"سد النهضة" 5 سنوات من الجدل.. "انفراد" يرصد تاريخ المباحثات منذ الإعلان عن بنائه.. المفاوضات تقترب من مرحلة الحسم بعد 3 أعوام.. والتعاقد مع المكتب الاستشارى نهاية الشهر لبدء تنفيذ الدراسات

دخلت مفاوضات سد النهضة، التى تجرى بين مصر والسودان وإثيوبيا، مرحلة الحسم حول تنفيذ الدراسات الفنية المطلوبة، ومن المقرر توقيع عقود المكاتب الاستشارية التى ستقوم بتنفيذ هذه الدراسات نهاية الشهر الجارى فى أديس أبابا، بعد سنوات من الجدل حول هذا الملف الذى يعد قضية أمن قومى من الدرجة الأولى، بدأت فى مارس 2011 عقب ثورة 25 يناير.

محطات فى تاريخ مباحثات سد النهضة "انفراد" يلقى الضوء على قضية سد النهضة "الألفية سابقاً" منذ الإعلان عن البناء فى 31 مارس 2011، فى ظروف صعبة شهدتها مصر، وتوقيع عقد إنشاء السد بقيمة 4.8 مليار دولار دون تقديم عطاءات تنافسية مع شركة "سالينى" الإيطالية، وفى 2 إبريل 2011 وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق ملس زيناوى حجر الأساس.

وفى مايو 2011، أعلنت إثيوبيا أنها سوف تتقاسم مخططات السد مع مصر لدراسة مدى تأثيره على دولتى المصب، وفى الفترة من أغسطس حتى نوفمبر من نفس العام تم تنظيم زيارات متبادلة لرئيس الوزراء الإثيوبى ميلس زيناوى والدكتور عصام شرف، والاتفاق على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار السد.

وفى مايو 2012 بدأ عمل لجنة دولية تضم 4 خبراء دوليين إلى جانب الخبراء الوطنيين من الدول الثلاث، لتقييم الآثار المترتبة على بناء السد، حيث استمر عمل اللجنة عام كامل، وأصدرت تقريرها فى 31 مارس 2013، والذى تضمن توصيات بضرورة إجراء دراسات تقييم لآثار السد على دولتى المصب.

وفى نوفمبر 2013 بدأت المفاوضات الفنية بين وزراء المياه من الدول الثلاث للاتفاق على آلية تنفيذ توصيات تقرير لجنة الخبراء الدوليين، وفشلت المفاوضات وتوقفت فى نهاية 2013 وحتى 2014 بسبب رفض مصر تشكيل لجنة فنية دون خبراء أجانب والإنسحاب من المفاوضات.

وفى يونيو 2014 عقدت قمة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى، فى مالابو على هامش أعمال القمة الأفريقية وتم الاتفاق على استئناف المفاوضات حول سد النهضة وتوقيع وثيقة بين البلدين، واستؤنفت المفاوضات فى الخرطوم أغسطس، 2014، وتم تشكيل لجنة من 12 خبير من الدول الثلاثة "مصر والسودان وإثيوبيا" بواقع 4 خبراء من كل دولة، لبحث آلية القيام بالدراسات الفنية للسد.

وخلال الفترة من سبتمبر 2014 حتى يناير 2015 دارت اجتماعات ومشاورات بين الدول الثلاث حول اختيار المكاتب الاستشارية المعنية بدراسة تأثيرات "سد النهضة" وتم الاستعانة بمكتب "كوربت" الإنجليزى فى المسائل القانونية، وفى مارس 2015 وقع رؤساء الدول الثلاث "مصر وإثيوبيا والسودان" على إعلان المبادئ فى الخرطوم . وفى إبريل 2015 عقد وزراء المياه اجتماع فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وانتهى باختيار المكتب الفرنسى "بى آر ال" لإعداد الدراسات الفنية لسد النهضة، بمساعدة المكتب الهولندى "دلتارس"، لكن فى شهر سبتمبر أعلن المكتب الهولندى انسحابه من إجراء الدراسات الفنية لسد النهضة الإثيوبى مع المكتب الفرنسى لأسباب تتعلق بعدم دقة وحيادية الدراسات.

وفى أكتوبر عام 2015 عقدت الاجتماعات الفنية فى القاهرة بحضور وزراء المياه من الدول الثلاثة والتى انتهت بتحديد جولة "عاشرة" للتفاوض فى الخرطوم مجدداً بحضور وزراء الخارجية والمياه، وعقدت الاجتماعات فى أول ديسمبر، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق فيها سوى الإجتماع مرة أخرى فى الخرطوم بعد أسبوعين واجتمع وزراء الخارجية والمياه فى نهاية نفس الشهر فى الخرطوم، واتفقوا على دخول مكتب "آرتيليا" الفرنسى بديلاً عن "دلتارس" للقيام بتنفيذ الدراسات بنسبة 30% مع مكتب "بى.أر.أل" الذى يستحوذ على نسبة 70% من الدراسات، وذلك فى فترة لا تتجاوز 11 شهرا . وفى فبراير الجارى، عقدت اللجنة الوطنية لسد النهضة اجتماعها "الحادى عشر" فى الخرطوم بحضور وزراء المياه، لبحث العرض الفنى والمالى والقانونى المقدم من المكتبين الفرنسيين، "بى.آر.آل. و"أرتيليا" لتنفيذ الدراسات الفنية، وأعلن الوزراء توافقهم حول العروض واتفقوا على الاجتماع فى أثيوبيا وتوقيع عقود تنفيذ الدراسات نهاية الشهر الحالى.

عامان و10 أشهر هى عمر المفاوضات والمخاطبات بين مصر والسودان وإثيوبيا بعد إعلان تقرير لجنة الخبراء الدوليين حول سد النهضة، والذى صدر فى نهاية مايو 2013، اجتماعات رسمية على الصعيد السياسى والفنى فى عواصم الدول الثلاث تلتف حولها الأنظار لمعرفة ما ستسفر عنه هذه الإجتماعات لتقليل المخاوف المصرية من مخاطر السد الذى يمثل خطورة على الأمن المائى المصرى.

جدل فى المفاوضات على مدار 3 سنوات وبعد مرور 5 أعوام على إعلان إثيوبيا بناء سد النهضة، قضت منهم الدول الثلاث ما يقرب من 3 سنوات فى الجدل حول تأثيرات السد على دولتى المصب مصر والسودان، ستوقع الدول نهاية الشهر الحالى عقد تنفيذ الدراسات الفنية، مع المكتب الفرنسى "بى.آر.إل" الذى سيقوم بتنفيذ الدراسات بنسبة 70%، ومساعده "أرتيليا" بنسبة 30%، فى فترة تتراوح من "8-11" شهرا.

الانتهاء من الدراسات قبل نهاية 2016 ووفقاً لما هو متفق عليه بين الوزراء فإنه قبل نهاية 2016 سيكون هناك دراسة مائية تجيب عن كافة الاستفسارات التى تدور بشأن الآثار السلبية لسد النهضة من عدمها، كما ستجيب الدراسة عن وسائل التغلب على الآثار السلبية، سواء من خلال حجم وسنوات وتوقيت التخزين، علاوة على قواعد الملء الأول والتشغيل السنوى، كما سيعد المكتبان، بشكل موازٍ، دراسة بيئية اقتصادية اجتماعية مع الالتزام باتفاق إعلان المبادئ الذى تم توقيعه بين الرؤساء. تقرير اللجنة الدولية الصادر فى مايو 2013 وتضمن التقرير جميع التفاصيل المتعلقة باللجنة، والتى تم الاتفاق على اختصاصاتها بعد اجتماع وزراء المياه من الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان فى 29 نوفمبر 2011، ووقتها أعلنت مصر عن "شواغلها" من بناء السد، وتأثيره، وتم الاتفاق على دراسة تلك التأثيرات، واختيار 10 خبراء، اثنين من كل دولة - مصر والسودان وإثيوبيا - بالإضافة إلى أربعة خبراء دوليين. وعقدت اللجنة أربعة اجتماعات تمهيدية تم خلالها اختيار 4 خبراء دوليين فى مجالات هندسة السدود (ألمانى) – تخطيط الموارد المائية والنمذجة الهيدرولوجية (جنوب أفريقى) – البيئة (فرنسى) – التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية "إنجليزى"، بالإضافة إلى 4 خبراء من كل دولة " مصر والسودان وإثيوبيا "فى مجالات المياه، البيئة، والسدود، حيث بلغ عدد أعضائها 10 خبراء.

وصل عدد الاجتماعات التى عقدتها اللجنة بحضور كامل خبرائها العشرة، إلى 6 اجتماعات، حيث تسلمت اللجنة عملها فى مايو 2012 وانتهت من تقريرها فى مايو 2013، قام خلالها الخبراء المشاركون فيها بزيارة موقع السد 4 مرات. وصدر التقرير النهائى للجنة الثلاثية فى 31 مايو 2013 فى 600 صفحة قام بالتوقيع عليه، جميع الخبراء المشاركين فى اللجنة وسلمت نُسخة إلى حكومات مصر والسودان وإثيوبيا، وظل التقرير سريا وحبيس الأدراج، حيث لم يتم الكشف عنه من قبل الحكومة المصرية، ربما لاستخدامه كورقة ضغط فى المفاوضات مع أديس أبابا.

وتضمن التقرير تقييم جميع الدراسات التى تقدمت بها إثيوبيا للجنة، والتى بلغت 153 دراسة، منها 103 "رسومات" و"7 خرائط" و43 دراسة مكتوبة". وشمل أيضاً دراستين عن الآثار البيئية ودراسة اجتماعية و7 دراسات عن هندسة السد و3 عن هيدرولوجيا المياه و16 دراسة جيولوجية وجاء التقرير النهائى ليثبت أن هذه الدراسات "الإثيوبية" لم تكن جميعها قادرة على تقييم آثار السد، فلم تكن جميعاً ذات صلة بالموضوع أو أنها قديمة، وخاصة الدراسات البيئية والاجتماعية التى لم تكن قادرة على إثبات تأثير السد على دول المصب "مصر والسودان.

التقرير النهائى للجنة الثلاثية، أكد أن الدراسات الهندسية التى قدمتها إثيوبيا لم تصل بعد إلى المستوى الفنى لأنها شرحت فقط الطبيعة العامة للسد دون إعطاء تفاصيل حول ما إذا كان السد مناسبا لظروف المنطقة أم لا، كما أن التصميم الحالى لم يأخذ بعين الاعتبار قدرات تشغيل السد خلال فترات الجفاف وكمية المياه التى يمكن أن تنطلق لإنتاج الكهرباء.

وأبرز التقرير أيضاً أن معظم الدراسات والتصميمات المقدمة من الجانب الإثيوبى بها قصور فى منهجية عملها، كما أن جزءاً من تلك الدراسات يحتاج إلى تحديث، فى ضوء ما توفر من بيانات ومعلومات تم الحصول عليها من واقع الأنشطة المعملية والحقلية المتعلقة بالمشروع، حيث إن بعضاً من تلك الدراسات تم إعدادها بعد الإعلان عن تنفيذ السد فى 1 إبريل عام2011، وكذلك أثناء عمل اللجنة.

وأوصى التقرير بأهمية وجود احتياطات إنشائية تسمح بتوفير الحد الأدنى من احتياجات دولتى المصب من المياه تحت الظروف الطارئة (توقف محطات توليد الكهرباء)، والتى لم يتم توضيحها فى الدراسات الإثيوبية والتصميمات المقدمة للجنة . وفيما يتعلق بدراسات تقييم الآثار البيئية والاجتماعية على دولتى المصب، أوضح التقرير أن الجانب الإثيوبى لم يقم بعمل دراسات متعمقة تسمح للجنة بوضع رؤية علمية عن حجم الآثار ومدى خطورتها على دولتى المصب.

وأكد التقرير وجود قصور شديد فى الدراسات والتصميمات الخاصة بالسد المساعد (السد الذى يرفع السعة التخزينية من 14.5 إلى 74 مليار م3)، والذى لم تقم الحكومة الإثيوبية بتقديم المستندات التصميمية الخاصة به للجنة بشكل يسمح لها بالتقييم، كما أنه لا يوجد تحليل اقتصادى من واقع الدراسات المقدمة من الجانب الإثيوبى، فيما يخص حجم السد وارتفاعه والقدرة التصميمية لمحطة الكهرباء، حيث أكد الجانب الإثيوبى أن قرار إنشاء السد بهذه المواصفات خاص بالحكومة الإثيوبية، وليس من اختصاص اللجنة.

تأثيرات سد النهضة على مصر وذكر التقرير ملاحظات الجانب المصرى، وهى أن إقامة سد النهضة على النيل الأزرق بارتفاع 145 مترا وسعة تخزينية 74 مليار م3 وتشغيله بشكل منفرد لا يراعى مصالح دول المصب سيمكن إثيوبيا من التحكم الكامل فى إيراد النيل الأزرق وما سيتبع ذلك من تأثيرات سلبية على الحصة المائية المصرية ونقص الكهرباء المولدة من السد العالى والذى يمكن أن يصل إلى حد توقف محطة توليد السد العالى تماماً لعدد من السنوات والتى تزيد فى فترات الجفاف بصورة كبيرة، وخاصة أن الدراسات الإثيوبية تقترح الملء فى فترة 6 سنوات (بغض النظر عن إيراد نهر النيل).

كما أن نقص المياه المتاحة لقطاعات الرى والزراعة والشرب فى مصر أثناء فترة الملء وخاصة فى حالة الملء أثناء فترات الفيضان تحت المتوسط أو الضعيف وهو ما له تأثيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة قد تؤدى إلى عدم القدرة على زراعة ملايين الأفدنة وفقدان الدخل لملايين المصريين المعتمدين على الزراعة فى دخلهم السنوى، بالإضافة للتأثيرات الاقتصادية نتيجة خسارة شبكة الطاقة فى مصر لجزء كبير من الطاقة المولدة من السد العالى وهو ما يعنى أعباءً اقتصادية لتعويض هذا النقص، بالإضافة إلى أن غمر الغابات والأشجار عند ملء بحيرة سد النهضة، مما سيقلل نسبة الأكسجين المذاب والذى يؤثر على نوعية المياه المنطلقة خلف السد، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على نهر النيل فى السودان وليس فى مصر.

وأكد أن إعادة ملء الخزان بعد انتهاء فترة الجفاف بدون الأخذ فى الاعتبار الاحتياجات المائية لدول المصب سيكون تأثيره ربما أشد من حالة الملء الأول، لأنه بعد انتهاء فترة الجفاف يكون محتوى التخزين فى بحيرة السد العالى منخفض مما يزيد من التأثير السلبى الشديد على مصر.

كما أن نقص الطمى الوارد للسودان سيؤثر على خصوبة التربة، وبالتالى سيدفعها لاستخدام المبيدات الزراعية والمخصبات الزراعية ومع عدم وجود نظام صرف متطور جدا بشكل مباشر سيؤثر على نوعية المياه الواردة لمصر، وهو ما يعنى تدهور فى نوعية المياه المستخدمة سواء فى الزراعة أو الشرب وهو ما سيؤدى إلى تأثيرات جسيمة على صحة المصريين وما يستتبعه ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية جسيمة.

الموقف الحالى الموقف الحالى الذى لابد أن يدركه الجميع أن مصر تخوض معركة حول "المياه" التى تعتبر قضية أمن قومى بالدرجة الأولى لمصر، ليس لخطورة سد النهضة على مياه النيل فقط، ولكن لأن مصر لن تسلم من خطورة ضربة مزدوجة وهى نقص إنتاج الكهرباء بأكثر من 25 %، فلن تكون قضية الكهرباء فى مصر هى "نقص الغاز" أو "توقف المحطات" أو "تردى الصيانة" والحاجة لتخفيف "الأحمال" لبضع ساعات بالتبادل بين المحافظات والمدن، فلن يتم تخفيف الأحمال فقط بل قد تعيش محافظات كاملة فى ظلام دامس.

كما أن التقارير الرسمية، تؤكد أن احتياجاتنا من المياه تتزايد بصورة شديدة بسبب الزيادة السكانية التى تلتهم الموارد المائية لمصر، والتى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب من نهر النيل، وهو ما يجعلنا نمر بعجز مائى سنوى يتجاوز الـ 20 مليار متر مكعب مما يسبب انخفاضا حادا فى نصيب المواطن المصرى، من المياه، و دخولنا بقوة لـ عصر "الفقر المائى".

معلومات عن السد تكلفة المشروع 4.78 مليار دولار أمريكي يتكون مشروع سد النهضة من سد رئيسى خرسانى بإرتفاع 145 م وسد جانبى ركامى بإرتفاع 50 م وسعة التخزين الكلية 74 مليار م3 محطة توليد بقدرة6000 ميجاوات يقوم بتنفيذ السد شركة سالينى الإيطالية الانتهاء من المشروع عام 2017 سيتم البدء فى توليد الكهرباء من المرحلة الأولى 2016 وفق ما هو معلن من الحكومة الإثيوبية



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;