تحت شعار "ربنا ما يقعطها عادة".. يُقبل المصريون على شراء حلوى المولد النبوى الشريف لكن بكميات أقل من المعتاد نظرًا لكونها أمر موسمى ورمزى، لاسيما أن البعض بات يتبع سياسية ترشيد النفقات فى ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية خلال الفترة الماضية.
"انفراد" أجرت جولة ميدانية على 3 مناطق للتعرف على الكواليس المصاحبة لعملية شراء حلوى المولد هذا الموسم، والبداية من شارع باب البحر فى منطقة رمسيس الذى يُعتبر واحدا من أشهر الأماكن الشعبية المعروفة ببيع الحلوى بالقاهرة الكبرى، والذى يأتى إليه التجار من أجل الحصول على بضائع بسعر الجملة، وكذلك يتوافد الزبائن لشراء احتياجاتهم خاصة أن أسعاره تكون أقل من المعلن بالمناطق الأخرى.
باب البحر.. أشهر مناطق بيع الحلوى
"أم محمود" سيدة فى نهاية عقدها الرابع أم لثلاثة أولاد بعد التنقل على أكثر من محل داخل شارع باب البحر قررت أخيرًا شراء علبتين حلوى الأولى لها والثانية لبنتها المتزوجة حديثًا، وتقول عن الأسعار: "قريبة من السنة اللى فاتت وزيادات بسيطة لكن المشكلة إن فى حاجات تانية غليت بس أهو موسم ولازم نخلى الأولاد تفرح، وإحنا بنقول ربنا ما يقطعها عادة، وبنجيب اللى ربنا يقدرنا عليه، ومش لازم نشترى مكسرات من الغالية، يدوبك الحاجة على قد فرحتنا مش أكتر".
وعلى أبواب محل آخر فى باب البحر، وقف عبد الله شاب فى العشرينيات يسأل عن أسعار العرائس الغالية والمتوسطة والرخيص منها، لتمازحه البائعة: "أنت عاوزها للجو ولا خطبيتك ولا مراتك عشان لكل واحدة سعر"، ويضحك الشاب ثم ينصرف للسؤال عن الأسعار فى المحل المجاور"، وحول سبب مجيئه لباب البحر يقول عبد الله :"أنا ساكن قريب من هنا والأسعار معروف أنها أقل فى باب البحر، وغير كده موجود كل حاجة اللى تناسب الغنى والفقير، وأنا لسه بعمل جولة فى الشارع وهشترى لما أشوف السعر الأحسن عشان هجيب كمية للمحل بتاعى".
التجول على أكثر من محل كان سمة مشترك بين أغلب زبائن شارع باب البحر للتعرف على الأسعار لكن ماذا عن التجار أنفسهم، وكيف يرون الموسم هذا العام، ومدى الإقبال على شراء بضائعهم؟، وهنا يقول جلال الزغاط، صاحب أقدم محلات الشارع البالغ عمره بالمنطقة أكثر من 90 عامًا منذ أسسه جده: "لو هنتكلم على بيع وشراء حلوى المولد لازم نقول إن لسه ليها زبونها، خصوصا أنها سلع موسمية والناس بتتعامل معاها على أنها عادة لكن الاختلاف الوحيد هى إن الناس بقت بتشترى بكميات أقل من زمان بسبب ارتفاع الأسعار، وحتى اللى كان متعود يهادى بطل للأسف".
وأضاف الزغاط: "الأسعار فى باب البحر عمومًا بتتقسم إلى ثلاث أنواع الشعبى بـ 25 جنيها، والمتوسط من 40 إلى 45 جنيهاً، والأفرنجى من 70 إلى 75 جنيهًا".
وتابع الزغاط حديثه :"الأسعار ارتفعت بشكل نسبى عن الماضى رغم أن السكر رخص لكن المشكلة فى المواد الخام، وسعر العامل نفسه خصوصا أن العمالة الموسمية يجب تلبية رغابتهم، فاليومية تتراوح من 200 إلى 300 جنيه"، مضيفًا :"الجديد فى بيع حلوى المولد أن المكسرات باتت خارج العلب، بمعنى أن الراغبين فى تناولها باتوا يشترونها بشكل منفرد، فقرص البندق بـ 15 جنيها، واللوز بـ 20 جنيها، والفوزدق بـ 25 جنيهًا، أمّا العروسة والحصان يشتريها غالبا المخطوبين وسعر العروسة يتراوح من 50 لـ 120 جنيها، بينما الحصان أكثر من 50 جنيها".
وأوضح تاجر حلوى المولد، أن الأسعار التى ذكرها هى المتداولة فى باب البحر كمنطقة شعبية ومصدرًا رئيسيًا لتلك السلع إنما لو ذهبت لمناطق أخرى ستجد الأسعار أعلى لأن التجار يريدون المكسب، بينما فى المحلات المعروفة فالأسعار حدث ولا حرج ولها زبونها المعروف، والقادر على دفع ثمنها".
الهرم وفيصل.. أغلى من باب البحر
ومن باب البحر فى رمسيس إلى منطقة الطالبية بشارع الهرم، والتى تنتشر بها عدد من شوادر حلوى المولد، تعرض بعض المحلات بضائعها فى الخارج، ذلك مع اقتراب موعد "المولد.
وعن حركة البيع والشراء الحلوى بالمنطقة، يقول محمد صالح تاجر حلوى فى عقده الخامس: "لسة فى ناس بتشترى حلويات لكن مش زى زمان، بس الاعتماد كله على أب عاوز يفرح أولاده أو خطيب عاوز يهادى خطبيته بعروسة أو علبة حلويات"، مضيفًا :"الأسعار عندى بتبدأ من 35 جنيهًا، وفى تشكيلة بـ48 جنيها، وكمان فى علب بـ50 جنيهًا وأنت طالع لغاية 80 و90 جنيها".
وأضاف تاجر حلوى المولد :"إن زيادة الأسعار بشكل نسبى عن العام الماضى يرجع إلى ارتفاع سعر بعض المواد الخام مثل الجوز الهندى والسودانى واللوز المقشر، بالإضافة إلى ارتفاع يومية العامل الموسمى نفسه إلى 200 و300 جنيه يوميا بينما فى الماضى كان أقصى شىء يصل له 50 جنيها، وعموما هذا من حقه، وذلك بخلاف ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز والعوامل الأخرى المعروفة".
وفى أول منطقة فيصل، تعرض بعض المحلات حلوى المولد على الواجهة، ووفقا لما ذكره تاجر يدعى أبو إسلام فإن الأسعار لم تختلف كثيرًا عن المتواجدة بالمناطق الداخلية بشارع الهرم والمناطق الأخرى، مؤكدًا على أن الزيادة فى المحلات بالمناطق قد تكون مثلا 5 أو 10 جنيهات عن السعر الشعبى فى باب البحر الذى يصل إلى 30 جنيهًا، وفى باب البحر الأنواع ستجد نفس الزيادة تقريبًا مفسرًا وجهة نظره بأن التجار يريدون البيع وحال القيام بزيادة مبالغ فيها لن يشترى منه أحدا مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وأشار تاجر الحلوى، إلى أن الأسعار مرتفعة فى بعض المحلات المعروفة، والتى لها زبونها الخاص سواء كان من الطبقة الغنية أو يريد شراء هدية غالية بغرض التباهى والتفاخر فقط.
ومن فيصل إلى منطقة وسط البلد، تخرج شيرين "28 عامًا" موظفة فى أحد شركات السياحة من أحد محلات الحلويات الشهيرة بعد شراء حلوى المولد، وعن أسعارها هذا الموسم تقول: "لا يوجد ارتفاع كبير عن العام الماضى، لكن المشكلة هى ارتفاع أسعار السلع الأخرى لذا قررنا تقليل الكميات والاكتفاء بعلبة واحدة من الحجم المتوسط بدلا من علبتين"، مضيفة: "الأسعار هنا قد تكون مرتفعة عن المحلات الأخرى نظرًا لشهرة المحل فأعتقد أن أقل حاجة تبدأ من 75 جنيهًا، وترتفع الأسعار حتى تصل إلى 400 و500 جنيه أو أكثربشرط أن يتم وضعها فى علب هدايا بمواصفات خاصة".
ردود رسمية
فيما سبق ورد على لسان بعض التجار، أن السكر أسعارها انخفضت خلال الفترة الماضية، وهذا ما حدث بالفعل وفقًا لما أكده مسئولو وزارة التموين مؤخرا، مؤكدينأن سعر طن السكر سينخفض 500 جنيه اعتبارا من أول سبتمبر، ليكون 9 آلاف و500 جنيه بدلا من 10 آلاف.
وبالنسبة لتعليق الجهات الرسمية حول أسعار حلوى المولد، كشف حسن حسن فندى عضو شعبة السكر والحلوى باتحاد الصناعات عن ثبات أسعار حلوى المولد النبوى هذا العام، مؤكدا أنه لا زيادة فى أسعارها بمقارنتها بالعام الماضى.
وقال عضو شعبة السكر والحلوى فى تصريحات صحفية، إن أغلب المنتجات تتكون من خامات محلية متوفرة فى السوق المصرى، إلا نسبة ضيئلة فقط من الحلوى، نعتمد على استيراد بعض المكسرات اللازمة لصناعتها من الخارج مما انعكس على أسعارها، منوها بأن أسعار الحلوى لن تنخفض، ولكن تشهد حالة استقرار بعد ثبات سعر الدولار أمام الجنيه المصرى.