عبدالناصر والإخوان.. التاريخ يعيد نفسه مرتين.. الجماعة انقلبت على ثورة يناير كما فعلت مع "23 يوليو".. شبابها فى الماضى أنشأوا تنظيم 1965 لاستهداف مؤسسات الدولة.. واليوم أسسوا "حسم ولواء الثورة" لمواصل

الملامح المشتركة بين علاقة الإخوان مع ثورة يوليو 1952، وزعيمها جمال عبد الناصر، وما تبعها من أحداث، وبين علاقة نفس الجماعة مع ثورة يناير 2011 وما تبعها من أحداث، تكاد تتشابه إلى حد التطابق، فى المرتين حاولت الجماعة القفز على الثورة وفرض الوصاية عليها، وفى المرتين خابت مساعيها، وفى المرتين أيضا كان التحالف مع السلطة الحاكمة هو مبتغى الجماعة فى المبتدأ ثم الصدام إلى حد الاجتثاث هو اختيارها فى المنتهى. كيف عاد التاريخ نفسه مرتين؟ يقول كارل ماركس "إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة"، والأرجح أن الإخوان تعيش الآن فى طور المهزلة، بعد أن عاشت المأساة سابقا، ومما يستدعى النظر أن المحطات الرئيسية فى تعامل الإخوان مع ثورة يوليو ومع ثورة يناير تكاد تكون واحدة. من الاحتواء إلى الصدام فى الماضى القريب حصدت جماعة الإخوان مجموعة من المزايا بعد ثورة يناير، صبحى صالح أحد أبرز القانونيين الإخوان مثلا كان عضوا لأول لجنة لصياغة التعديلات الدستورية التى تم تشكيلها بعد الثورة مباشرة فى غياب لأى ممثل حزبى آخر، ثم حازت الجماعة الأغلبية البرلمانية، حتى وصل مرشحها محمد مرسى إلى رئاسة الدولة، لكن كل هذا أنهار فيما بعد. أيضا عقب يوليو 1952 تم حل جميع الأحزاب السياسية واستثنت الإخوان من الحل، وتم إسناد مناصب للإخوان مثل الشيخ أحمد حسن الباقورى الذى أصبح وزيرا للأوقاف، وتم ضم مجموعة من قيادات الجماعة للجنة الـ 50 التى صاغت دستور 1954 ومنهم عبد القادر عودة، وحسن العشماوى، وصالح عشماوى، ومحمد كمال خليفة. والأرجح أن هذه المكاسب حصدتها جماعة الإخوان فى إطار رغبة الثورة وعبد الناصر لاحتواء الجماعة، لكن الواضح أن الجماعة كان لديها تصور آخر بأنها هى من صنعت الثورة وهى التى يحق لها أن ترسم مسارها ويظهر هذا بشكل واضح فى كتابات الإخوان، حتى لو كان عن طريق اختلاق الوقائع التى لم يرويها أحدا غيرهم، لدرجة أن الصاغ صلاح شادى أحد أهم قيادات الإخوان فى جهاز الشرطة تحدث فى مقدمة مذكراته الشهيرة "حصاد العمر" أن الضباط الأحرار أخروا قيامهم بالثورة للحصول على موافقة حسن الهضيبى الذى كان مسافرا آنذاك فى الإسكندرية، وهو أمر لم يذكره أحدا ممن أرخوا لوقائع قيام ثورة يوليو. هذا الشعور بأنهم أصحاب الثورة هو الذى سول لهم أنهم من حقهم وحدهم اختيار مسارها، لذا تمردوا على كل المكاسب التى حصدوها، فتم إجبار الباقورى على الاستقالة من الجماعة بسبب قبوله الوزارة وفيما بعد وصفوا هذا العالم الجليل بأبشع الأوصاف والنعوت مثل أنه "اتبع هواه وجرى وراء لعاعات الدنيا دون الرجوع إلى مرشد الجماعة الذى طالما قبل يديه الكريمتين صباح مساء" كل هذا جاء بالنص فى مذكرات محمد حامد أبو النصر. أغرب ما فى هذا الأمر أن أقصى أمانى الإخوان قبل ثورة يوليو كانت لقاء الملك فاروق وليس مقعد فى الوزارة، تماما كما كانت طموحهم تتوقف قبل ثورة يناير عند إجراء صفقة مع الحزب الوطنى تضمن لهم مجموعة داخل مجلس الشعب، ومع ذلك رفضوا أى حل إلا رئاسة الجمهورية بعد 30 يونيو. حادث المنشية وتنظيم 1965 بالأمس.. وحسم ولواء الثورة اليوم سارت وتيرة الأحداث كما هو مدون فى كتب التاريخ إلى فشل سيناريو الاحتواء والتعاون بين الثورة والإخوان، ثم جاءت أحداث فبراير ومارس 1954 على نحو عصف بالبلاد كلها، ومما ينبغى قوله هنا أن المظاهرات الحاشدة التى خرجت فى هذا التوقيت لم تجمع الكل تحت لافتة واحدة، أنصار محمد نجيب كانوا مشاركين للمطالبة بعودته لأنه كان قد أعلن استقالته للمرة الأولى أنذاك، كبار المضارين من قوانين الإصلاح الزراعى مشاركين فى المظاهرات، أنصار الأحزاب المنحلة شاركوا فى هذه الأحداث، لكن أيضا ما لا يمكن إنكاره أن الباحثين عن الحكم الديمقراطى السليم شاركوا فى نفس المظاهرات. المهم أن الديمقراطية لم تكن هى اللافتة التى كان يجمع الإخوان الناس حولها خلال هذه المظاهرات، وإنما جرى حشد أنصارهم تحت نفس اللافتة التى ظلوا يروجوا لها سنوات وهى تطبيق "الشريعة الإسلامية "، ويبدو أن الكتالوج الإخوانى لم يتغير فى مواجهة الخصوم فمن ينسى مظاهرات "الشريعة والشرعية" للدفاع عن الإعلان الدستورى لمرسى وصيحات التكفير التى انطلقت من فوق منصة رابعة ضد عموم المصريين. تجدر الإشارة هنا إلى أنت الشريعة الإسلامية كانت إحدى الحجج التى اتخذها الإخوان للصدام مع عبد الناصر، حين طلب منه الهضيبى فرض الحجاب على نساء مصر، وإغلاق دور السينما والمسارح فرد عليه الأول بأنه لم يستطع فرض الحجاب على إبنته فكيف يريد منه فرضه على كل النساء فى مصر، وقد تحدث عبد الناصر عن هذا اللقاء فى خطاب تلفزيونى شهير فيما بعد. بالعودة لأحداث فبراير 1954 فأن ما يعلق بذاكرة كل إخوانى أو منتمى للتيار الإسلامى هو تلك الحشود الضخمة التى تجمعت حول قصر عابدين، وتمكن عبد القادر عودة من فضها بإشارة من إصبعه، والرواية التى يتناقلها الإسلاميون جيلا بعد جيل عن هذه المظاهرة أن عبد الناصر قرر يومها التخلص من عبد القادر عودة بعد أن استشعر قوته، لكن التحقيقات تثبت أن عودة وهنداوى دوير الذى كان يعمل فى مكتبه كانوا هم العقل المدبر لحادث المنشية. وكالعادة فإن القراءة الإخوانية للأحداث دائما تنحاز لما يحافظ على بقاء التنظيم، لذا فإن الإخوان اختاروا أن يعيشوا المظلومية بعد حادث المنشية، وهو نفس اختيارهم بعد أحداث فض اعتصام رابعة. أهم أوجه الشبه بين هذه الأحداث وما يحدث اليوم هو حالة التشظى التنظيمى التى تصيب الجماعة فتصبح القيادة مجرد واجهة لا تعلم شيئا عما يدور بجسد التنظيم، ولذلك فإن قيادات الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام حسن الهضيبى تنصلوا من التنظيم الخاص بعد حادث المنشية، وقالوا إنهم لا يعرفون شيئا عن الحادث أو عن تدبيره. وفيما بعد فإن تنظيم 1965 نشأ فى بداية أمره بمبادرة من شباب الإخوان دون معرفة مكتب الإرشاد بل وبمعارضة عدد ليس بالقليل من قيادات السجون، فإن هذا تقريبا هو نفس ما يحدث الآن مع حركات مثل «حسم»، و«لواء الثورة» التى تنفذ عمليات عنف ضد الدولة ومؤسساتها، فمن ناحية يرفضها محمد بديع ونائبه خارج السجن محمود عزت، وفى المقابل تدعمها جبهة المكتب العام المعروفة المنسوبة لـ«محمد كمال» عضو مكتب الإرشاد الذى لقى مصرعه برصاص الشرطة فى أكتوبر 2016، وكأن الأمس هو اليوم. إذن .. من قال إن التاريخ لا يعيد نفسه؟
















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;