تحدث الشيخ حسن خلف شيخ المجاهدين فى سيناء عن كواليس أسره من قبل القوات الإسرائيلية ثم الإفراج عنه عام 1974 بموجب صفقة تبادل بين الجانبين المصرى والإسرائيلى، موضحًا أن إسرائيل جن جنونها بعد إلقاء المخابرات المصرية على الجاسوس باروخ ولجأت إلى كافة المؤسسات والمحاكم الدولية للإفراج عنه لكن الدولة المصرية طلبت الإفراج أولا عن مجاهدى سيناء.
حديث شيخ مجاهدى سيناء يطرح تساؤلا حول قصة باروخ زكى مزراحى، لاسيما أنها إحدى القصص المدونة فى سجلات المخابرات المصرية بأحرف من نور فى ظل صعوبة عملية الإيقاع به وإلقاء القبض عليه من قبل الضباط المصريين، وفيما يلى تفاصيل قصته من البداية للنهاية.
فى عام 1926 ولد باروخ فى محافظة القاهرة لأسرة ميسورة الحال الوالد يعمل تجار دخان فى شارع كلوت بك وأمه خياطة ماهرة، تلقت الأسرة صدمة بوفاة الأب عام 1926 لتكمل الأم مسيرة تربية الأبناء، وبالفعل تدرج ابن تاجر الدخان فى مراحل التعليم ما بين مدرسة الفرير وصولا للتخرج فى كلية التجارة عام 1944 من قسم المحاسبة، ليعمل بعدها فى شركة كونزلز للاستيراد المعلبات والمحركات ومنها إلى أكثر من عمل ما بين شركة أدوية ثم مدرسا للغة الفرنسية وعمل إضافى فى شركة سمسمرة.
وكأغلب اليهود فى مصر خلال هذا التوقيت، قرر باروخ الهجرة إلى أرض الميعاد وأرغم أمه على توديع الإسكندرية للعيش فى إسرائيل لكنه فوجئ بالمعاملة السيئة التى لاقها لأنه من اليهود الشرقيين، وأثناء عمله فى حيفا كشرطى تم اختياره من قبل الموساد الإسرائيلى للعمل كعضو فى الجهاز.
براعة باروخ فى المهام التى كلف به من قبل رؤساء فى الموساد داخل إسرائيل من مراقبة عناصر شيوعية وغيرها من المهام الأخرى دفعت رؤسائه لتكليفه بأمور أخرى أشد خطورة، نظرًا للثقة التى حظى بها لديهم، وبالفعل تم إرساله إلى هولندا تحت ستار العمل فى إحدى المكاتب التجارية، وهناك نجح فى توطيد علاقته بعدد من المصريين المقيمين بالعاصمة الهولندية أمستردام، مما أهله للحصول على قدر كبير من المعلومات لم يكن يحلم به، وهو ما دفعه للحصول على مكانة أفضل داخل جهاز المخابرات الإسرائيلى.
نجاح مهمة هولندا، دفع الموساد الإسرائيلى لترشيح ماروخ لمهمة أكبر لكنهم لم يعلموا أنها ستكون القشة التى ستقصم ظهر بعيرهم!، وبعد عودة ابن زكى مزراحى تم إخباره أنه سيسافر إلى اليمن بجواز سفر مغربى يحمل اسم أحمد الصباغ والمهمة تتمثل فى تصوير أهداف حيوية فى باب المندب، ورغم ثقته الشديدة فى نفسه وفى خطة رؤسائه المحكمة لكنه وجد نفسه ساقطا فى الفخ، فقد كان ضباط المخابرات المصرية على علم بكل شيء، وبالفعل تم أسره وترحيله من اليمن إلى القاهرة فى رحلة وصفتها السجلات العسكرية بأنها كانت مليئة بالمغامرات والبطولات التى سجلها الضباط المصريون، خصوصا أن الموساد استمات من أجل استرجاع عميله صاحب الأصول المصرية لكنه فشل فشلا ذريع!. وبعد وصول باروخ إلى القاهرة، اعترف بكل شيء وظل فى السجن حتى تم الإفراج عنه عام 1974 مقابل إفراج إسرائيل عن مجاهدى سيناء المقبوض عليهم.
ويشار إلى أن قصة باروخ تم تجسيدها فى عالم الدراما المصرية من خلال مسلسل "الصفعة" بطولة شريف منير وهيثم أحمد زكى وشيرين رضا ومن إخراج مجدى أبو عميرة.