تسببت المسودة الأولية لمشروع قانون تنظيم عمل الجامعات الخاصة والأهلية، التى وزعتها وزارة التعليم العالى والبحث العلمى باجتماع مجلس الجامعات الخاصة الأخير، فى إثارة أزمة جديدة بين هذه الجامعات من جهة والوزارة من جهة أخرى، حيث أرسل عددا من رؤساء الجامعات الخاصة، مذكرة رسمية للمجلس لرفض مشروع القانون.
الجامعات الخاصة ترفض مشروع القانون
وأكدت مذكرة الجامعات الخاصة، إن الجامعات ترفض مشروع القانون رفضا قاطعا لأنه يلغى الأساس الذى قام عليه قانون إنشاء الجامعات الخاصة الحالى، والذى يقوم على أن الغرض من إنشاء الجامعات الخاصة لا يقوم أساسا على الربح، وأطلق المشروع للجامعات الخاصة من خلال إلغاء هذا الأساس الجوهرى الذى قامت عليه الحرية الكاملة والمطلقة فى تحقيق الربح دون قيود أو ضوابط، وهو ما يهدر أحد المحاور الخمسة التى تم إعلانها باعتبارها الهدف الأساسى من إصدار القانون والذى يدول حول تحقيق التوازن بين مصالح أطراف المنظومة التعليمية المختلفة، فأين الطلاب وأولياء أمورهم باعتبارهم عصب المنظومة التعليمية من إلغاء هذا الأساس الهام والذى كان يحقق مصلحتهم فى القانون القائم.
وأشار رؤساء الجامعات الخاصة، إلى أن مشروع القانون أجاز لشركات الأموال ومنها الشركات المساهمة إنشاء جامعات خاصة وهو ما يتماشى مع مشروع القانون باعتباره أن إنشاء الجامعات الخاصة مشروع استثمارى يقوم على المضاربة وتحقيق الربح، كما أنه يغفل المشاكل والمنازعات التى تطرأ على الشركات وفقا للقوانين المنظمة لها مثل حقوق المساهمين وجمعيتهم العمومية وحل وتصفية هذه الشركات وإشهار إفلاسها أو فرض الحراسة عليها بموجب أحكام قضائية، مؤكدة مما يعيق التوازن والاستقرار المالى والاقتصادى للجامعة والذى سيؤثر على مصالح الطلاب والعاملين بالجامعة.
وأوضح رؤساء الجامعات، ‘ن مشروع القانون يهدم الهدف الذى تم الإعلان عنه من إصداره، وهو حماية الجامعات من تسلل جماعة الإخوان فى مناصب قيادية بالجامعات ومجالس أمنائها، فكيف تتم هذه الحماية إذا كانت أسهم الشركات التى تنشئ جامعات سيتم تداولها بالبورصة؟، مشيرين إلى أنه يمثل إعتداءً صارخا على كافة المبادئ الدستورية التى حرص المشروع على إدراجها فى كافة الدساتير المتعاقبة بداية من دستور 1923 وحتى دستور 2014، وذلك فى المواد 21، 22، 23، 27، 28، 35، 36، 40، 41، 53، ومن ذلك وعلى سبيل المثال مبدأ استقلال الجامعات، حيث نصت المادة 21 على أن "تكفل الدولة حرية البحث العلمى وتشجيع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية وبناء اقتصاد المعرفة وتراعى الباحثين والمخترعين"،
وذكرت المذكرة، تنص المادة 23 أن تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية وتوفير التعليم الجامعى وفقا لمعايير الجودة العالمية وتعمل الدولة على تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية التى لا تستهدف الربح وتلتزم الدولة بضمان جودة التعليم فى الجامعات الخاصة والأهلية والتزامها بمعايير الجودة العالمية، وإعداد كوادرها من أعضاء هيئة التدريس والباحثين وتخصيص نسبة من عوائدها لتطوير العملية التعليمية والبحثية".
مشروع القانون يتعدى على الملكية الخاصة
وأكد رؤساء الجامعات، إن مشروع القانون يتعدى على الملكية الخاصة التى كفل حمايتها الدستور حيث نصت المادة 35 على "الملكية الخاصة مصونة وحق الإرث فيها مكفول ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى"، وهى الحقوق التى نظمها القانون المدنى من 802 حتى 806، قائلين: "إن مشروع القانون افترض عدم أهلية القائمين على إدارة الجامعة الخاصة وتسيير أعمالها. واستدعى وزير التعليم العالى ومجلس الجامعات الخاصة للوصاية عليها وفرض السيطرة والهيمنة على تلك الجامعات على نحو يشبه تأميمها، وأن مشروع القانون ينتهك للدستور لأنه يكرس سلطات مطلقة لوزير التعليم العالى ومجلس الجامعات الخاصة على الجامعات الخاصة، وذلك على النحو الذى ورد بمشروع القانون فى المواد "5، 6، 7، 14، 16، 18، 19، 20،24، 25، 26، 28، 31، 32، 33، 34، 36، 37، 41".
وأشارت مذكرة رؤساء الجامعات، إلى أن مشروع القانونى يفتح الباب حول تنازع الاختصاصات بين القوانين الواجب تطبيقها بشأن الجامعات الخاصة التى تنشها شركات الأموال بين قانون إنشاء الجامعات وقانون الاستثمار والقانون رقم 159 لسنة 1981 والقانون رقم 95 لسنة 1992 بإصدار قانون سوق المال والقانون رقم 10 لسنة 2009 بشأن تنظيم الرقابة على الأسواق المالية غير المصرفية وأيضا يكرس لأكثر من 8 جهات فى اتخاذ القرار المنظم للشأن الداهلى داخل الجامعات ومنها الوزير، وأمين مجلس الجامعات الخاصة والأهلية.
مطالب بعدم تحويل الجامعات الخاصة إلى شركات مساهمة
وطالب رؤساء الجامعات بالرجوع إلى النص الأصلى لقانون الجامعات الخاصة والمذكرات الايضاحية والتفسيرية للقانون 101 لسنة 1992 واللائحة التنفيذية كأساس للتعديل والتطوير، وعدم مزج ودمج الجامعات الخاصة فى قانون واحد لأنها كيانات قانونية واقتصادية مستقلة ومختلفة ومتباينة تماما، وكذلك عدم تفريغ الجامعات الخاصة من مهامها التعليمية وتحويلها إلى شركات مساهمة تهدف إلى الربح.
وطالبت الجامعات بعدم ممارسة أى صلاحيات للوزارة أو الوزير لا تمارس فى الجامعات الحكومية، وعدم ممارسة أى صلاحيات لمجلس الجامعات الخاصة داخل الجامعات الخاصة تخرج عن الضوابط العامة للعملية التعليمية دون التدخل فى إدارتها طبقا للمادة 28/1، وذلك لطبيعة التنافس بين الجامعات الخاصة فيما بينها، الذى يأتى فى صالح خدمة العملية التعليمية والطلاب.
مشروع القانون ينتهك الملكية الخاصة
وطالب رؤساء الجامعات الخاصة، بعدم إعطاء أى صلاحيات للوزير أو الوزارة أو مجلس الجامعات الخاصة لا تخدم طبيعة الكيانات الخاصة وتعرقل عملها وتتعارض مع أهدافها والرجوع فى هذا الشأن إلى المذكرة الايضاحية والتفسيرية الأصلية لإنشاء الجامعات الخاصة، وكذلك حماية واحترام الملكية الخاصة والتى تنص عليها مواد الدستور التالية "27، 28، 33، 35، 40"، وكذا عدم المساس بالأوضاع القانونية المستقرة لسنوات طوال ولا علاقة لها بالعملية التعليمة، وعدم إضعاف رؤساء الجامعات الخاصة وتحويلهم إلى موظفين إداريين بالتدخل الخارجى من جامعات أخرى منافسة أو من الوزارة.
وطالبت مذكرة الجامعات الخاصة، باحترام خصوصية الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس فى تداول بياناتهم إلا فيما يخص سير العملية التعليمية، والالتزام بالدور الذى حدده الدستور بالإشراف على التعليم وليس إدارته إعمالا لمبدأ الاستقلال المنصوص عليه فى المادة 21 وذلك للجامعات كافة "حكومية وأهلية وخاصة" واحترام الكيانات الخاصة طبقا لمواد الدستور أرقام "27، 28، 33، 35، 40".
التعليم العالى ترد: مقترح مبدأى ويحق لأى عضو بمجلس الجامعات الخاصة إبداء الرأى حوله
من جانبه، أكد الدكتور عز الدين أبو ستيت، أمين مجلس الجامعات الخاصة والأهلية بوزارة التعليم العالى والبحث العلمى، إن ما تم تسليمه لرؤساء الجامعات الخاصة مجرد مقترح لمشروع القانون، قائلا: "هذا مقترح مبدأى ويحق لأى عضو بمجلس الجامعات الخاصة إبداء الرأى والملاحظات حوله".
وأضاف أبو ستيت، فى تصريح خاص لـ"انفراد"، أنه تم تأجيل اجتماعات مناقشة مقترح مشروع قانون الجامعات الخاصة والأهلية بناء على طلب بعض رؤساء الجامعات الخاصة، موضحا أن التأجيل تم لإعطاء الفرصة للجامعات من أجل مزيد من التشاور والتنسيق لتحقيق التوافق على مواد مقترح مشروع القانون تمهيدًا للموافقة عليه ورفعه للجهات المعنية.