"القدس خط أحمر".. هكذا ردت الدول العربية ووسائل الإعلام المختلفة على قرار أمريكى بنقل سفارة واشنطن إلى القدس، إذ تلقى رئيس دولة فلسطين محمود عباس، اتصالا هاتفيا من الرئيس الأمريكى ترامب، أطلعه على نيته نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، أطلق بعدها أبو مازن رسالة استغاثة لبابا الفاتيكان للتدخل وناشد قادة العالم العربى بالوقوف فى وجه القرار المزعوم الذى يشعل الأوضاع، فبادر عدد من الكتاب والمحللين العرب بالتعبير على رفضهم وشجبهم للقرار بالصحف العربية فى مقدمتها "الشرق الأوسط" و"عكاظ".
تحت عنوان "ترامب وأربعاء القدس الحزين" كتب إميل أمين على صفحات الشرق الأوسط، إن هذه الخطوة إذا تمت سوف تصيب العالم العربى فى القلب، فالقدس ليست مدينة اعتيادية بالمعايير والمفاهيم الجغرافية أو الديموغرافية، إنها مدينة مقدسات لا تقبل منطلقات التقسيم ولا التجزئة، ولهذا تبقى كرامتها عند العرب فى سويداء القلب، والانتقاص من قدرها على النحو المتوقع سيسبب مشاكل للولايات المتحدة فى الساحة العربية، ويمكن القطع بأن مستشارى ترامب ومساعديه يدركون فداحة الأمر وتكاليفه العالية والغالية على النفوذ الأمريكى المتهاوى شرق أوسطيا، وأن العرب ليس عندهم قضية جوهرية كما القضية الفلسطينية التى طال من حولها الألم، وتبعثر من حولها الأمل عبر سبعة عقود متوالية.
كما كتبت الصحف العربية وفى مقدمتها عكاظ تحت عنوان "القدس خط أحمر"، إن الموقف العربى والسعودى ثابت من قضية القدس ودعم الشعب الفلسطينى، مشيرة إلى موقف المملكة الرافض للقرار الأمريكى المزعوم بشأن القدس، والذى يدعم الإرهاب فى المنطقة .
وأكد الكاتب الفلسطينى بكر عويضة على صفحات الشرق الأوسط، إن أمر نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس لا يمكن أن يطوى ملف صراع استمر قرونا كما أن تاريخ أورشليم ، يقول إنها تراجيديا ظلت حروبها بين قبائل العبرانيين تعبر من حرب لغيرها ولم تزل طائفة " ناطورى كارتا" اليهودية ترفض الاعتراف بدولة إسرائيل الحالية، واقترح دعوة واشنطن لافتتاح سفارة فى رام الله وقنصلية بقطاع غزة.
افتتاحية الرياض
وفى افتتاحيتها كتبت الرياض تحت عنوان " مبادرة السلام مرة أخرى" إن عزم الإدارة الأمريكية نقل سفارتها فى (إسرائيل) إلى القدس المحتلة سيخلف ردود فعل واسعة النطاق صبت كلها فى الرفض التام لهذه الخطوة مما يزيد من تعقيد وضع هو معقد بما فيه الكفاية.
القضية الفلسطينية الأقدم فى التاريخ الحديث دون حل مازالت تراوح مكانها دون أفق يمكن التعويل عليه لحلحلتها عطفا على مجريات الأحداث وجمودها، فبدلاً من طرح نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة كان من الأجدر طرح أسس لحل توافقى يعطى أملاً ضاع منذ زمن بعيد فى الوصول إلى تسوية من خلال مبدأ (الأرض مقابل السلام) الذى نصت عليه مبادرة السلام العربية التى مضى عليها خمسة عشر عاما «أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجى للدول العربية يتحقق فى ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزاما مقابلاً تؤكده إسرائيل فى هذا الصدد.»، ودعوة «إسرائيل إلى الانسحاب الكامل من جميع الأراضى العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذا لقرارى مجلس الأمن (242 و338) واللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية فى إطار سلام شامل مع إسرائيل.»
هذه المبادرة التى لم تقبل بها (إسرائيل) كونها لم تدخل ضمن حساباتها ولا تحقق لها مخططاتها التى لا تتناسب وتلك المبادرة التى كان من الممكن أن تكون أساسا مرضيا لحل توافقى طويل الأمد يجنب المنطقة التوترات التى عاشت ومن الممكن أن تعيش فى المستقبل.
نعرف أن الإدارة الأمريكية لن تتخذ خطوة بهذا الحجم وهذه الخطورة إلا بعد أن تتدارسها تماما وتوزن سلبياتها وإيجابياتها وانعكاساتها، فتلك الخطوة حال تنفيذها ستكون لها آثار غاية فى السلبية على العالم وليس الدول العربية فحسب وذلك تمثل فى ردود الأفعال التى صدرت من الحكومات الغربية التى طالبت الولايات المتحدة بعدم المضى فى خطوتها والتفكير مليا فى تنفيذها.