أكد تامر النجار، الرئيس التنفيذى الجديد للغرفة التجارية الأمريكية بمصر، على الدور المحورى للقطاع الخاص فى تطوير الأداء الاقتصادى المصرى، معربا عن حماسته للحوار والتنسيق بين مجتمع الأعمال والحكومة، وشدد على ضرورة توحيد الأهداف، متمنياً أن يكون تعظيم قدرة مصر التصديرية وزيادة التنافسية على رأس أولويات العمل فى مصر.
وفى بداية حواره لـ"انفراد"، استعرض النجار نشأته وسيرته الذاتية، لافتا إلى أنه درس ونشأ فى مصر وعمل بالمنطقة العربية على مدار 22 عاما فى مجال أبحاث التسويق فى قطاعات متعددة تشمل الاتصالات والصناعة والخدمات والسيارات والبنوك، وهو مجال خدمى أتاح له فرصة العمل مع شركات محلية، وإقليمية، ومتعددة الجنسيات. وقد تنقّل بين السعودية والمغرب العربى، ثم عاد إلى مصر مرة أخرى عام 2000، وانضم لعضوية الغرفة التجارية الأمريكية منذ 12 عاما.
وأشار النجار إلى أن القدرة على التأثير الإيجابى كانت أهم ما يميز مجال أبحاث التسويق، مثل عمل بحث على علامة تجارية معينة فتحقق نمواً كبيرا فى المبيعات أو تطوير صناعة معينة بناء على نتائج الأبحاث.
وقال النجار إن من بين الأبحاث التى سعد بالعمل فيها تلك التى تستهدف التعرف على طبقات الدخل الدنيا بهدف الوصول إلى قاعدة الهرم الاقتصادى وهى الشريحة الأكبر دائماً، وذلك للتعرف على الجدوى الاقتصادية لإتاحة منتجات منخفضة التكلفة بما يضمن وصولها لتلك الشريحة مع البيع لعدد أكبر من المستهلكين بهامش ربح أصغر.
وأعرب النجار عن سعادته بعضوية الغرفة الأمريكية منذ 12 عامأً وبعضوية لجنة التسويق منذ 8 سنوات، مؤكدا أن الغرفة تقدم فرصا فريدة ليس فقط لرجال الأعمال ولكن للمهنيين والمستثمرين وللمؤسسات المختلفة لتبادل الأفكار والآراء والمقترحات فى شتى المجالات المعنية بالاقتصاد من خلال الفعاليات والندوات المختلفة وكذلك عمل أكثر من 20 من اللجان القطاعية.
ولفت إلى أن الغرفة التجارية الأمريكية مؤسسة غير هادفة للربح، وأن دورها أوسع نطاقاً من تقديم خدمات للشركات الأمريكية العاملة ومتعددة الجنسية فى مصر أو الشركات المصرية التى تقوم بالتصدير إلى الولايات المتحدة، لكنها لديها رصيد فكرى وخدمى وتعليمى يفيد مجتمع الأعمال بأكمله.
وتابع النجار: "القدرة على التأثير الإيجابى من أهم الأشياء التى سعدت بها خلال مسيرتى المهنية وأتمنى تدعيمها من خلال الغرفة".
أبرز التحديات أمام الرئيس التنفيذى الجديد للغرفة
وأوضح النجار أنه يواجه تحدياً يتمثل فى انضمامه إلى مؤسسة ناجحة بالفعل وليست ناشئة أو متعثرة، مما يضع مستوى عاليا للتوقعات ويشهد بذلك عدد أعضائها وقدرتها على التأثير بمجتمع الأعمال، وهذا يعد تحديا إيجابيا.
وتابع: "تعريف النجاح من وجهة نظرى هو النجاح الجماعى وليس الفردى، وأنا مهتم بمشاركة أعضاء الغرفة فى تحديد أهم متطلبات التغيير والتطوير فى برامج الغرفة خلال المرحلة المقبلة، وبالطبع لدى رؤية عامة مبدئية لكن الأهم هو الاستماع وتبادل الآراء كفريق عمل فى أوجه التطوير المطلوبة وهى ليست لنواقص وإنما لمواكبة احتياجات العصر ومتطلبات الاقتصاد".
أهداف الغرفة فى الفترة المقبلة
وقال النجار: إن هناك 3 أهداف لرؤيته العامة فى إدارة وتطوير الغرفة، فى مقدمتها توثيق الارتباط بين أعضاء الغرفة ومجتمع الأعمال وصانعى السياسات ومد جسور التعاون بين مجتمع الأعمال بمصر وبالولايات المتحدة بالتنسيق مع فرع الغرفة الجديد بواشنطن، والعمل على تشجيع الصادرات المصرية للولايات المتحدة وزيادة الاستثمارات الأمريكية بمصر فى نفس الوقت.
وتعد استدامة الموارد الهدف الثانى الذى يعتزم النجار التركيز عليه، نظراً لأن الغرفة مؤسسة غير هادفة للربح، وبالتالى ارتباط الأعضاء ومشاركاتهم التطوعية وطرق الحفاظ مطلب رئيسى لاستدامة تلك الموارد وتوسيع قاعدة الخدمات التى تقدمها الغرفة لمجتمع الأعمال، إلى جانب خدمات أخرى مثل خدمات التدريب ورفع كفاءة الشباب المصرى وتمكين المرأة.
وأكد النجار أن التأثير الإيجابى فى مجتمع الأعمال المصرى هو الهدف الثالث، مشيرا إلى أن الغرفة تستهدف من خلال العمل مع الغرف التجارية الأخرى والجهات الحكومية والمجتمع المدنى رفع مكانة مصر التنافسية.
ولفت إلى أهم المميزات التى تحظى بها السوق المصرية أنها سوق كبيرة الحجم وواعدة، لكنها لا تتمتع بتصنيفات جيدة على مستوى التعليم أو معدلات التدريب أو القدرات الخدمية، مما يستدعى تكاتف رجال الأعمال والحكومة والمجتمع مدنى وكافة الأطراف المعنية لنشر الوعى بهذه الأولويات معاً للوصول بمصر إلى مكانة أفضل من حيث قدراتها الادارية والاقتصادية.
وأردف قائلا: "لذلك نحتاج رؤية واضحة وأولويات محددة وتحديد معايير لقياس نجاح الخطط التى تتبناها الدولة".
وقال النجار إنه الغرفة لديها ما يقرب من 2000 عضو، وإن التطوير لا يشترط زيادة عدد أعضاء بقدر دعم قدرة الغرفة على مساعدة مجتمع الأعمال والنهوض بالاقتصاد.
ولفت إلى أن أى تغيير يتم فى الغرفة سيكون مبعثه مواكبة احتياجات مجتمع الأعمال، مؤكدا أنه لا يوجد حتى الآن احتياج لتغيير هيكلى من حيث عدد اللجان الذى يراه مناسباً ويغطى قطاعات متنوعة، مثل الصناعة والتجارة وتمكين المرأة والتسويق والتأمين والبنوك والمسئولية المجتمعية، والعقارات والطاقة وغيرها. وتقوم كل لجنة بتنظيم اللقاءات والاجتماعات الدورية، إلى جانب مؤتمرات سنوية لبعض اللجان.
نظرة عامة على الاقتصاد المصرى
وحول رؤيته للاقتصاد المصرى، أكد "النجار" أن الحكومة تسعى لتحقيق نمو اقتصادى أسرع من النمو السكانى، فيما تواجه تحديات كبرى إقليمية واقتصادية.
ويرى أن المفتاح النجاح فى المقام الأول هو من خلال المحور الاقتصادى الاجتماعى، بحيث يكون للنجاح الاقتصادى والتجارى مردود اجتماعى على المواطنين، بما يسهم فى الرقى بمستوى معيشتهم مع زيادة الدخل وخلق فرص العمل.
والتحدى الأكبر من وجهة نظر الرئيس التنفيذى للغرفة الأمريكية هو أن تعمل جميع الأطراف الوطنية على زيادة التنسيق فيما بينها، لافتاً إلى أن بعض القرارات الاقتصادية قد تستفيد من المشاورات مع مجتمع الأعمال وطرحها للنقاش الفنى مع الخبراء من خلال اتحاد الصناعات والغرف التجارية.
واستطرد: "التنسيق محتاج يبقى أفضل ولدينا كوادر مصرية نجحت فى العديد من دول العالم ويمكن الاستعانة بها".
أزمة العملة
وبسؤاله عن مدى تأثير أزمة العملة على نشاط الشركات الأمريكية العاملة فى مصر ودور الغرفة فى حلها، قال النجار: كل ما يؤثر على مجتمع الأعمال يؤثر بدوره على الشركات المصرية أو الأمريكية، وبالتالى يمس الغرفة بكل تأكيد ويكون ضمن أولوياتنا، ونسعى باعتبارنا حلقة تواصل بين مجتمع الأعمال والحكومة أن ننقل وجهات النظر ونقترح الحلول.
وأكد أنه تم عقد لقاءات مع مسئولين بالوزارات والبنك المركزى واتحاد الصناعات والغرف التجارية لبحث أزمة نقص العملة الأجنبية والتى أدت إلى توقف بعض المصانع، وعرض جميع المشاكل والمساعدة بإعداد أوراق العمل وتعزيز التواصل بين رجال الأعمال والحكومة بشكل دائم.
وأشاد بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بإعادة تشكيل المجلس التنسيقى للبنك المركزى، معربا عن تفاؤله بوجود خبرات اقتصادية كبيرة.
وأكد أن القرار الذى يصدر عن كل وزارة يكون له تأثير أبعد مما هو متوقع وفى قطاعات أخرى خارج الوزارة المعنية، وهو ما يتطلب تواصل وتنسيق بما يضمن نمو الاقتصاد والتصنيع والتصدير.
ولفت إلى أن زيادة المتغيرات الاقتصادية والترقب لاحتمالية خفض الجنيه، تخلق حالة من القلق بين الشركات الكبيرة المحلية أو الأجنبية عند وضع خططها، حيث تفترض استقرارا نسبيا فى معدلات الفائدة وسعر الصرف، لافتاً إلى أن بعض التقارير تشير إلى أن الجنيه المصرى مقوم بأعلى من سعره الحقيقى، ويستدل على ذلك أن حجم التصدير لا يتواكب مع القدرة الإنتاجية والتصديرية لمصر.
وأضاف أن الاستيراد يقترب من ثلاثة أضعاف التصدير فى حين أن الكثير من السلع المستوردة لها بديل محلى، وهنا نصح "النجار" بضرورة التركيز على المعايير التنافسية للمنتجات المصرية، لأن الخارج ينظر للمنتج المصرى على أنه مرتفع التكلفة وهو ما يحد من حجم الصادرات.
وحدد النجار أمرين أساسيين يتطرق إليهما أى مستثمر أجنبى يدرس الدخول فى السوق المصرية أو أى سوق أخرى؛ الأول هو سعر الصرف واحتمالات تخفيض قيمة العملة، وإذا كانت هناك مؤشرات فيقرر الانتظار، والثانى كيفية الخروج أو تحويل أرباح الشركة إلى الشركة الأم أو المستثمر الأصلى.
وأكد أن المستثمر الأجنبى سيظل فى حالة ترقب للسوق المصرى لحين وضوح الرؤية فيما يتعلق بالسياسة النقدية وتحويل الأرباح للخارج.
وأشاد بالتزام الدولة بسداد المستحقات المتراكمة للشركات الأجنبية العاملة فى مجال النفط والغاز، مشيرا إلى أن ذلك يؤكد على مصداقية مصر والوفاء بالتزاماتها ويشجع الشركات على ضخ استثمارات جديدة وتنمية الحالية.
وأوضح أن المؤسسات العالمية لديها تقييمات لسعر صرف الجنيه المصرى أمام الدولار، وأن المعضلة الحقيقة تكمن فى تحديد القيمة التى يمكن استدامتها، مع تحديد آلية لتصحيح السعر مع وضع المردود الاجتماعى فى عين الاعتبار.
وأعرب النجار عن أمله أن تسهم العناصر الموجودة بالبنك المركزى بقيادة مصرفى محترف مثل طارق عامر والمجلس التنسيقى له فى تحديد تلك الآلية.
ضريبة القيمة المضافة
وتطرق النجار إلى أهمية تطبيق ضريبة القيمة المضافة، مؤكدا أنها تهدف إلى توسيع المظلة والقاعدة الضريبية، لافتا إلى أن الدستور ينص على توجيه 10% من الدخل القومى إلى التعليم والصحة والضمان الاجتماعى، وهو ما يتطلب تعظيم الإيرادات.
ونوه عن ضرورة توخى الحذر فى تطبيق الضريبة حتى لا تزيد من أعباء محدودى الدخل، مؤكدًا أنه يترقب الإفصاح عن آليات التنفيذ والمنتجات الخاضعة للضريبة، ونسبتها إذا لم يتم الإعلان عنها حتى الآن كما لم يتضح الشكل النهائى لها.