعشاعى» إلى الدول العربية والإسلامية، ويذكر «حنفى محمود»، أنه أتيحت له فرصة لم تتح لغيره عام 1948 حينما كان يؤدى فريضة الحج للمرة الثانية، وتصادف أن أدخلت الحكومة السعودية نظام الإذاعة الداخلية «مكبرات الصوت» فى الحرمين بمكة والمدينة، وقرأ على جموع الحجاج يتقدمهم العاهل السعودى الملك عبدالعزيز بن سعود، وفى نفس العام «1948» سافر برفقة الشيخ أبوالعينين شعيشع إلى العراق لإحياء مأتم ملكتها «علياء»، وبلغ حب الناس بصوته حد كسر أحد ضلوعه، عندما تزاحم الجموع فى مسجد «الأحمدية» ببغداد لمصافحته.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;