فى وقت تخوض فيه القوات المسلحة والشرطة المصرية حربا جادة على الإرهاب فى سيناء، ضمن العملية الشاملة "سيناء 2018" التى تتواتر إشادات العالم بها، وآخرها الصحافة الإيطالية الصادرة اليوم، كان غريبا خروج تصريحات من أحد أرفع المسؤولين السابقين، تُحمل على "إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها" حسبما وصفها المتحدث العسكرى للقوات المسلحة.
التصريحات الصادمة أطلقها المستشار هشام جنينة، ضابط الشرطة الأسبق، الذى انخرط فى سلك القضاء ثم التحق بالعمل الرقابى رئيسا للجهاز المركزى للمحاسبات، إذ قال فى حوار مع أحد المواقع الممولة من قطر والموالية للإخوان، ضمن سلسلة إعلامية يديرها الفلسطينى وضاح خنفر، المدير العام السابق لقناة الجزيرة، ويُشرف عليها الفلسطينى الإسرائيلى عزمى بشارة، المستشار السياسى لأمير قطر تميم بن حمد، إن هناك وثائق ومستندات تخص الأوضاع فى مصر بين 2011 و2013 جرى إخراجها من مصر بمعرفة الفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق.
رويترز: ابنة هشام جنينة تؤكد إلقاء القبض عليه اليوم
بعد ساعات من حوار هشام جنينة المثير للشكوك والشبهات، تحركات مؤسسات الدولة فى رد جاد وحاسم، خاصة أن التصريحات جاءت فى وقت تشن فيه مصر حرب مصير على الإرهاب فى سيناء، وكان ضروريا وضع حدّ لكل التكهنات والشائعات التى قد تثيرها تصريحات "جنينة"، ووضع الأمر أمام الجهات الرسمية وقيد تحقيق قانونى، للنظر فى هذه الأمور وما تتضمنه من تشكيك فى الدولة ونَيل من مؤسساتها.
التحرك السريع جاء عبر بيان عن القيادة العامة للقوات المسلحة، أعلنه المتحدث العسكرى عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، أكد فيه إحالة الأمر لجهات التحقيق، وهو ما تلاه صباح اليوم تردد أنباء عن إلقاء القبض على المستشار هشام جنينة فى إطار التحقيق فيما نُسب إليه من تصريحات تطال الدولة المصرية ومؤسساتها، وتشكل تهديدا للسلم والأمن الوطنيين فى ظروف الحرب التى تخوضها البلاد.
وقبل قليل، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن ابنة المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات، قولها إن قوات الشرطة ألقت القبض على والدها من منزل الأسرة فى إحدى ضواحى القاهرة الجديدة.
وقالت ندى جنينة، فى تصريحات لوكالة رويترز عبر الهاتف، إن ما يصل إلى 30 رجل شرطة اصطحبوا أباها من منزله فى إحدى ضواحى القاهرة فى سيارة، وإنها "شاهدت الواقعة لكن لا تعرف الجهة التى اقتادوه إليها"، ولم تذكر مزيدا من التفاصيل فى تصريحاتها المقتضبة للوكالة.
ابنة "جنينة" تؤكد القبض عليه.. ولا بيان من الجهات الرسمية
هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات، كان عضوا فى الحملة الانتخابية للفريق مستدعى سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة سابقا، الذى أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية قبل استيفاء الإجراءات القانونية، وتضمن بيانه للترشح مخالفات قانونية ومساسا بمؤسسات الدولة، إضافة إلى تورطه فى عملية تزوير أُدرج بموجبها اسمه فى قاعدة بيانات الناخبين بالمخالفة لمقتضيات القانون، بحسب بيان سابق للقوات المسلحة.
وعلى الجانب المقابل لتصريحات ابنة هشام جنينة، لم يصدر أى بيان رسمى عن وزارة الداخلية أو أى من الجهات الرسمية المصرية بشأن إلقاء القبض على "جنينة"، عقب إحالة ملف تصريحاته المثيرة لأحد المواقع الممولة من قطر والداعمة لجماعة الإخوان الإرهابية، حول الاحتفاظ بوثائق ضد الدولة المصرية، للتحقيق أمام الجهات الرسمية، حسبما أعلن المتحدث العسكرى فى بيان رسمى مساء أمس الاثنين.
محامى هشام جنينة لـ"فرانس برس": سيُعرض على النيابة العسكرية
فى سياق متصل، قال على طه، محامى المستشار هشام جنينة، إن مباحث التجمع الأول ألقت بالقبض على "جنينة" من منزله، ومن المفترض التوجه به للنيابة العسكرية.
وأضاف "طه"، فى تصريحات لوكالة "فرانس برس" الإخبارية الفرنسية، إنه لا يعلم شيئا عن مسار موكله، قائلا: "حتى الآن ليست هناك أى معلومة جديدة".
نجل سامى عنان ومحاميه ينفيان تصريحات هشام جنينة
عقب إطلاق هشام جنينة تصريحاته، سارع المحامى الحقوقى ناصر أمين، محامى الفريق سامى عنان، وسمير عنان نجل الفريق، لإصدار بيانين يتضمنان تكذيبا لتصريحات "جنينة"، إذ قال نجل الفريق إن تصريحات المستشار السابق تؤكد وجود مخططات إخوانية ضد الدولة المصرية والقوات المسلحة، وإن والده لم يقل هذا، ويتلقى معاملة جيدة خلال التحقيق معه فيما هو منسوب إليه، مؤكدا توجيهه لمحامى والده لتقديم بلاغ ضد "جنينة" فى أقرب قسم شرطة.
المحامى ناصر أمين، نشر بيانا عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، نفى فيه علاقة موكله الفريق مستدعى سامى عنان بتصريحات هشام جنينة، مؤكدا أن موكله غير مسؤول عن أى تصريحات صادرة عن آخرين، تعرضه للمساءلة القانونية وتؤثر على موقفه فى التحقيقات الجارية معه، وإنه لا يعتد بأى تصريح غير صادر عن "عنان" نفسه.
المتحدث العسكرى: القوات المسلحة ستستخدم كل الحقوق الدستورية لحماية الأمن القومى
كان العقيد تامر الرفاعى، المتحدث العسكرى للقوات المسلحة، قد قال مساء أمس الاثنين، إنه فى ضوء ما صرح به المدعو هشام جنينة حول احتفاظ الفريق مستدعى سامى عنان بوثائق وأدلة يدعى احتواءها على ما يدين الدولة وقيادتها، وتهديده بنشرها حال اتخاذ أى إجراءات قانونية قبل المذكور، وهو أمر، بجانب ما يشكله من جرائم، يستهدف إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها، فى الوقت الذى تخوض فيه القوات المسلحة معركة الوطن فى سيناء لاجتثاث جذور الإرهاب.
وأضاف المتحدث العسكرى، بحسب بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة، أن "هذا هو الأمر الذى تؤكد معه القوات المسلحة أنها ستستخدم كل الحقوق التى كفلها لها الدستور والقانون فى حماية الأمن القومى والمحافظة على شرفها وعزتها، وأنها ستحيل الأمر لجهات التحقيق المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية قبل المذكورين".