بنزيف في المخ وكسور متفرقة بالجسم رحلت الطفلة "فريدة عطا الله" فى سن الرابعة بعدما دهسها أتوبيس المدرسة داخل فناء مدرسة خاصة فى محافظة الفيوم، أثناء عودته للخلف قبل خروج الطلاب، الطفلة "فريدة" انضم اسمها لسجل ضحايا إهمال أتوبيسات المدارس ومشرفيها، ويدفعنا إلى فتح ملف "أتوبيس المدرسة" الذى أحيانًا لا يكون وسيلة الأطفال للانتقال إلى مدارسهم وإنما ينقلهم إلى الدار الآخرة.
شكاوى الأهالى من إهمال سائقى أتوبيس المدرسة لا تصل أحيانًا إلى صفحات الجرائد والرأى العام لأن القدر يشاء أن ينقذ الطفل فى اللحظة الأخيرة فيقنعهم المحيطون بهم أنها "جت سليمة" وتنتهى المشكلة بالتراضى بين الطرفين، إلا أن هذا لا يحل الأزمة ويظل أتوبيس المدرسة قنبلة موقوتة على الطريق، فيما يعانى الأهالى الأمرين بين القلق على حياة أطفالهم ومحاولة تقديم المزيد من المال للسائق أو المشرفة للتأكد من اهتمامهم بأطفالهم.
"انفراد" تحدث إلى عدد من أولياء الأمور حول المشكلات التى تواجههم مع "أتوبيس المدرسة"..
بسنت: "ابني طار من الأتوبيس وقعد أسبوعين ما بيتكلمش"
ما إن يذكر "أتوبيس المدرسة" أمام "بسنت محسن" الأم لطفلين حتى تقفز إلى ذهنها فورًا تلك الحادثة المؤسفة بكل تفاصيلها كأنها حدثت بالأمس، وتقول لـ"انفراد": "بعد أسبوع واحد من بدء الدراسة وقعت هذه الحادثة لطفلى الذي ألحقته بنفس المدرسة التي يدرس فيها شقيقه الأكبر، كان سنه 3 سنوات إلا شهرين فألحقناه بمرحلة ما قبل الحضانة (Pre K.G)، وكان أتوبيس المدرسة ببابين وأدخلوا ابني من الباب الأول وأجلسوه إلى جوار الباب الثاني الذي لم يتأكدوا من إغلاقه جيدًا، الطفل استند على الباب فطار خارج الأتوبيس والمشرفات لم ينتبهوا إليه إلا بعد صراخ أخوه المتواصل ولم يعودوا للبحث عنه إلا بعد ربع ساعة".
هذه الحادثة المفزعة للصغير خلفت له تجمعًا دمويًا في الرأس وجلط ظهره بالكامل وذراعيه، إلا أن أثرها النفسي كان أبلغ، وتقول الأم: "قعد أكثر من أسبوعين ما بيتكلمش نهائيًا"، إلا إنها تؤكد أن هذه "المصيبة" لم تكن الوحيدة فى سجل تلك المدرسة بأسيوط، والتى اكتشفوا فيما بعد أنها ليست فرعًا لمدرسة أخرى معتمدة فى القاهرة كما أوهموهم وإنما هي مدرسة غير مرخصة وتم إغلاقها ونقل الأطفال إلى مدارس أخرى".
سارة: وضعوا ابنى على الطريق وتركوه يعبر بين السيارات
سيناريو مرعب تتخيله "سارة سامى" الأم لثلاثة أطفال لو أن القدر لم يتدخل وينقذ طفلها الأكبر في اللحظات الأخيرة بعدما تركه سائق سيارة الحضانة على الطريق وبدأ يعبر الشارع وحده، وتحكى الأم تفاصيل ما حدث لـ"انفراد"، بقولها:" من المفترض أن تسلمنا الحضانة الطفل يوميًا أمام باب البيت، ويكون أحدنا في انتظاره لاستلامه إلا أن الحضانة دون سابق إنذار استغنت عن المشرفة وأصبح السائق وحده يقوم بعملية توصيل الأطفال دون أن تكون برفقتهم مشرفة داخل السيارة".
وتضيف الأم: "فى أحد الأيام توقف السائق في الجهة الأخرى من الشارع ترك الطفل البالغ من العمر 4 سنوات يفتح الباب بنفسه وينزل من السيارة دون حتى أن يطلب منه ألا يحاول عبور الطريق وانطلق مسرعًا، أما الطفل فرأى جده فى الجهة المقابلة فحاول بعفوية عبور الطريق وكادت سيارة أن تصدمه لولا توقف سائقها على بعد سنتيمترات من الطفل".
وأوضحت أنهم حين حين توجهوا للحضانة للتقدم بشكوى والسؤال عن سبب غياب المشرفة، أخبروهم أنهم استغنوا عنها ولن يعينوا أخرى فى الوقت الحالى، مما اضطرهم لسحب الطفل من الحضانة وإلحاقه بأخرى.
سالى: "المدرسة تترك ابنتي ساعتين لأنهم مستخسرين مرتب سواق ومشرفة زيادة"
بعناية، اختارت "سالى حجازي" المدرسة الجديدة لطفلتها بحيث تكون في نفس المنطقة "يادوب شارعين" إلا أن هذا لم يخفف معاناتها مع أتوبيس المدرسة وتحكى: "دفعت اشتراكًا باهظًا للأتوبيس لأن معى طفل رضيع ولن يمكننى النزول يوميًا لاستلام طفلتى، ورغم أن البيت يبعد شارعين فقط عن المدرسة كانت الطفلة تتأخر ساعتين بعد انتهاء اليوم الدراسي حتى تصل إلى البيت لأن المدرسة ترفض أن تخصص دورتين سيارة لنفس المنطقة ويوصلوا الأطفال القريبين من المدرسة فى نهاية الدورة قبل عودة الأتوبيس للمدرسة".
وتضيف: "ابنتى كانت فىKG1ويومها الدراسى ينتهى الساعة 2 ، إلا إنها تصل البيت في الرابعة مرهقة جدًا وأحيانًا نائمة لأن المدرسة "مستخسرة مرتب سواق ومشرفة زيادة" وحين تقدمنا بشكوى للمدرسة تعاملت معنا بعجرفة لأنهم يعرفون أننا لن نسحب أولادنا منها بعدما سددنا المصروفات".
أولياء أمور: الاشتراك نار والمدارس تستخدمه للتحايل على القانون
تلفت "سالى" النظر إلى مشكلة أخرى، قائلة:" بعدما حددت وزارة التربية والتعليم نسبة المصروفات القانونية لجأت الكثير من المدارس إلى زيادة مصروفات الأتوبيس بشكل مرعب لأنه لا يوجد قانون يحكم المصاريف الأساسية للأتوبيس، ومعظم أولياء الأمور مضطرين للدفع فتحول الأتوبيس إلى وسيلة للتحايل على القانون".
وتتفق معها "هدى هشام" التي تقول: "السنة الماضية كان اشتراك الأتوبيس 4 آلاف ونصف ولكنه هذا العام 9 آلاف، وأتوبيسات غير مكيفة. ولكنها تستدرك "بس من ناحية الإشراف والأمان ممتازين"، على عكس "إيمان عبدالهادى" التى أوضحت أن اشتراك الأتوبيس فى مدرسة ابنتها 5 آلاف جنيه ولا توجد مشرفات ودائمًا ما يتعطل والأطفال تتكدس فوق بعضها والوضع سئ جدًا.
معالي: السائق والمشرفة يساوموني على المال ليقربوا المسافة لي
على الرغم من أن "معالى أنيس" تدفع اشتراكًا قدره 3700 جنيه لأتوبيس المدرسة إلا إنه لا يمر أمام بيتها بسبب "خط السير" وتقول: "أضطر للمشى شارع طويل كى أصل للبنت وكى أوصلها للأتوبيس، وحين بدأت أعطي السائق والمشرفة أموالاً إضافية أصبحوا يقربوا لى المسافة في المنتصف، وهذا العام فوجئت بالمشرف تقول لى "معلش قولى للسواق اديتينى فلوس ولا لأ عشان مش مصدقنى".