نظل أسرى لصور ذهنية متراكمة، فى العلاقة بين السلطة والشعب، وتصر أجيال تسبقنا على أن نلحق بهم فى نظرياتهم، فهم لديهم قاموس بعينه فى التعامل مع رأس السلطة، ويظل التدافع مستمرا، والقاموس مفرداته وإن بدت قديمة، إلا أنها تعافر لأن تكون موجودة، ومحاولات حصر التعامل مع الرئيس فى تعاملات مماثلة حدثت مع رؤساء سابقين هو ظلم كبير لما هو موجود، حيث يمكن أن تنسف كل النظريات نسفا.
لو حللنا بكل صراحة كيف ختم الرئيس السيسى حديثه فى مؤتمر حكاية وطن، حينما قال: "وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبنى قواعد المجد وحدى"، ليقترح صيغة بديلة لتكون "كيف نبنى قواعد المجد وحدنا"، هكذا هو عقل الدولة المصرية، يرى ويؤكد ويثبت ويفعل ما نتيقن معه بأن مصر الجديدة هى مصر التى تقدم شعبها فى كل الخطوات المطروحة والمأمولة، لذلك قالها الرئيس صراحة: "القرار المصرى مستقل ١٠٠٪"، نعم مصر دولة عادت لتستكمل ماكان مفروض عليها أن تسير فيه عام ١٩٧٤، لولا الانحدار الذى تم بعد ذلك وكأنها لم تمر على كل تلك السنوات.
فى مؤتمر حكاية وطن يقدم الرئيس السيسي كشف حساب لأربع سنوات قضاها فى حكم مصر، متذكرًا فى ثنايا حديثة أنه كان يرى مايحدث فى المنطقة من موقعه داخل القوات المسلحة، وكيف كان الإعداد لأن تكون مصر الجائزة الكبرى، لولا قوة الشعب المصرى.
الرئيس السيسي أيضا يعلنها صريحة ولأول مرة فقد تمثل طموحه فى أن يَصْل لقيادة القوات المسلحة، ولم يكن طامعا فى منصب، بل انصاع لتكليف الشعب المصرى فى الرئاسة.
الرئيس السيسى حدد مراحل حياته فى مؤتمر حكاية الوطن، وشرح كيف أنه اختار طريق اللجوء للشعب المصرى، وأن ما يفعله جاء بعد تأخر من سبقوه، لأنه اعتبر أن تأجيل الإصلاح خيانة.
معطيات وصور مركبة تؤدى بِنَا لنتيجة حتمية، أن الرئيس السيسي الذى يقدم نفسه من جديد لشعبه، يصر أيضا لآخر لحظة أن يكون صريحا وواضحا وواقعيا، لا يخدع ولا يكذب ولا يتجمل، بل يضع الجميع معه فى القيادة، ولو لم ندرك أن ما يضعنا فيه جميعا ليس بالأمر الهين، وليس بالأمر المؤقت، حينها يمكننا جميعا أن نساهم فى بناء وطن يحتاجنا كلنا، ويطمح من الجميع أن يكونوا شركاء فى مستقبله.