يبدو أن معركة الرمادي الأخيرة، ستكتب نهاية لتنظيم طالما اشتهر بممارسات وحشية ودموية كبيرة لم تشهدها المنطقة منذ عقود طويلة، ظهر تنظيم داعش للمرة الأولى فى أبريل من العام 2013، وقدم نفسه على أنه نتيجة اندماج بين تنظيمى "دولة العراق الإسلامية" التابع لـ"القاعدة" و"جبهة النصرة" السورية.
اعترض "داعش" علنًا على سلطة زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهرى ورفض الاستجابة لدعوته إلى التركيز على العراق وترك سوريا لجبهة "النصرة".
وكان "داعش" يعمل فى بداياته فى العراق تحت اسم "جماعة التوحيد والجهاد" ثم تحول إلى تنظيم "القاعدة فى بلاد الرافدين" بعد تولى أبو مصعب الزرقاوى قيادته فى 2004 ومبايعته زعيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن، وبعد مقتل "الزرقاوى" فى العام 2006 جرى انتخاب أبى حمزة المهاجر زعيما للتنظيم، وفى نهاية السنة تم تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبى عمر البغدادى.
وفى يوم الاثنين الموافق 19/4/2010 شنت القوات الأمريكية والعراقية عملية عسكرية فى منطقة "الثرثار" استهدفت منزلا كان فيه أبى عمر البغدادى وأبى حمزة المهاجر، وبعد اشتباكات عنيفة بين الجانبين واستدعاء الطائرات تم قصف المنزل ليقتلا معا، وتم عرض جثتيهما على وسائل الإعلام وبعد أسبوع واحد اعترف التنظيم فى بيان له على "الانترنت" بمقتلهما، وبعد حوالى عشرة أيام انعقد مجلس شورى الدولة ليختار أبى بكر البغدادى خليفة له، والناصر لدين الله سليمان وزيرا للحرب.
وبعد اشتعال الأزمة السورية أعلن "البغدادى" أن جبهة النصرة والتى تقاتل ضد النظام السورى، بأنها امتداد لدولة العراق الإسلامية، وأعلن فيها إلغاء اسمى جبهة النصرة ودولة العراق الإسلامية تحت مسمى واحد وهو "الدولة الإسلامية فى العراق والشام".
سيطر التنظيم على مناطق شاسعة فى العراق وسوريا، وزادت قوته بعد سقوط مدن كاملة فى وسوريا والعراق فى قبضته، فى الوقت الذى بدأ العالم يتخوف من هذه القوة خاصة بعد أن قام بتنفيذ عمليات له خارج مناطق نفوذه لتشمل عواصم أوروبية كبيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر، العملية الكبيرة التى قام بها فى العاصمة الفرنسية "باريس" وراح ضحيتها مئات القتلى والمصابين.
قامت الدنيا بعد هذه العملية، تحالفات كثيرة بدأت تظهر وتتشكل، وكلها هدف واحد وهو القضاء على هذا التنظيم، وبعد دخول روسيا على خط الأزمة السورية، سددت موسكو ضربات موجعة للتنظيم فى سوريا، وعلى الجانب الآخر، قام التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة بمحاصرة التنظيم فى العراق، وحررت مدن عراقية واحدة تلو الأخرى من قبضة التنظيم الإرهابى.
معركة تحرير "الرمادى"، بمثابة "مسمار" فى نعش هذا التنظيم الإرهابى، ويبدو أن التنظيم دخل مرحلة الضعف، بعد محاصرته فى عدة مناطق يسيطر عليها فى سوريا والعراق، وليبيا، خاصة بعد اتفاق "الصخيرات" الذى ينهى الانقسام الليبى، مما سيكون له أكبر الأثر فى وقوف الليبيين جنبا إلى جنب ضد هذا التنظيم.
رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى قال فى تصريحات صحفية، بعد سيطرة الجيش العراقى على مدينة الرمادي، أن العام المقبل سيشهد نهاية وجود تنظيم "داعش" الإرهابى على أرض العراق، وستكتب نهاية وجود التنظيم بهزيمة كبرى فى 2016".
السؤال هنا، هل سيشهد العالم فى 2016 نهاية لتنظيم "داعش" الإرهابى؟، أم أنه سيتمدد وسيتوحش أكثر من ذى قبل.
بالرغم من أن المنطقة العربية تقاطعت فيها كل المعادلات الإقليمية والدولية، وتشابكت فيها كل خيوط الصراعات، التى بدورها ستعطى "قبلة الحياة" للتنظيم، لكن يبدو أن المنطقة ستشهد تحولات دراماتيكية وسريعة خلال 2016، حيث ظهر جليا بداية نهاية الأزمة الليبية، وجلوس فرقاء اليمن على طاولة واحدة لبحث حل أزمة بلدهم التى مزقتها الحرب، أضف إلى ذلك اتفاق المجتمع الدولى على ضرورة نهاية الأزمة السورية، الأمر الذى سيؤدى بالضروة إلى حصار هذا التنظيم، وإنزال هزائم متلاحقة لقواته فى شتى المناطق التى يسيطر عليها، وبالتالى القضاء عليه، ولاشك أن استقرار الشرق الأوسط سيساعد وبقوة فى القضاء على "أيقونة الإرهاب" فى المنطقة.