فى محاولة للإعادة تنظيم صفوفه بعد الهزائم التى تكبدها فى سوريا والعراق، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" فى تقرير لها اليوم، أن "داعش" بدأ اللجوء إلى استخدام النساء من أجل ما أسمته الصحيفة بإطلاق "التجسيد القادم" للتنظيم الإرهابى.
وقال مسئولين وخبراء أمن بحسب ما نشرته الصحيفة، إنهم كانوا يتوقعون على مدار أشهر موجة من العائدين من دولة "الخلافة" المزعومة، لكن لم يتوقعوا أن يكون من بينهم مئات من زوجات وأمهات المقاتلين الذين تبنى عددًا مقلقا منهن أيديولوجية الجماعة ولا يزال ملتزم بأهدافها.
وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء النساء من شمال أفريقيا وحتى أوروبا الغربية، يمثلن تحديا غير متوقع لمسئولى تنفيذ القانون الذين كانوا يستعدون لتدفق الرجال، ولكنهم وجدوا أنفسهم يقررون مصير عشرات النساء والأطفال، ورغم أن عددا قليلا من النساء حاربن فى المعارك، إلا أن الحكومات بدأت تعتبرهن جميعا تهديد محتملا سواء على المدى القصير أو فى المستقبل.
وتذهب الصحيفة إلى القول بأنه بعدما أصبحت خسارة دولة الخلافة أكثر تأكيدا فى الأسابيع الماضية، أصدر قادة التنظيم توجيهات صريحة للعائدات من النساء للاستعداد لمهام جديدة تشمل تنفيذ هجمات انتحارية وتدريب لتصبحن إرهابيات فى المستقبل.
وتحدثت الصحيفة عن واحدة من هؤلاء، أطلقت على نفسها زهرة، وتقول إنها دخلت سوريا وخرجت منها دون أن يشعر بها أحد، وتقول زهرة: " سأربى أبناء وبنات أقوياء وسأخبرهم عن الحياة فى الخلافة، وحتى لو لم نكن قادرين على الحفاظ عليها، فإن أبنائنا سيعودون يوما".
وقالت آنا سبيكهارد، مدير المركز الدولى لدراسة التطرف العنيف، إنه هناك بالتأكيد حالات لنساء تم استقطابهن لداعش، لكن هناك آخريات أصبحن متطرفات بالفعل وبعضهن تولى القيام بأدوار مهمة.
واعترفت واحدة من النساء اللاتى أجرى معها المركز مقابلة، وهى من كوسوفو، أنها عادت لبلادها فقط لأنها كانت فى الأسابيع الأخيرة للحمل وأرادت رعاية طبية أفضل، وتوضح سبيكهارد أنها خرجت من أرض داعش لتلد طفلها لكنها تقول إنها تريد أن ترجع وأردت أن يكبر نجليها ليكونا من الشهداء.
وعلى مدار أشهر كان مسئولو مكافحة الإرهاب يتوقعون موجة من العائدين من "دولة الخلافة" لكن ليس هذا، ففى المغرب، سافر نحو 1600 من المقاتلين الرجال إلى العراق وسوريا منذ عام 2012 للانضمام إلى داعش مع عدد مقارب تقريبا من النساء والرجال، بحسب الأرقام التى قدمتها مجموعة "صوفان" التى تقدم المشورة للحكومات والشركات فى الشئون الأمنية.
وتباطئ تدفق المقاتلين من شمال إفريقيا وأوروبا العام الماضى فى ظل الضربات الجوية التى وجهتها قوات التحالف التى قطعت خطوط الإمداد وحاصرت معاقله، ووصل عدد قليل من المقاتلين الذكور إلى بلادهم برغم مخاوف من هجرة جماعية مع اقتراب سقوط دولة داعش، لكن القنصليات الأجنبية فى تركيا حوصرت بمئات من النساء والأطفال، من زوجات وأمهات وقريبات مقاتلى داعش، اللاتى يريدن العودة لأوطانهن.
وقد عادت عشرات النساء المغربيات بالفعل، بينما لا تزال هناك العشرات فى الانتظار فى مراكز الاحتجاز فى تركيا حيث يتم مراجعة قضاياهن.
ويعترف مسئولو المغرب بأن النساء يمثلن معضلة لصناع القرار وقوات تنفيذ القانون، فالبلد ملتزم بقبول رعاية مواطنيه، لكن لم يضع سياسة لكيفية التعامل معهم، فمن ارتكبوا جرائم سيتم الزج بهم فى السجن، لكن القانون أقل وضوحًا بشأن كيفية التعامل مع الأمهات والزوجات اللاتى لا يوجد لديهن سجل للعنف أو تاريخ للمشاركة المباشرة فى التطرف.
ويقول مسئول مغربى رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته أن كل النساء يقولن نفس القصة، أزواجهن ذهبوا لأسباب مالية وهن تبعناهم لأنه لا خيار لديهن، ورغم أن الأكثرية من هؤلاء النساء يقولن إنهن عازمات على مواصلة حياتهن السابقة، إلا أن هناك مخاوف بين خبراء الأمن من أن بعضهن لا يزال يحمل أفكارا متطرفة وسيسعى إلى ترويجها بين أفراد عائلاتهن.