"الشبورة" تعددت الطرق والقتل واحد.. خبراء البيئة: تضاعف أثر التلوث قرب المصانع يشكل ظاهرة الضبخان القاتلة.. ويؤكدون: الضباب الملوث يقتل 14 ألف إنجليزى عام 1952.. وينصحون بدراسة إيقاف المصانع الملوثة و

قبل نصف قرن من الزمان، وتحديدا عام 1952 هبط الضباب على مدينة لندن فاختلط بدخان المصانع ليصنع الظاهرة التى عرفت بـ"الضبخان" وهو اختلاط الضباب والدخان سويا، كانت المسألة فى لندن كارثة قومية، ويقدر عدد الذين ماتوا بسببها نحو 14 ألف شخص، بالإضافة إلى نفوق آلاف الحيوانات، وكذلك تدمير مئات الهكتارات من المزروعات. فى هذه الفترة تمر مصر بشبورة كثيفة تصل إلى حد الضباب فى كثير من الأحيان، ورغم أن الشبورة أو الضباب لا يمكن مقارنته بضباب لندن الشهير، إلا أن اختلاط هذه الشبورة المائية فى ساعات الصباح بالملوثات الناتجة من مداخن المصانع وعوادم السيارات تسبب أثرا سلبيا كبيرا، كما قال خبراء البيئة لـ"انفراد"، مؤكدين أن "الضباب" يضاعف من آثار التلوث على مدينة مثل القاهرة، والتى تصنف ضمن المدن الأكثر تلوثا فى العالم أصلا. وفى دراسة صدرت عن البنك الدولى صدرت عام 2016 أكد أن مصر تكبدت خسائر تقدر بـ 17 مليار دولار سنويا بسبب تلوث الهواء، وأن عدد الوفيات المرتبطة بتلوث الهواء فى مصر بلغت 39 ألف و118 حالة وفاة فى عام 2013 وحده، وأكدت الدراسة أن مصر وإيران من أكثر البلاد تضررا، سواء من حيث أعداد الوفيات التقديرية والتكلفة الاقتصادية. لا تتوقف الخطورة عند هذه المرحلة ففى دراسة أخرى صادرة عن منظمة الصحة العالمية فى عام 2016، أكدت الدراسة أن القاهرة أتت فى المرتبة الثالثة ضمن أكثر المدن تلوثا فى العالم، فى دراسة شملت 3 آلاف مدينة فى 103 دولة. فى ظل كون مصر واحدة من أكثر الدول تلوثا فى العالم، هل يمكن أن تؤثر ظاهرة الشبورة الكثيفة التى نشهدها بشكل متكرر مؤخرا على هذا التلوث فتزيد من حجمه؟ فى البداية توجهنا إلى الدكتور مجدى علام أمين اتحاد خبراء البيئة العرب، ومستشار وزارة البيئة السابق، الذى شرح لنا الأمر، قائلا إن الشبورة عبارة عن قطرات من بخار المياه، تكون مثل فقاعة صغيرة تجذب الملوثات خصوصا الاتربة الصغيرة وبقايا الحرائق الصادرة من مداخن المصانع، ومن هنا أتى اسمها الإنجليزى الذى تحول إلى الـ "smog" القادم من اتحاد كلمتى "fog" أى ضباب و “smoke” أى دخان، وهى الكلمة التى تم تعريبها بالعربية إلى كلمة "الضبخان"، هذه الظاهرة لها أثر سيئ ومضاعف على الإنسان من حيث التلوث، فبدلا من أن يطير الملوث إلى الغلاف الخارجى أصبح أكثر ثقلا وينزل إلى الأرض ناحية الإنسان فيضاعف من أثر الملوث على الحياة البشرية من ناحية زيادة الالتهابات وأمراض العين والأنف والأذن والحنجرة، وإذا كانت الملوثات كيميائية تضاعف الأثر. وضرب علام فى تصريح خاص لـ"انفراد" المثال بمحطات كهرباء شبرا الخيمة أو الوراق، إذا لاحظنا سنجد المزروعات بجوار تلك المحطات تعانى من مشكلات، فنقطة البخار الموجودة فى الشبورة والضباب تأخذ أكاسيد الكبريت وأكاسيد الكربون لتهبط على المزروعات وتحرقها، هذه القطرات تؤثر على العين والأنف والأذن والحنجرة، ولذلك نلاحظ أن الشبورة تكون بيضاء على الأماكن الصحراوية ولكن فى مناطق مثل شبرا الخيمة أو قويسنا نجد اللون أسود نتيجة مخلفات المصانع كل هذا يجعل "الشبورة" سوداء وليس بيضاء. وحول الإجراءات الوقائية من ظاهرة "الضبخان" قال مستشار وزير البيئة السابق إننا لا نستطيع أن نتحكم بالشبورة أو الضباب ولكن التحكم هو عن طريق المصانع أن تقلل من "نسب الحرق" فى توقيت الشبورة أو الضباب، وفى نفس الوقت يجب أن تكون الخدمات الصحية أكثر اهتماما بهذه المناطق التى يهبط عليها الضباب والقريبة من الدخان. الأهم أن نعمل على تفعيل خطة منع الملوثات، لأن نقل الصناعات من المدن المصرية أصبح واجبا، مثلا شركات الأسمنت على الكورنيش وافقوا على هذا الأمر من قبل ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم هذا النقل، لأنها مؤثرة على صحة السكان، ولابد لمصر أن تضع خطة لنقل المصانع داخل المدن إلى الطرق الصحراوية، وأن تكون جميع المصانع على بعد 50 كيلو متر من المدن السكنية، مشيرا إلى أن الدكتور الجنزورى كان قد اتخذ قرارا بنقل الصناعات الثقيلة لتكون على بعد 100 كيلو متر من داخل المدن، ولكن هذا القرار لم يفعل. الدكتور وحيد سعودى خبير المناخ، شرح لنا أن الشبورة تتكون فى ظروف مناخية معينة، سببه الارتفاع الملحوظ فى نسبة الرطوبة لا يقل عن 85% وهدوء فى حركة الهواء، مبينا أن الفارق بين "الشبورة" و"الضباب" أن الشبورة هى التى ينخفض فيها الرؤية إلى حوالى 1000 متر، أما الضباب فهو ما أقل من 1000 متر وحتى صفر. وأضاف سعودى فى تصريحه لـ "انفراد" أنه إذا كانت هناك تلوث فى المنطقة التى تكونت فيها الشبورة فهى بلا أدنى شك ستؤثر على السكان، لأن الطبيعى أن الملوثات تتحرك بفعل الهواء وسخونتها إلى الأعلى، ولكن بعد هبوط "الشبورة" فإن جزيئات بخار الماء الموجودة بها سريعا تلتحم بجزيئات الملوثات فتأخذها وتهبط بها إلى الأسفل. خبير المناخ والأرصاد الجوية أكد أن الأمر يحتاج إلى تنسيق كامل ودقيق لتخفيف من أثر الشبورة على التلوث، ففى حال مثلا أعلنت الأرصاد الجوية عن وجود "شبورة" أو "ضباب"، فمن الأفضل أن تكون هناك توقف للمصانع الملوثة للبيئة، وإجراء دراسات اقتصادية حول تأثير هذا الامر الاقتصادية. لكن خبير البيئة الدكتور نبيل فتحى كان على عكس سابقيه، فخفف من أثر الأمر قائلا إن الشبورة فى مصر تنقشع ولا تدوم سوى لساعات قليلة جدا، مؤكدا فى تصريحه لـ "انفراد" أن الأمر يختلف كليا عما حدث فى لندن عام 1952. وأكد فتحى فى تصريح خاص لـ"انفراد" أن "الضبخان" فى لندن دام أسبوعا كاملا وليس ساعات الصباح فقط كما يحدث فى مصر، كما أن الظروف المناخية مختلفة بسبب ارتفاع الرطوبة الشديد فى لندن مثلا بسبب الأمطار المستمرة، وكذلك المناطق الصناعية وقربها من المدن فى هذا الوقت، رافضا التشبيه مطلقا مع ما يحدث فى مدن أخرى. عدنا إلى الدكتور مجدى علام لنسأله فى رأي الدكتور نبيل فتحى، فأوضح لنا قائلا إن ما حدث فى لندن يعتبر كارثة كبرى،ونحن لم نصنف الشبورة على أنه كارثة كبرى ولكن صنفناها على أنها حدث ذو أضرار جانبية فى بعض المناطق ، إذن يصنف بأنه حدث له آثار جزئية، حدث "الضبخان" أو الضباب الكبير وقع فى إيران وفى الصين، وحدث أيضا فى مصر حينما قدمت السحابة السوداء، لأنها سببت ارتفاع فى حالات الربو والتهابات الحلق والعين وتأثر بين الأطفال، وهذه هى الإحصائيات الرسمية التى تم جمعها. من جانبه قال محمود عبد المجيد مدير مستشفى العباسية للأمراض الصدرية، إن هناك ارتفاع يكون ملحوظ فى الإصابة بأمراض الصدر فى الفترة التى تتعرض فيها مصر لظاهرة "السحابة السوداء"، مؤكدا فى الوقت نفسه أن هناك مشكلة فى مصر أنه لا يوجد دراسات واضحة مثل الدول المتقدمة حول تأثير ظواهر تلوث الهواء على المواطنين، ولكننا نلحظ ذلك بشكل فردى خاصة فى الأماكن القريبة من المصانع خاصة ثقيلة الانتاج.










الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;