خرجوا من بلادهم ظنا منهم أنهم على طريق الجنة كما أقنعهم تٌجار الإرهاب، فحملوا السلاح وقتلوا الأبرياء وخاضوا حروبا أشعلت دولا وشردت شعوبا حتى تحولوا إلى قنابل موقوتة تهدد أى وجهة يقصدونها، إنهم دواعش تونس الذين تم تجنيدهم وقت تولى الإخوان للحكم عقب ثورة الياسمين، واليوم وبعد تصاعد الحرب ضدهم فى سوريا والعراق بدأت مخاوف الدولة التونسية من عودة "الابن الضال".
لم يعد الأمر مجرد مخاوف من حكومة تونس بل إنه أصبح واقع يهدد الدولة والرموز الوطنية، فيوما بعد يوم يتم الكشف عن متسللين جدد ومتطرفين يوجهون إرهابهم الى الداخل التونسى، وبلغت الذروة محاولات البعض لاستهداف الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى، وهو ما كشفته فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطنى التونسى بمنطقة (سيدى بوزيد)، قبل 24 ساعة.
وتحدثت تقارير تونسية عن إلقاء القبض على عنصرين تكفيريين عمرهما 27 و30 سنة، وبالتحقيق معهما تبين أنهما تعمدا نشر تدوينات تتضمن عبارات مسيئة للرئيس التونسى والتحريض على استهدافه وتهديده، إلى جانب نشر صور ومقاطع فيديو تمجد تنظيم (داعش) الإرهابى وتحرض على الجهاد بحسابهما الخاص عبر شبكة التواصل الاجتماعى (فيس بوك).
ولم تكن محاولة استهداف السبسى التى لم يتم الكشف عن كافة تفاصيلها وليدة اللحظة بل إن هناك مؤشرات عديدة على تصاعد تواجد التنظيم الإرهابى، فقبلها بأيام وجهت الحكومة التونسية أصابع الاتهام نحو التنظيم بالوقوف وراء الاحتجاجات التى شهدتها تونس فى ذكرى الثورة يناير الماضى، وأكدت أن تنظيمى "داعش" و"القاعدة" يقفان وراء عمليات تحريك الشارع، والتجييش ضد الحكومة بهدف إحداث الفوضى وتسهيل عمليات التسلل إلى المناطق الجبلية حيث يتحصن عدد من المسلحين.
وصرح وزير الداخلية التونسي لطفي براهم أن الحكومة بصدد رصد تحركات لـ"دواعش" وعناصر من القاعدة الذين ينادون بتحريك الشارع التونسي واستغلال الأوضاع الراهنة، حيث تضمنت الاحتجاجات عمليات سطو ونهب وتخريب وحرق لعدد من المنشآت العمومية من بينها مقار أمنية، مشيرا إلى تورط ما بين 36 و40 عنصراً تكفيرياً في عمليات تخريب ونهب وحرق في مدن نفزة وقفصة والقصرين وباجة، وفي العاصمة تونس.
تلك الاتهامات جاءت بعد أن تمكنت قوات خاصة من الحرس الوطني من القضاء على عنصرين إرهابيين في عملية استباقية بجبال القصرين، بعد أيام قليلة من موجة الاحتجاجات، وهما من العناصر القيادية الجزائرية في "كتيبة عقبة ابن نافع" الموالية لتنظيم القاعدة في المغرب، ويتوليان بحسب الاستخبارات التونسية التنسيق مع تنظيم القاعدة في ليبيا، كما يتوليان إعادة تأهيل الكتيبة عسكريا بعد أن فقدت الكثير من قيادييها في المواجهات.
ولم يترك التنظيم مجالا فى تونس إلا وتسرب اليه مما يؤشر على خطورة الأوضاع، وكان آخر المجالات وأغربها لاعبى الرياضات القتالية، حيث ذكرت صحيفة الشروق التونسية أن وزارة الشباب والرياضة قررت تكثيف الرقابة على الجامعات والجمعيات المختصة فى الرياضات القتالية بعد ورود تقارير أمنية موثقة حول تصاعد استقطاب ممارسى هذه الرياضات من جانب الجماعات التكفيرية.
وأقرت وزيرة الشباب والرياضة التونسية، ماجدولين الشارنى، أمام مجلس نواب الشعب، بالتحاق بطلين رياضيين فى رياضات قتالية بتنظيم "داعش" الإرهابى، لافتة إلى احتمالية الإحتياج إلى إنشاء جهاز رقابى خاص بها قد يضم ممثلين عن جهات أمنية مختصة، ويأتى هذا القرار فى ظل تأكيد تقارير إدارية وأمنية موثقة حول سهولة استقطاب ممارسى الرياضات القتالية من جانب التيارات التكفيرية والجماعات الإرهابية وهناك رياضيون تونسيون قتلوا فى صفوف تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" الإرهابيين فى سوريا والعراق.
ولم يعد الخطر يخص تونس وحدها بل أصبح يهدد الجزائر ايضا حيث ترتبط حدودهما، وهذا ما دفع الجزائر إلى المسارعة للتنسيق مع تونس أمنيا، وهو ما كشفه وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي خلال تنقله منذ أيام بمنطقة عسكرية قريبة من الحدود مع الجزائر.
الوزير التونسى قال إن بلاده تعمل على التنسيق مع الجارة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب بتبادل المعلومات، وعقد الاجتماعات الدورية لمزيد إحكام مراقبة الحدود البرية في ضوء التحديات الأمنية بالمنطقة “، حيث عملت سلطات البلدين على توسيع صلاحيات غرف العمليات العسكرية التي يشرف عليها قادة عسكريون على الحدود، وتم توفير قنوات تواصل عسكري مباشر للتحرك بسرعة عند رصد أي تحرك للمجموعات المسلحة على حدود البلدين.