بعد مرور عام كامل على إطلاق الحكومة للحملة القومية لإنقاذ نهر النيل، وإزالة 50 ألف حالة تعدى على مستوى الجمهورية بمشاركة 34 وزارة، ودور العبادة ممثلة فى الأزهر والكنيسة للتوعية، وعدد من الأحزاب ووسائل الإعلام، بلغ إجمالى ما تم ازالته حتى الآن7 آلاف و 853 حالة.
لم تسلم العاصمة من التعديات على نهر النيل الذى يخترقها، ويمر بأحيائها العريقة المعادى، ومصر القديمة، ودار السلام جنوبًا، وروض الفرج شمالاً، وغربًا الزمالك التى تشتهر بفنادقها المطلة على النيل، حيث تضاعفت تلك المخالفات عقب حالة الانفلات الأمنى الذى شهدته البلاد بعد ثورة 25 يناير، وانتشرت المراسى المخالفة على ضفافه، وارتفقت "أسوار" الأندية التى حجبت رؤية النهر عن أعين المواطنيين.
وما زاد من الطين بلة هو إلقاء الصرف الصناعى والصحى من البواخر النيلية، ومن القرى التى لا يوجد بها شبكة للصرف الصحى، فى مياه النهر الذى قدسه أجدادنا "الفراعنة" وأقاموا عليه حضارة امتدت جذورها فى أعماق التاريخ الإنسانى وما زالت قائمة حتى اليوم.
وشاركت العديد من مؤسسات الدولة فى الحملة منها الأزهر والكنيسة والأوقاف، حيث خُصِّصَت خُطَب الجمعة للتوعية، ونُظِّمَت الندوات فى الكنيسة، بالإضافة إلى دور وزارة التربية والتعليم من خلال تعريف الطلاب بأهمية حماية النيل حيث تم توقيع بروتوكول لتعديل المناهج الدراسية وإضافة معلومات كافية ومتخصصة عن نهر النيل وتاريخه وكيفية الحفاظ عليه.
وشُكِّلَت مجموعات دائمة بكل إدارة عامة لحماية النيل، لدراسة كافة البلاغات وتصنيفها ومعاينتها، بالتنسيق مع الأمن والإدارات المركزية للموارد المائية والرى بالمحافظات، و تم وضع عدادا لإنقاذ النيل على معظم شاشات العرض وتركيبه على مبنى الوزارة.
وأوضح الحصر النهائى لقطاع حماية وتطوير النيل، أن المجارى المائية "نهر النيل والترع والمصارف" تعرضت على مدار السنوات الماضية الى ما يقرب من 150 ألف حالة تعدى قبل وبعد ثورة يناير، حيث قامت المصانع والمراكب النيلية بإلقاء مخلفات الصرف دون معالجة، كما تم ردم آلاف الكيلو مترات بعضها مر عليها سنوات طويلة و أصبح من الصعب إزالتها بعدما استقر ساكنيها فيها و تم توصيل المرافق اليها " كهرباء ومياه شرب " بطرق قانونيه كسداد لفاتورة انتخابات كما كان يحدث قبل يناير 2011.
وبلغ إجمالى التعديات على نهر النيل، 50 ألفا و399 حالة، من قبل فِئَات الشعب المختلفة، منهم 330 مخالفة ارتكبها كبار الشخصيات سواء العامة أو المسئولين أو رجال الأعمال "ردم وبناء داخل مجرى النيل" منهم من قننن وضع مخالفاته وتسويتها بتأشيرات صريحة وواضحة خلال عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، كنوع من المجاملات لرجال الأعمال الذين قاموا بردم مساحات من النيل لبناء "فيلل واستراحات"، من خلال كتابة عبارات مثل "يكتفى بما تم من ردمه" أو "موافق على تقنين الوضع الحالى" وبذلك تم تسوية المخالفة التى من شأنها التأثير السلبى على مجرى النيل.
أوضح المهندس صلاح عز رئيس قطاع حماية وتطوير النيل، أن الحملة لا تستثنى أحد ولم تتهاون فى التعامل مع التعديات النيلية منذ انطلاقها فى يناير 2015، مشيراً الى أنه تم ازالة ما يقرب من 8000 آلاف حالة حتى اليوم منهم 800 حالة تعدى منذ بداية العام الحالى، كما تم ازالة كافة المراسى المخالفة فى القاهرة الكبرى ونقلهم الى كوبرى الساحل، بالاضافة الى تطهير نهر النيل فرعى "دمياط ورشيد" من الاقفاص السمكية، حيث يتم القيام بحملات يومية بالتنسيق مع شرطة المسطحات المائية لمنع اقامة هذه الأقفاص مرة أخرى.
وأضاف رئيس قطاع حماية وتطوير النيل، فى تصريحات لـ"انفراد" أن القطاع مستعد فى أى وقت لإزالة أى تعديات على نهر النيل، لكن هناك جهات أخرى يتم التنسيق معها لتنفيذ الإزالات منها وزارة الداخلية التى تقوم بالدراسات الأمنية لتوفير الحماية خلال عملية التنفيذ، مشيراً الى أن هناك أعباء كبيرة على "الأمن" تضطرنا الى التأجيل لكن ما أؤكد عليه هو أننا لا نفرق بين المواطنين فى تنفيذ القانون.
فى السياق ذاته كشفت مصادر مسئولة بوزارة الموارد المائية والرى، 176 مخالفة لنوادى النقابات والهيئات المختلفة، بالاضافة الى 16 هيئة قضائية على مستوى الجمهورية، موضحة أن نادى القضاة بمحافظة القليوبية لم يجدد ترخيصه بالاضافة الى نادى هيئة قضايا الدولة، أما عن النوادى التى لا يوجد لها ترخيص وصادر لهم قرار إزالة فهم نادى "الصيادلة و التشكيليين بالجيزة".
وأضافت المصادر، أن النوادى المقامة حالياً تم انشائها قبل انشاء قطاع حماية النيل وصدور القانون رقم 12 لسنة 1984، لكن يتم التعامل معهم على أنهم "ملك للدولة" لا يمكن لفرد أن يقوم ببيعهم، عكس تعديات الأفراد، التى من الممكن بيعها، وهو ما يعد سرقة واعتداء على المال "العام"، مؤكدة أن أغلب النوادى مخالفات النوادى تكون عبارة عن أنه لم يجدد ترخيصه أو خالف الرخصة.
وأشارت المصادر الى أن هناك مخالفات تحت الحراسة لرموز النظام السابق أبرزهم أحمد نظيف الذى يمتلك فيلا مخالفة بقرية "المرازيق" بالجيزة لم تتمكن وزارة الرى من إزالتها العام الماضى، لكن فور إنتهاء الإجراءات القانونية سيتم إزالتها فوراً.
وأكد الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية و الرى أن حملة إنقاذ نهر النيل تستهدف إزالة 20 الف حالة فى عام فى عام 2016، مشيراً الى أن هناك 32 ألف حالة يصعب إزالتها بسبب الظروف الاجتماعية حيث أن أغلبها فى " القري" وليس هناك بديل مشيرا إلى أنه يجب توفيره للسكان قبل تنفيذ الإزالة.
وأشار مغازى إلى أنه سيتم اصدار قانون "النيل الموحد" والذى يتضمن إعادة النظر فى تحديد حرم النهر حيث أن الفيضان كان يحدد حرم النهر لكن بعد انشاء السد العالى تغير الأمر وبذلك تعتبر هذه التعديات ليست مخالفة نهر إلا أنها وفقا للقانون تعد تعدى على نهر النيل.
ويتضمن القانون حظر إنشاء المزارع السمكية والمراسى والموانئ والمنشآت العامة وزراعة الأراضى المملوكة للدولة داخل حرم النهر، وسيتم توقيع عقوبات التعديات على النيل بالحبس سنة وغرامة 50 ألف جنيه.
كما قامت الحكومة ممثلة فى وزارات الرى والزراعة والتنمية المحلية والمحافظات، تنفيذ مخطط يشمل مشروعًا متكاملاً يتم صياغته حالياً يعتمد فى جزء منه على تفويض المحافظين بإدارة أملاك الرى المطلة على بعض المناطق، على امتداد نهر النيل للتوسع فى إنشاء حدائق عامة، تكون متنزهات للمواطنين للحد من التعديات على حرم النهر، ومنع وصول مخلفات البناء والقمامة والمخلفات الصلبة إلى النيل والمجارى المائية لحمايته من التلوث، علاوة على مواجهة مشكلة النحر التى تتعرض لها بعض حرم النيل، وفى الوقت نفسه الحد من التعديات ومنع حدوثها بمناطق أخرى.
وخصصت وزارة الإسكان 13 مليار جنيه لإنشاء محطات معالجة لمياه الصرف الصحى لأكثر من 500 قرية تصرف هذه النوعية من المياه دون معالجة على بحيرة المنزلة من قبل 5 محافظات، وذلك من خلال حلول جذرية لمشاكل التلوث ووجود حلول فنية ومؤسسية وطرق معالجة مياه الصرف الصحى المنخفضة التكاليف فى القرى المصرية، بالإضافة إلى قرار وزارة البيئة بعدم إعطاء رخصة سماح لأى مصنع جديد إلا بعد عمل وحدة لمعالجة الصرف الذى يخرج منه إلى شبكة المجارى المائية.
وأكد الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى، أنه منح التراخيص على نهر النيل، بإستثناء المشروعات القومية فقط.