تزامنا مع تراجع الدولار الأمريكى عالميا، كشفت الولايات المتحدة الأمريكية عن خطتها فى مشروع الموازنة المالية لعام 2018، الذى يثير جدلا واسعا فى الأوساط السياسية والاقتصادية فى أمريكا، خاصة أن الخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حول تجديد البنية التحتية قد تؤدى إلى ارتفاع العجز إلى نحو تريليون دولار فى عام 2020 مع زيادة الدين الفيدرالى بنسبة 61% بحلول 2028.
تطوير الطرق والجسور فى أمريكا
خطة ترامب لتحديث البنية التحتية وتطويرها، تركز على ترميم وتجديد العديد من الطرق والجسور والمطارات متداعية، بما يزيد عن 200 مليار دولار من الأموال الفيدرالية، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكى تشير إلى أنها إنها ستحقق عائدات بنحو 1.3 تريليون دولار من استثمارات حكومات الولايات والقطاع الخاص.
التخلى عن هدف قديم للجمهوريين
مشروع موازنة السنة المالية 2019 الذى يسعى ترامب إلى تطبيقه يتخلى عن هدف جوهرى قديم ينفذه الجمهوريين بشأن سد عجز الميزانية الفيدرالية فى غضون عقد، ووفقا لمشروع الموازنة الجديدة فهناك توقعات بارتفاع العجز فى أمريكا بحلول عام 2020 واستمراره فى الارتفاع مستقبلا، فى الوقت الذى تسعى فيه الولايات المتحدة إلى زيادة النفقات العسكرية بشكل قوى ومكلف.
تنفيذ وعود ترامب
المسئولون فى البيت الأبيض يروجون إلى أن هذه الخطة الاقتصادية الطموحة لترامب تصب فى مصلحة الأولويات الأمريكية الوطنية، لاسيما أنه سيتم تخصيص ما يقرب من 50 مليار دولار لمشاريع فى مناطق ريفية العديد منها صوتت لترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.
زيادة النفقات العسكرية مستقبلا
إدارة ترامب تسعى أيضا إلى زيادة النفقات العسكرية فى المستقبل، وذلك ما أكده الرئيس الأمريكى حينما إن "هذا التحوّل يأتى بعد الانفاق العسكرى المسرف فى اعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، لكنه أشار أيضا إلى زيادة فى النفقات العسكرية تتضمن ترسانة نووية محدّثة يمكن أن تجعل القوات المسلحة الأمريكية تمتلك أكثر من غيرها بكثير".
وأوضح الرئيس الأمريكى أمس الاثنين، إلى أن الولايات المتحدة انفقت 7 تريليون دولار فى الشرق الأوسط، لافتا إلى أن هذا كان خطأ وقعت فيه بلاده، مضيفا :"ونسعى لبناء طرق وجسور وإصلاح جسور متداعية ونواجه صعوبة فى الحصول على الأموال ... هذا جنون".
وأظهر مشروع الموازنة أن النفقات العسكرية سترتفع من 612 مليار دولار فى 2018 إلى 686 مليار دولار فى 2019، ما يمثل زيادة بأكثر من 10% فى موازنة البنتاجون يقابلها خفض كبير فى النفقات على المهام الدبلوماسية والإنسانية، لذلك قال مسئول فى البنتاجون إنه "إذا لم نعالج هذه المشكلة فإن تآكل التقدم العسكرى للولايات المتحدة على الصين وروسيا يمكن أن يضعف قدرتنا على ردع المعتدين المحتملين واستخدام القوة فى مناطق استراتيجية أساسية".
استحداث وظائف عسكرية
ذلك أن مشروع الموازنة للسنة المالية 2019 قد يستحدث نحو 25900 وظيفة عسكرية جديدة، فضلا عن استثمارات ضخمة فى مجالات الطائرات والسفن والمنظومات البرية والدفاع الصاروخى.
وقال وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون، إن "الرئيس ترامب خصص اليوم 39,3 مليارات دولار فى موازنة السنة المالية 2019 لوزارة الخارجية والوكالة الدولية للتنمية (يو اس ايد)".
وعلى سبيل المقارنة فإن ادارة ترامب طلبت فى مشروع موازنة العام 2018 تخصيص 37,6 مليارات دولار لوزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية.
تعريض مصالح أمريكا للخطر
ولو وافق الكونجرس على تلك الموازنة لكانت نفقات الدبلوماسية الأمريكية ستنخفض بنسبة 30% بالمقارنة مع العام 2017 حين بلغت 55,6 مليار دولار، غير أن أعضاء الكونجرس على اختلاف مشاربهم عارضوا مقترح الادارة، معتبرين أن هذا الخفض الكبير جدا فى الانفاق الدبلوماسى يعرض للخطر مصالح الولايات المتحدة وجهازها الدبلوماسى الأضخم فى العالم والجهود التى يبذلها لحل أزمات دولية عديدة.
وقال بنك الاستثمارات "جى بى مورغان" الاثنين انه من المتوقع ان يرتفع العجز فى موازنة ترامب إلى 5,4 % من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2019، وهى أعلى نسبة فى فترة عدم ركود، وأن يتخطاه فقط العجز المسجل خلال الأزمة المالية العالمية.
وتستند الخطة على تقديرات بأن الاقتصاد الأمريكى سينمو بنسبة 3 % سنويا فى السنوات الست القادمة، وهو معدل نمو يقول العديد من خبراء الاقتصاد إنه غير واقعى حتى مع الزيادة المحدودة الناجمة عن الاقتطاعات الضريبية الكبيرة التى أقرت فى ديسمبر الماضي.