حضر المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، الأحد، فعاليات الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "النمو الشامل وخلق فرص العمل"، الذى يقام بتنظيم مشترك من البنك المركزى المصرى، وصندوق النقد الدولى، وذلك بمشاركة واسعة من مجموعة متميزة من الاقتصاديين وأصحاب الخبرات من العديد من الدول، وذلك بهدف استعراض التجارب الاقتصادية الناجحة، وتبادل الخبرات والآراء للوصول إلى أفضل السياسات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، لتحقيق معدلات نمو أعلى ومستدام تصل عوائده إلى جميع شرائح المجتمع.
وألقى رئيس مجلس الوزراء كلمة نقل خلالها إلى الحضور تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، وتمنياته للمؤتمر بالنجاح والتوفيق، كما أعرب رئيس الوزراء خلالها عن سعادته بالمشاركة فى هذا الحدث، مؤكدا ثقته فى أن يكون لجلسات هذا المؤتمر، أبلغ الأثر فى الخروج بنتائج إيجابية، تساعد فى تحقيق المزيد من التقدم فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى المصرى.
وجاء نص كلمة رئيس مجلس الوزراء كالتالى"
السيدات والسادة الحضور
الضيوف الكرام
اسمحوا لى فى البداية أن أنقل إليكم تحيات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية وتمنياته لمؤتمركم هذا بكل النجاح والتوفيق، شاكرا مساهمة المؤتمر والقائمين عليه فى نظر موضوع من أهم الموضوعات على الإطلاق، وهو موضوع النمو الشامل الاحتوائى والذى يواكبه بالضرورة توفير فرص العمل الكافية واللائقة.
وانتهز هذه الفرصة لأرحب بكم فى هذا المؤتمر المهم الذى يضم مجموعة متميزة ورائدة من الخبراء والاقتصاديين وأصحاب القرارات والخبرات فى مصر والعالم.
أن هذه الكوكبة تجتمع هنا اليوم لتبادل الخبرات والآراء بهدف الوصول إلى أفضل الطرق والسياسات الاقتصادية فى الفترة المقبلة، لتحقيق معدلات نمو أعلى ومستدام تصل عوائده إلى جميع شرائح المجتمع.
إن سعادتى بالمشاركة فى هذا الحدث، تنبع من ثقتى فى أن جلسات هذا المؤتمر بما تتضمنه من مناقشات ثرية، واستعراض متنوع للتجارب الاقتصادية الدولية، سيكون لها أبلغ الأثر فى الخروج بنتائج إيجابية، تساعدنا على تحقيق مزيد من التقدم فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى المصرى.
لقد تمكنت مصر عبر إعداد وتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى محكم، تدعمه إرادة سياسية واعية وطموحة، وتفهم ومساندة شعبية قوية، أن تحقق نجاحات على مدار العامين الماضيين، يرى العديد من الخبراء فى الداخل والخارج أنها فاقت التوقعات.
ولقد شهدت لمصر بهذه النجاحات جميع المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، بدءا من صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى، وجميع مؤسسات التصنيف الائتمانى وبنوك الاستثمار الدولية، التى تناغمت تقاريرها مع الخطوات والإصلاحات العملية، التى اتخذناها لتحقيق رؤيتنا الوطنية نحو الوصول للتنمية الشاملة المستدامة، والنهوض بالاقتصاد القومى والتعامل مع التحديات المزمنة، التى كان يعانى منها.
السيدات والسادة الحضور
إننا نسعى من خلال السياسات والتدابير الإصلاحية التى تنفذ إلى الوصول لاقتصاد قوى ومستدام مدعوم باقتصاد خاص قوى وقادر على المنافسة والتطوير والابتكار، لا تقف معالمه عند التقارير المالية والمؤشرات الكلية، وإنما يمتد تأثيره ليصل إلى جميع المواطنين، وينعكس بوضوح على تحسن ملحوظ ومستدام فى مستوى معيشتهم وفى الخدمات المؤداة لهم، وفى فرص العمل اللائقة التى تتولد وخاصةً للشباب.
ولقد جاء عنوان هذا المؤتمر ليلخص أهداف أولويات برنامجنا الاقتصادى الطموح، فنحن نسعى لتحقيق نمو احتوائى مرتفع ومستدام يشمل جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية، وقادر على إتاحة فرص عمل حقيقية ولائقة لجميع المواطنين.
وهذا سينعكس بالضرورة على تحسين مستوى معيشة الأسرة المصرية ورفع مستوى الخدمات المقدمة لها.
ولقد أدركنا جيدا أن تحقيق انطلاقة اقتصادية قوية يتطلب إيجاد شراكة بناءة مع القطاع الخاص كقاطرة النمو الرئيسية جنبا إلى جنب مع دور قوى للدولة كداعم ومنظم ومحفز للنشاط الاقتصادى.
وهذه الرؤية تتطلب توفير بنية تحتية قوية ومتطورة وضمان استدامة المعروض من الطاقة وتوافر بنية تشريعية مناسبة وجاذبة للاستثمار، وهى كلها أمور تحققت بفضل الله مما يمهد لتحقيق انطلاقة اقتصادية قوية.
ومن أجل ذلك كثفنا جهودنا فى الفترة الماضية لتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية المهمة، لزيادة تنافسية وكفاءة الاقتصاد المصرى، وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وفى هذا الإطار استثمرنا مليارات الجنيهات فى تطوير البنية الأساسية اللازمة من طرق وموانئ ومحطات توليد كهرباء، ومشروعات الغاز الطبيعى والتكرير، وإنشاء المدن الجديدة، ومشروعات مياه الشرب والصرف الصحى، وتطوير قناة السويس ومنطقتها الاقتصادية، هذا إلى جانب التنمية الشاملة لسيناء، وغيرها من المشروعات القومية الكبرى.
السيدات والسادة الحضور
لقد قمنا على التوازى مع ذلك بتحديث البيئة التشريعية بمصر من خلال إصدار عدد من التشريعات الجديدة وتعديل التشريعات القائمة، لتحسين وتبسيط بيئة الأعمال ومواجهة البيروقراطية وإزالة أية عقبات تواجه المستثمرين، ومنح حوافز للقطاع الخاص للاستثمار فى القطاعات الإنتاجية كثيفة التشغيل، والمناطق الجغرافية ذات الأولوية، بما يمهد لبدء انطلاقة اقتصادية قوية تليق بتاريخ مصر ومكانتها.
كما قمنا مؤخرا بفتح أسواق ومجالات جديدة ولأول مرة أمام القطاع الخاص لزيادة المنافسة ولضمان تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وعلى رأس تلك المجالات تحرير سوق الطاقة من غاز طبيعى وكهرباء وكذلك قطاع المواصلات والنقل.
السادة الحضور
لقد كان من الضرورى لضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولاستفادة الجميع من ثمار الإصلاح أن نضع صوب أعيننا كأولوية قصوى، بإيجاد شبكة حماية اجتماعية شاملة وفعالة وعصرية، قادرة على حماية الطبقات المهمشة والفئات الأقل دخلاً، مع إدراكنا التام بأن الخط الدفاعى الأول فى هذا المجال، هو إيجاد فرص عمل كافية ولائقة للراغبين فى العمل وخاصة الشباب والمرأة.
ومن هنا قمنا بالتوسع فى منظومة الدعم النقدى سواء من خلال برنامج تكافل وكرامة أو من خلال الدعم النقدى لأصحاب البطاقات التموينية، وتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية المقدمة فى جميع أنحاء الجمهورية، والعمل على وجود منظومة تأمين صحى عصرية ومتطورة، والتوسع فى برامج التدريب التحويلى، وإعداد الشباب لسوق العمل.
السادة الحضور الكرام
مما لا شك فيه أن كل جهد مخلص له ثماره ونتائجه، ولقد أسفرت خططنا للإصلاح الاقتصادى التى قادتها الحكومة بالشراكة مع البنك المركزى المصرى الذى أدار السياسة النقدية باحتراف، عن اكتساب ثقة المؤسسات المالية العالمية وكبار المستثمرين، الأمر الذى ظهر بوضوح من خلال التحسن المستمر فى التقييمات العالمية لأداء الاقتصاد المصرى.
فلقد عدل صندوق النقد الدولى مؤخراً توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد المصرى خلال العام المالى الجارى ليصل إلى 2ر5% مقابل نسبة 8ر4% كان يتوقعها / فى يناير الماضى.
كما حسّن الصندوق توقعاته بالنسبة للتضخم فى نهاية العام المالى الجارى إلى 10.4% مقابل 11.9% فى تقرير المراجعة الثانية، وعدل توقعاته أيضاً لمعدل البطالة فى السوق المصرى بنهاية العام الجارى لتكون 11.1% ولتكون فى العام المقبل 9.7% وهى توقعات مبنية على حقائق السوق وأدائنا الاقتصادى خلال الفترة الماضية.
كما أود الأشارة إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تحسناً فى عدد من المؤشرات الاقتصادية منها زيادة إيرادات السياحة، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج والصادرات، وتراجع التضخم إلى 13.1% خلال مارس الماضى مقابل 34.2% فى يوليو الماضى.
وارتفع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى / إلى 5.3% خلال الربع الثانى من عام 2017/2018 / بجانب وصول احتياطى النقد الأجنبى إلى مستوى قياسى حيث بلغ 44 مليار دولار بنهاية أبريل الماضى.
الحضور الكريم
لا توجد عملية إصلاح بدون تحديات والتحديات أمأمنا كبيرة، ولكننا على ثقة من قدرتنا على مواجهتها والتغلب عليها بإذن الله، فلقد نجحنا بالفعل فى تجاوز المرحلة الأصعب وسننجح بفضل جهودنا المشتركة، وتبادل خبراتنا فى الوصول لأهدافنا.
إن هذا المؤتمر بما يضمه من خبراء اقتصاديين وأصحاب تجارب وصناع قرار سيكون له دور فعال فى الخروج بنتائج واعدة تساعدنا على تحقيق مزيد من النمو والاستقرار الاقتصادى المستدام وإتاحة المزيد من فرص العمل، لنمضى بثبات على طريقنا لبناء مستقبل واعد وأكثر إشراقاً.
ونود أن نؤكد على التزام الحكومة المصرية بالاستمرار فى عملية الإصلاح الاقتصادى، مدعومة من القيادة السياسية، باعتباره المسار الوحيد لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، فلا مجال لسياسة المسكنات أو تأجيل اتخاذ القرار.
لقد عقدنا العزم، على مواجهة تحدياتنا ومشاكلنا بكل الشفافية والجدية، لننطلق نحو غد أفضل نصبو جميعا إليه شعب وقيادة وحكومة.
وفى النهاية أتقدم بالشكر لكل شركائنا الداعمين لمصر فى مسار الإصلاح الاقتصادى، وخاصةً صندوق النقد الدولى، فنحن نعمل كفريق عمل واحد.. أشكركم على الحضور والمشاركة القيمة فى هذا المؤتمر وأتمنى لكم كل التوفيق والنجاح.