طارق عبد السلام، مصارع شاب "23 عامًا".. استطاع جذب أنظار الجميع إليه رغم صغر سنه بعدما حقق عددا من الميداليات فى البطولات الدولية.. اعتبره الكثير أمل مصر فى أولمبياد ريو دى جانيرو.. لكن سرعان ما تحول إلى سراب وسط العشوائية.. ليتخذ قرارًا بـ"الهجرة إلى بلغاريا" بحثًا عن حياة هادئة بعيدًا عن الأزمات التى كشف تفاصيلها فى مكالمة هاتفية لـ"انفراد".
أوضح المصارع الشاب أنه لم يهرب من معسكر المنتخب أو استغلال تأشيرة ممنوحة له كرياضى مثلما تم تداوله فى الرأى العام المصرى، قائلا:"لم أقم باستغلال تأشيرة ممنوحة لى كـ"مصارع".. بل الحقيقة أنى سافرت بتأشيرة علاجية إلى بلغاريا فى بداية شهر فبراير، بينما التأشيرة الخاصة بى كمصارع كانت قد انتهت فى 30 يناير الماضى.. وما يثار عن هروبى غير صحيح، أنا اعتزلت فقط المصارعة.. وقررت العيش فى هدوء بعيدًا عن الأزمات والزواج فى بلغاريا".
وأضاف:"اتخذت قرارا منذ فترة بالزواج من فتاة بلغارية تعمل طبيبة علاج طبيعى.. هى من أرسلت لىّ تلك التأشيرة من أجل السفر خصوصا أنه سبق لى السفر إلى بلغاريا أكثر من مرة من أجل تلقى العلاج لإصابتى، ومؤخرا إجراء جراحة غضروف فى الرقبة، وكان هذا بعيدًا عن الاتحاد أيضًا.. وأعمل خلال الفترة القادمة على استكمال إجراءات زواجى بعدما تم إتمام الأمر من الناحية الشرعية".
وقال البطل العالمى:"زوجتى اتفقت مع أحد المراكز الطبية الكبرى فى بلغاريا.. خصوصا أن الجراحة كانت خطيرة للغاية.. لأننى كنت مُهددًا بالإصابة بالشلل فى حالة عدم إجرائها"، مضيفًا:"دفعت 40 ألف جنيه من جيبى الخاص كمصاريف العملية وتلك الأموال كانت آخر ما تبقى معى من مكافأة إحراز الميدالية فى دورة ألعاب البحر المتوسط الماضية.. وأيضًا ذهبية الألعاب الأفريقية".
وكشف عبد السلام عن الأسباب التى دفعته لاتخاذ قرار الاعتزال والهجرة قائلا:"العوامل متعددة للغاية وعلى رأسها أننى شخصت حياتى كلها للرياضة، لكنى لم أجد حتى أبسط تقدير معنوى رغم الميداليات التى حققتها رغم صغر سنى.. بل على العكس كنت مهددًا بالإصابة بـ"الشلل".. بسبب إصابتى التى اُضطررت لعلاجها على نفقتى الخاصة فى النهاية بعد تجاهل الجميع هذا الأمر.. وللعلم فإنى شاركت فى كافة البطولات بدءًا من شهر يناير العام الماضى وأنا مصاب!".
أوضح المصارع الشاب أن التقدير المعنوى كان غائبًا عنه رغم ما حققه من بطولات، مضيفًا:"لم أكن أسمع كلمات جيدة إلا قليلا.. فغياب التقدير المعنوى كان يؤرقنى منذ بداية مسيرتى مع المصارعة.. كنت أبكى كالطفل فى المعسكرات على حالى.. رغم ما أحققه من ميداليات.. وتذكر أحد الوقائع التى تعرض لها قائلا:"قبل بطولة العالم فى 2013 لم أكن استطيع الوصول إلى ميزان 74 كم.. فقد كنت مجهدا للغاية وتم إبلاغى وقتها بأنه سيتم إغلاق المركز الأولمبى لأنها إجازة فى العيد.. وبعد مفاوضات مع المدرب اتصل برئيس الاتحاد الذى طلب منى المغادرة، لكن بعدها بفترة تم إقناعه وشاركت فى وزن 84 كم وحققت برونزية بطولة العالم للشباب فى بلغاريا".
وأشار عبد السلام:"الوقائع التى تعرض لها لا حصر لها.. فأنا مثلا سافرت إلى أذربيجان للدخول فى معسكر وخوض بطولة دولية بدون مدرب ومع إدارى فقط.. وأحيانا كنا نُسافر البطولات بدون معسكرات تدريبية قبلها.. وهذا غالبا ما يُسبب إصابات".
وقال المصارع الشاب:"بعد الخضوع للجراحة أيقنت بأن المصارعة لن تنفعنى فى حالة إصابة نصفى الأيمن بالشلل.. وقتها شعرت أن الأمور أصبحت غير محتملة تماما.. فحالتى المادية ليست على أفضل.. وحتى المكافآت التى أحصل عليها من الفوز بالبطولات أصرفها على علاجى.. لقد كنت مصابا بشحنات كهربية زائدة كانت آلامها تفتك بى فى بعض الأوقات إلى جانب عدم التقدير المعنوى".
وأضاف عبد السلام:"شاركت فى البطولات بدون أى إثارة للأزمات، وحصدت ذهبية الألعاب الأفريقية فى الكونغو برازافيل.. كما أنى سافرت للمشاركة فى بطولة العالم العسكرية فى كوريا، لكن بسبب وفاة والدى عدت إلى مصر من أجل تلقى العزاء فى والدى فى نهاية شهر سبتمبر"، مضيفًا:"بعد ذلك تلقيت دعوة من الاتحاد البلغارى من أجل الدخول فى معسكر تدريبى مشترك فى نهاية شهر أكتوبر الماضى.. وبالفعل خضعت لعدد من لتدريبات المشتركة فى البداية بعدها اتخذت قرارا بإجراء الجراحة على حسابى الشخصى".
وشدد عبد السلام:"لم أكن أفضل أن أرحل عن مصر بتلك الطريقة، لكنى كنت أفكر فى الأمر منذ فترة بسبب الصعوبات التى أوجهها.. فقد تحدث مع والدى فى الفكرة قبل وفاته.. وقالى لىّ افعل ما تراه صائبا.. لكنى كنت صابرا عسى أن يتم إصلاح الأمور قبل المشاركة فى الأولمبياد.. لكن بعد الجراحة صبرى نفذ وأموالى أيضًا"، مضيفًا:"أمى وأخى وافقا على قرارى.. خاصة أن الظروف كانت صعبة للغاية فى الفترة الأخيرة.. فلم يكن فى جيبى مليم واحد.. بعدما أنفقت كافة أموالى على علاج إصابتى.. وطوال عمرى كانت أسرتى على رأس أولوياتى فى كل الأشياء وحتى الآن عندما أحصل على أى أموال مقابل عملى أرسلها لهم رغم قلتها".
وعن تفاصيل عمله كـ"بائع للشاورما" فى بلغاريا، قال البطل الرياضى:"التأشيرة التى حصلت فى الوقت الحالى لا تمكنى سوى من العمل فى الأعمال الحرة.. لذا فضلت النزول للعمل مع صديقى سورى فى أحد المطاعم وأبيع شاورما.. والشغل ليس عيبًا.. وهو أفضل من جلوسى مع زوجتى فى البيت دون عمل.. فأنا أحصل على 500 ليف بلغارى فى شهريا.. وأحاول التأقلم رغم غلاء المعيشة.. وفى انتظار إنهاء الإجراءات الرسمية لأوراق الزواج حتى أحصل على فرصة عمل أفضل".
وكشف عبد السلام عن كواليس إهمال علاج إصابته قائلا:"الأمر يعود إلى شهر يناير من العام الماضى.. عندما شعرت بآلام فى الرقبة والظهر فى أحد معسكرات المنتخب لكنى تحاملت على نفسى وشاركت فى بطولة إيران الدولية فى شهر فبراير من هذا العام.. بعد العودة إلى القاهرة توجهت إلى طبيب من أجل الاطمئنان على حالتى والذى طلب منى إجراء أشعة رنين.. وهنا اكتشفت أنى مصاب بغضروفين أحدهما يُمكن التعايش معه والآخر فى الرقبة يحتاج إلى جراحة بـ 40 ألف جنيه".
وأضاف المصارع الشاب:"حاولت التواصل مع مسئولى الاتحاد من أجل إجراء جراحة لكن الاتصالات لم تأت بنتائج إيجابية.. وسافرت بعدها إلى المجر وأثناء المعسكر نصحنى أحد المسئولين بإجراء علاج طبيعى أثناء السفر، إلا أن الألم ظل مستمرا.. والحال نفسه استمر فى بطولة بلغاريا الدولية.. رغم أن مسئول بالاتحاد وعدنى بعرضى على أكبر الأطباء فى مصر.. ومع ذلك فزت بالميدالية الفضية فى بلغاريا رغم الإصابة.. وللعلم فإنى خضعت لعلاج طبيعى على حسابى الشخصى.. وفى تلك الفترة تعرفت على زوجتى التى تعمل "طبيبة علاج طبيعى".
ولفت عبد السلام إلى أنه كان يخشى إجراء الجراحة، خاصة بعد إبلاغه بأن الانزلاق الغضروفى فى الرقبة ربما يتسبب له بـ"شلل فى نصفه الأيمن"، مضيفًا أنه لجأ إلى أحد الأشخاص الذين يُعالجون بـ"اليوجا" فى بلغاريا لكن تلك الطريقة لم تفلح.. وأصبح إجراء الجراحة أمرا لا مفر منه، لافتًا إلى أن اتحاد المصارعة كان يُجبر اللاعبين على المشاركة طالما يستطيعون الحركة.. قائلا:"المهم أن يكون اللاعب متواجدا فى المنافسات وليس المهم إحراز ميداليات.. وأتذكر أن حسن الحداد رئيس الاتحاد هددنى بأنه هيبطلنى مصارعة لو مشاركتش فى إحدى البطولات".
ووجه المصارع الشاب رسالة إلى اتحاد المصارعة:"أوضح لهم أنى لم أسبهم مثلما أشيع.. وكذلك وأعضاء المجلس لا أحمل ضغينة لهم.. خلافاتى أغلبها كانت مع رئيس الاتحاد حسن الحداد الذى أرانى أياما سوداء، وتسبب لىّ فى متاعب كثيرة.. رغم أنى لم أكن مثيرًا للأزمات فى يوم من الأيام.. لذا أتمنى منه ألا يحملونى أخطاءهم.. والنظر فى سوء التنظيم الذى تعانى منه اللعبة".
وتحدث بطل العالم للشباب عن ضياع حلم الأولمبياد، قائلا:"بكل تأكيد حزين للغاية بسبب عدم المشاركة فى الأولمبياد.. فقد كنت أحلم برفع العلم المصرى وسامع النشيد الوطنى يعزف، لكن كيف أحقق هذا الحلم بدون علاج أو تأهيل كاف أو دعم معنوى؟.. فلو تم تقديرى معنويا فقط!.. كنت سأعطيهم عينى.. رغم غياب التأهيل الكافى لمنافسات مثل الأولمبياد"، مضيفًا:"فى الوقت الحالى لا أفكر فى شىء سوى تحسين ظروفى المادية والعمل.. خصوصا أنى تركت كل شىء حتى دراستى فى كلية الحقوق والتى تعطلت لسنوات بسبب عشقى للرياضة.. لكن عشقى للمصارعة يجعلنى أحن إليها فى أى وقت إذا سنحت لىّ الفرضة بشكل مناسب".
ورفض عبد السلام الحديث عن إمكانية تجنيسك للعب باسم أى دولة، قائلا:"لم أفكر فى الأمر من قريب أو بعيد.. كل ما أفعله هو محاولة تعديل أوضعى حتى أبدء حياة جديدة.. فأنا لا أرغب فى عمل "شو إعلامى".. أو ضجة فى الوسط الرياضى.. اخترت الحياة فى هدوء بعيدًا عن الصراعات.
واختتم المصارع حديثه قائلا:"سأعود إلى مصر فى يوما ما.. أعتقد أنه ليس فى وقت قريب.. لكنى لدى حلم.. سأحققه وأعود عندما أجد أن الأوضاع أصبحت أفضل.. وأتمنى من الجميع حاليا أن يتركونى وشأنى أعيش حياتى فى الهدوء ويكفى ما تحملته خلال الفترة الأخيرة".