«عبادة الشيطان» أسطورة تطارد واقعنا من فترة لأخرى، فعلى الرغم من ظهورها فى عصور بائدة واختفائها لفترات طويلة، فإنها دائما ما تلقى بظلها الأسود على أجيال متفاوتة، وتحفر بقطرات الدماء السائلة من طقوسها تاريخها فى عالم ما وراء الطبيعة المثير لفضول الكثيرين، فلم تقتصر هذه الأسطورة التى يعود تاريخها إلى ما قبل التاريخ على العالم الغربى وحسب، ولكنها اقتحمت على مدار التاريخ عالمنا العربى والشرقى أكثر من مرة، وكان أشهرها فى وقت التسعينيات والجماعة التى اتخذت من قصر البارون مكاناً لجلسات استحضار «الشرير الأعظم»، وفقا للمصطلح الذى يطلقونه على الشيطان، فاتسمت فى البداية بارتداء اللون الأسود وسماع نوع معين من الموسيقى، لكن الأمر تطور إلى حالات اختطاف وقتل الأطفال، بحجة أنها طقوس الجماعة، الأمر الذى تطلب التدخل الأمنى الصارم.
وبالفعل اختفت الظاهرة من مجتمعنا المصرى، لكن لا نستطيع القول بأنها انتهت تماما أو حتى قضى عليها، وهذا ما تؤكده بعض الأحداث الأخيرة واتهام إحدى فرق «الميتال» بعبادة الشيطان، وهى القضية التى لم تثبت صحتها من زيفها بعد، لكنها تؤكد بشكل أو بآخر أن هذه الطقوس الماجنة والتى تحلل الجنس والشذوذ والقتل تحت مسمى عبادة الشيطان ما زالت موجودة، لكنها بعيدة عن الأضواء.
لذلك تظل هذه القضية الشائكة مجرد «أسطورة» مسكوت عنها انتقلت من عالم الخيال فى أزمنة سابقة إلى عالمنا الواقعى فى عصورنا الحديثة، وحتى ندرك أكثر عن هذه القصة التى لم نسرد تفاصيلها بعد والتى تجمع بين الزيف والحقيقة دعونا نقترب أكثر من هذا العالم ونقتحم طقوسه وأسراره التى كانت وما زالت خطوطا حمراء نتجاهل الحديث عنها.
«عبادة الشيطان» تعود إلى ما قبل الميلاد
اختلفت الآراء حول بداية ظهور هذا الفكر الشيطانى، فبعض المؤرخين أرجعوا نشأته إلى القرن الأول الميلادى عند جماعة سميت «الغنوصيين» وذكر عن هؤلاء أنهم كانوا يشركون بالله ويعبدون الشيطان معه وكأنه مساو له فى القوة والعظمة والسلطان، ثم بدأت جماعة أخرى تدعى «البولصييين» فى الظهور، وهم الذين كسروا فكرة الإشراك تماما، وبدأوا طريقهم نحو الكفر والإيمان بالشيطان وحده وكأنه القوى العظمى والكبرى، وهو خالق كل هذا الكون وأن «الله» هو مجرد منافس له على السلطان ولا يستطيع أن يهز عرشه.
وعلى الرغم من اختلاف الروايات حول نشأة هذه الجماعة الشاذة، فإن معظم الآراء أجمعت على أن بداية الظهور الحقيقية كانت قبل الميلاد، ولم تظهر تحت اسم معين، إلا أنها كانت بذرة ونواة لهذا الفكر، وهذا ما أوضحه القرآن الكريم فى سورة مريم حيث قال تعالى: «يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً».
كما برزت معالم هذه الديانة أثناء الحرب الصليبية، حيث استعانت جيوش الغرب بمجموعات من الجنود تحت مسمى «فرسان هيكل» وكانوا يرتدون ملابس خاصة ويضعون أقنعة مخيفة على وجوههم، لكن تحطمت أسطورتهم بعد أن هزمهم صلاح الدين سنة 1118 م.
اختفت هذه الديانة وهذا الفكر غير القويم بعد العصور الوسطى، ثم عاد ليأخذ شكله واسمه الأخير «عبادة الشيطان» الذى ظل عليه حتى الآن ففى الإنجليزية «Satanism» هذا التعبير هو الرمز إلى من يعبد الشيطان، وهذا ما قصده مؤسس هذه المنظومة «أنطون لافى» ووضع رمزه المعروف 666.
الصهيونية والماسونية والفكر الشيطانى
وفقا لتطابق الرموز والشعارات بين الصهيونية وعبادة الشيطان أرجع بعض المحللين والمفسرين عودة هذا الفكر فى العصر الحديث بدعم كبير من الحركة الصهيونية والماسونية، حيث انتشرت منظمات شيطانية لعبدة الشيطان فى العالم بتدعيم مادى غير معلوم المصدر، كمنظمة «ONA» فى بريطانيا، و«OSV» فى أيرلندا، و«معبد ست» فى أمريكا، و«كنيسة الشيطان» وهى أكبر وأخطر هذه المنظمات، وأسسها الكاهن اليهودى «أنطون لافى» سنة 1966، ويقدر عدد المنتمين إليها 50 ألف عضو، ولها عدة فروع فى أمريكا وأوروبا وأفريقيا، وأثبتت الأحداث من التسعينيات، وحتى الآن على الرغم من خلو المنطقة العربية من هذه المؤسسات فإن ذيولها ما زالت تتحرك فى مجتمعاتنا دون توقف برعاية هذه المنظمات الخبيثة.
تعاليم «الإنجيل الأسود»
تعتبر هذه المجموعات أنها تنتمى إلى ديانة خاصة بذاتها، لذلك يلجأون إلى كتاب مقدس بالنسبة لهم هو «الإنجيل الأسود» كما يطلقون عليه، والذى ابتدعه الكاهن « ليفى» مؤسس الجماعة والمؤسس لكنيسة الشيطان «بسان فرانسيسكو»، وينظم الكتاب العلاقات فيما بين المنتمين للطائفة، كما أنه بمثابة مرشد ودليل على قواعدهم ونهجهم ومعتقداتهم، كما أنه يحتوى على نصوص وكلمات بعينها تمثل التعاويذ الخاصة بإحضار الشيطان بجلساتهم، فضلا عن تضمنه لبعض النصوص التى تؤكد أن المنتمين إلى عبدة الشيطان موهوبون ومبدعون، وليسوا منحرفين، ولكنهم يمارسون الحياة من غير قيود أخلاقية، فالأخلاقيون أفسدوا الحياة وآن أوان التخلص من الأخلاق، لأنها عنصر معوق وليست عامل دفع وترقية.
كما يوضح أيضاً «الأنجيل الأسود» أن للجماعة نظاما وتدرجا تعليميا، فبعضهم أمير وآخرون منتمون، وبعضهم أمير مجموعة، والأعلى من ذلك من له اسم الشر، والذى يفوقهم جميعاً فى الدرجة من يطلق عليه الشر الأعظم.
وباسم هذا الكتاب تمارس الجماعة فى كل جلسة الجنس الجماعى، ففى بداية الجلسات يتعاطون المخدرات حتى يفقدوا وعيهم، ثم يتعرون ويستبيحون الأعراض، ويمارسون الجنس المشاعى واللواط، وكله بتعاليم هذا الكتاب الأسود ويحمل المنتمون إلى هذه الديانة وصايا الشيطان على رؤوسهم، فهى بالنسبة لهم المنهج الرسمى الذى يبنون على أساسه حياتهم، ولهذه الوصايا نص ثابت يترجم حرفيا إلى جميع اللغات يتضمن حب اللذات وممارسة الشهوات والابتعاد عن الزواج والإنجاب والحب على أساس أنه ضعف ولا يليق بالشر الأعظم، كما يحتوى الكتاب على تعاليم بعينها تتلخص فيما يلى:
• «اقتل ما رغبت فى ذلك، امنع البقرة من إدرار اللبن، أجعل الآخرين غير قادرين على الإنجاب، أقتل الأجنة فى بطون أمهاتهم، اشربوا دم الصغار واصنعوا منه حساء، أخبزوا فى الأفران لحومهم، اصنعوا من عظامهم أدوات للتعذيب».
• لا تتزوج ولا تنجب وانغمس فى اللذة.. أهم الوصايا العشر
• اتبع الشيطان فهو لن يأمرك إلا بما يؤكد ذاتك ويجعل وجودك وجودا حيويا.
• أطلق العنان لأهوائك وانغمس فى اللذة.
• الشيطان يمثل الحكمة والحيوية غير المشوهة، التى لا خداع فيها للنفس، ولا أفكار فيها زائفة سرابية الهدف.
• أفكار الشيطان محسوسة ملموسة ومشاهدة، ولها مذاق، وتفعل فى النفس والجسم فعل الترياق، والعمل بها فيه الشفاء لكل أمراض النفس والوقاية منها.
• لا ينبغى أن تتورط فى الحب، فالحب ضعف وتخاذل وتهافت، فأزهق الحب فى نفسك لتكون كاملا.
• أظهر أنك لست فى حاجة لأحد وأن سعادتك من ذاتك لا يعطيها لك أحد، وليس لأحد أن يمن بها عليك، وفى الحب يكون التفريط فى حقوقك فلا تحب، وانتزع حقوقك من الآخرين.
• من يضربك على خدك فاضربه بيديك على جسمه كله.
• لا تحب جارك وإنما عامله كأحد الناس العاديين.
• لا تتزوج، لا تنجب، فتتخلص من أن تكون وسيلة بيولوجية للحياة وللاستمرار فيها، وتكون لنفسك فقط.
شرب دماء الأطفال من طقوس استحضاره
لم تتوقف طقوس الانضمام لهذه الديانة على تناول جرعات زائدة من المخدرات ونبش القبور وزنا المحارم وحسب، فتعد هذه الأفعال هى مجرد بداية تؤهل هؤلاء الأشخاص إلى ما هو أكثر مجونا، فبعد أن يصل الفرد إلى مرحلة اللاوعى والانتماء والإيمان الكامل للشيطان هنا تبدأ حفلات استحضار الشيطان، والتى عرفت بشكلين «القداس الأسود» و«القداس الأحمر» ولكل منهما طقوس، خاصة منها من يميل إلى شرب الدماء، ومنها يتخذ من ذبح الأطفال وسيلة لاستحضار الشرير.
القداس الأسود: تعد هذه هى الطريقة الأولى لاستحضار الشيطان فى جلسات مغلقة، حيث يتم استدعاؤه فى غرفة مظلمة، مرسومة على جدرانها رموز شيطانية وفيها مذبح مغطى بالأسود، وتوضع على المذبح كأس مليئة بالعظام البشرية، أو الخمور ونجمة الشيطان ذات الأجنحة الخمسة، وديك أسود الريش وصليب منكس، ثم يمسك الكاهن أو الكهنة بعصا، وتبدأ قراءة القداس لاستحضار الشيطان، ثم يبدأ الكاهن فى مسك الخنجر ويذبح الديك ويضع دماءه فى كأس يشرب منها ويمررها على بقية الجماعة.
القداس الأحمر: وهو الشكل الثانى لاستحضار الشيطان، ويعتمد على تقديم أضحية بشرية بدلا من الديك، وغالبًا ما تكون هذه الأضحية طفلا لم يبلغ بعد، أو جنينا نتيجة لعملية الزنا، وتسير الجلسة بنفس نظام القداس الأسود، ثم يذبح الطفل فى نهايتها حتى يظهر الشيطان أو يصدر بعض الأفعال التى تؤكد على حضوره الجلسة.
رموز جلب الشرير
ابتدع هؤلاء المنتمون لعبادة الشيطان رموز وشعارات أخرى لا يدركها سوى أعضائها حتى يستطيعوا التعرف على بعضهما البعض بدون ولا كلمة، وعادة ما تكون هذه الرموز على هيئة وشم أو إشارات باليد يستخدمونها بدلائل ومعانٍ خاصة.
• رأس الكبش: وهو يمثل الشيطان نفسه وهو أشهر رموزهم ويمثل الإهة
• العين الثلاثية: رمز مشترك بينهم وبين الماسونية وهو مرسوم على الدولار الأمريكى، وتمثل عين الشيطان.
• النجمة الخماسية: وهى العلامة التى يحملها علم إسرائيل وهى فى نفس الوقت رسمة كان يستخدمها الكهنة قديما لاستحضار الشيطان.
• حركات الأصابع: غالبا ما يقومون بثنى الأصابع الوسطية مع فرد السبابة والأصبع الصغير بغرض محاكاة قرون الشيطان.
• الهلال والنجمة: رمز مشترك بينهم وبين الماسونية يشكل بالنسبة لهم إلهة القمر «ديانا» وإلهة الحب «فينوس» وهو الأكثر استخداما عند الساحرات
• المذبح: رسمة مبنى من رخام أو جرانيت بواسطة حفرة على شكل النجمة الخماسية وحولها دائرة.
• أدوات المذبح: خنجر سيف بمقبض أسود منقوش على شفرتة كلمات شيطانية
موسيقى الميتال وعبادة الشرير الأعظم
يخلط البعض بين أنواع موسيقى معينة، مثل «الميتال» وبين عبادة الشيطان، وفى الحقيقة على قدر اقترابهما من بعضهما البعض على قدر ابتعادهما تماما، فعبدة الشيطان شعراء متخصصون فى كتابة الكلمات التى تعظم الشيطان وتسب الرحمن، وتثير الغرائز وتلهبها ويكون العزف بيانو وبوق.
أما موسيقى «الميتال» فيعتقد البعض أنها تابعة لهذه الديانة، وجاء هذا الخلط بسبب كثرة استخدام الرموز الشيطانية أو الوثنية كعنصر مهم فى أغانيهم، وتم اتهام العديد من فرق الميتال حول العالم بالشيطانية، وعلى الرغم من خروج بعض أعضائها ليوضحوا هذا اللبس وأنهم يستخدمون هذه الشعارات كنوع من صدم للجمهور وإحداث أمر مغاير وجديد على القالب الفنى، فإن الشكوك والتساؤلات والاتهامات بعبادة الشيطان ما زالت تدور حولهم.
اللواط ومعاشرة الحيوانات
يعتبر الغرض الرئيسى عند هذه الديانة منذ نشأتها وحتى الآن هو التمتع بكل اللذات بدون أى قيود، وإشباع الغريزة الجنسية هو على رأس قائمة هذه الشهوات واللذات، ولم يتم ذلك إلا من خلال ممارسة الجنس بكل صوره وكل أشكاله مهما كانت، حتى إن تطلب الأمر ممارسة العلاقات الجنسية مع الحيوانات.
فلا يجدون أى مشكلة فى الإتيان بالكلاب والأبقار والحمير وممارسة الجنس معها، ولم يتوقف الأمر عند هذا فحسب إنما أيضا يلجأ البعض لإقامة علاقة شاذة مع جثث الموتى، كذلك الانحرافات الجنسية المختلفة مثل اغتصاب النساء والأطفال، واللواط وممارسة المثلية، كما يؤمن أفراد هذه الطائفة بإباحة كل أنثى لكل ذكر، ويميلون إلى زنا المحارم وكلما كانت الحرمانية أكبر كلما كان أفضل بالنسبة لهم، وكل ذلك لا بأس به طالما سيشبعون رغبتهم الجنسية.