مركز أبحاث أمريكى يقدم روشتة علاج أزمة الدولار فى مصر.. يوصى بتحرير سعر الصرف.. ومسؤول مصرفى: "تعويم الجنيه" حاليًا مستبعد.. وتنمية موارد الاحتياطى الأجنبى وترشيد الاستيراد هدفنا فى الوقت الحالى

نشر المجلس الأطلنطى، وهو مركز بحثى أمريكى، تحليلا للأزمة الحالية الخاصة بتراجع قيمة الجنية مقابل الدولار فى مصر، مشيرا إلى أن تغيير النظام النقدى والسماح بقدر أكبر من المرونة لسعر الصرف هو الطريق الصحيح الذى يمكن من خلال تقليل الإعتماد على المساعدات المالية الخارجية، التى تمثل واحدة من أهداف الرئيس عبد الفتاح السيسى.

انخفاض قيمة الجنيه حتمية ويقول مركز الأبحاث الأمريكى فى تحليل، نشره نهاية الأسبوع، إن هناك إجماعا داخل مصر وخارجها بأن انخفاض قيمة الجنيه المصرى وشيكة. إذ أن الأمر مسألة أسابيع أو أشهر قبل أن يضطر البنك المركزى إلى التخلى عن دعم العملة الذى يجرى عبر التحكم فى الواردات مع رفع الرسوم الجمركية، فضلا عن شراء الدولار.

من جانبه، قال مسؤول مصرفى رفيع المستوى لـ"انفراد"، إنه فى الوقت الحالى لا نية لتعويم الجنيه، أو إجراء خفض فى قيمته أمام الدولار الأمريكى، مؤكدًا أن البنك المركزى المصرى عمل على رفع الطلب على الجنيه المصرى من خلال رفع قيمة الفائدة عليه فى وعاء إدخارى – شهادات الإدخار الثلاثية – مما جذب سيولة تقدر بنو 130 مليار جنيه ساهمت فى تنازلات كبيرة عن الدولار لصالح هذا الوعاء الإدخارى.

وأكد المصدر أنه من الممكن أن يفكر فى تعويم الجنيه أو إجارء خفض فى قيمته أمام الدولار إذا وصل حجم الاحتياطى الأجنبى بين 25 و30 مليار دولار، والذى يصل حاليًا إلى 16.5 مليار دولار، لافتًا إلى أن تنمية موارد الاحتياطى حاليًا يعد هدفًا للبنك المركزى بالتنسيق مع الحكومة إلى جانب ترشيد استيراد السع غير الضرورية وذات البديل المحلى.

ويعنى "تعويم الجنيه"، إخضاعه لقوى العرض والطلب، أى يتحدد سعر مقابل الدولار عن طريق حجم الطلب والعرض على العملة الأمريكية، ى حين أن البنك المركزى المصرى يتبع الآن سياسة التعويم المدار الذى يتيح لصانع السياسة النقدية التدخل فى توقيتات محددة لمقابلة الطلب على العملة الخضراء بمعروض دولارى مناسب.

وآلية العرض والطلب فى سوق الصرف أساس عمل البنك المركزى المصرى فى السيطرة على سعر العملات المختلفة خاصة الرئيسية منها وهى الدولار الأمريكى واليورو والجنيه الإسترلينى والعملات التى تشهد طلبًا موسميًا هامًا مثل الريال السعودى فى موسمى الحج والعمرة.

ويضيف التقرير أن البنك المركزى نفى تخفيض قيمة العملة وهو رد فعل طبيعى لأنه إذا أقر بهذا فسوف يتجه الكثيرون فورا لشراء العملات الأجنبية ومن ثم تنفذ إحتياطات النقد الأجنبى مما يفاقم الأزمة. لذا فإن نفى أى إحتمال لخفض قيمة العملة يسمح للبنك المركزى بإختيار توقيت وحجم الإنخفاض فى حال إبتلعت الأسواق الأمر.

وبينما يبلغ سعر الصرف الرسمى 7.80 جنيه مقابل الدولار، فإن السعر فى السوق السوداء قد تجاوز الـ9 جنيه مقابل الدولار الأمريكى أى أقل من 15% عن السعر الرسمى. ويشير التقرير إلى أن معدل التضخم السنوى فى مصر يبلغ 10% مقارنة بـ2% لدى شركائها التجاريين، مما يفقدها القدرة التنافسية الدولية بنسبة 8%.

ويمضى التقرير إلى أن جميع المؤشرات المختلفة تشير إلى تعديل قيمة الجنية بنسبة 10-15%. وهذا الإستنتاج مدعوم بالتحليل الفنى لصندوق النقد الدولى IMF،والذى أظهر تعديل قيمة الجنيه بنسبة تصل إلى 16% عام 2015 ، إذ أن القيمة الحقيقة للجنيه يجب أن تكون 9 جنيه مقابل الدولار الواحد بدلا من 7.8.

تقليل الواردات وينتقل التقرير معلقا على قول محافظ البنك المركزى، طارق عامر أنه لتقليل الضغط على الإحتياطى الأجنبى فسيتم تقليل الواردات بنسبة 25% أى ما يعادل 20 مليون دولار خلال عام 2016. بما بعنى محاولة التوازن بين الواردات والصادرات. ويرى المجلس الأطلنطى ان تقليل قيمة الجنيه بنسبة 15% سوف يعمل على تقليل الواردات وزيادة الصادرات لكنه لن يكون كافيا لوقف إختلال الميزان التجارى الذى بلغ فى 2015 أكثر من 25 مليار دولار. ومن ثم، فما لم تكن مصر قادرة على استعادة واردات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة والتمويل الخارجى، فإن الضغط على الإحتياطات الأجنبية سوف يعود مجددا.

تحرير سعر الصرف وأضاف التقرير أنه إذا أرادت مصر تجنب المضى فى تعديل قيمة الجنيه وفقدان المزيد من إحتياطات العملة الأجنبية، فيجب عليها التحرك نحو سوق أكثر مرونة فيما يتعلق بنظام سعر الصرف. وهذا من شأنه تقليل الواردات والمساعدة فى الصادرات وجذب الإستثمارات الأجنبية المباشرة. ومن ثم لن تكون مصر بحاجة إلى مواصلة البحث عن التمويل الخارجى، القادم بشكل رئيسى من أصدقائها فى الخليج، للبقاء على الإحتياطى الأجنبى عند المستويات الآمنة.

وفيما يصنف صندوق النقد الدولى يصنف نظام سعر الصرف فى مصر بـ "التعويم المنظم"، فإن الحكومة والبنك المركزى لديهم تفضيل قوى للتحكم فى المعدل ضمن حدود معينه. وعلى سبيل المثال فإنه على مدى السنوات الخمس الماضية، انخفضت قيمة الجنيه بمعدل 7% فقط على الرغم من الاضطرابات السياسية الكبرى والقضايا الأمنية التى خلقت ضغوط خطيرة على ميزان المدفوعات.

ويشير التقرير إلى أن الخوف من تعويم الجنيه ينبع إلى حد كبير من الاعتقاد بأن الجنيه سيكون عرضة لتحركات حادة من شأنها أن تتسبب فى حالة من عدم اليقين للمستوردين والمصدرين سواء، فيما أن الانخفاض الكبير فى قيمة الجنيه سيسفر عنه تضخم يظهر فى زيادة أسعار الواردات.

تغيير سياسة النقد بينما إذا ما إتجه البنك المركزى إلى نظام أكثر مرونة على صعيد سعر الصرف، مثلما يرى وزير المالية السابق أحمد جلال، فينبغى عليها تغيير نظام سياسة النقد. ويتمثل الهدف الرئيسى لسياسة النقد فى مصر فى البقاء على إستقرار الجنيه فى سياق مخزون كافى من إحتياطات النقد الأجنبى، والهدف الثانى يتعلق بالسيطرة على التضخم. لكن إذا تحول البنك المركزى نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة، سيكون عليه عكس الأولويات بحيث يصبح التضخم الهدف الرئيسى للسياسة النقدية.

ويشير تقرير المركز الأمريكى إلى أنه خلال العقدين الماضيين، انتقلت عدد من اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة لإطار يستخهدف التضخم. فوجود التضخم كهدف أساسى للسياسة النقدية لا يستبعد الحفاظ على سعر الصرف من التذبذب كثيرا على المدى القصير، ولكن فى نهاية المطاف ينبغى أن يكون معدل التضخم الهدف ذو الأسبقية.

استهداف التضخم ويخلص التقرير مؤكدا أنه ينبغى لمصر إعتماد سياسة نقدية تستهدف التضخم أولا، وهو ما يتيح مجموعة من المميزات تتمثل فى تخفيف الضغط على الإحتياطى الأجنبى وتعميق إصلاحات القطاع المالى وتعزيز الشفافية فيما يتعلق بعمليات البنك المركزى وتقليل دور الحكومة فى السياسة النقدية. ويؤكد أن هذا هو البديل الصحيح للنظام النقدى الحالى الذى يستهدف سعر الصرف، وهو ما أكتشفته العديد من البلدان، بما فى ذلك الأقل تقدما من مصر. ومع ذلك فلا يمكن تغيير نظام السياسة النقدية بين عشية وضحاها، لكن ينبغى على الحكومة المصرية البدء فى ذلك حالا إذ يجب على البنك المركزى تطوير أدواته وقدرته لتطبيق هذا النظام الجديد.

ويوضح التقرير أن المهمة الرئيسية للبنك المركزى ستتمثل فى إعادة توجيه نظام سعر الصرف المنظم أو "سعر الصرف الموجه" إلى أخر أقرب إلى التعويم، مع القيام بذلك تدريجيا لتجنب حدوث انخفاض حاد فى قيمة الجنيه. فهذه السياسة هى الوحيدة التى يمكن من خلالها تخفيف الضغط على النقد الأجنبى بشكل مستدام. ويختم أن بخلاف ذلك، فإن الوضع الذى تعانيه مصر منذ سنوات، سوف يستمر وستكون هناك حاجة لمزيد من التمويل الخارجى. فإذا كانت هناك رغبة حقيقة فى تقليل الاعتماد على المساعدات المالية الخارجية وهى واحدة من الأهداف التى أكد عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل انتخابه، فلابد من تغيير النظام النقدى والسماح بقدر أكبر من المرونة فى سعر الصرف.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;