كان رجال المعمل الجنائى يفحصون أثار الحريق الذى اشتعل داخل منزل أمين عليوة أبو طالب، بمحافظ السويس، وكانت المفاجأة عثورهم على بقاية جثة آدمية بين حطام الحريق، موزعة على أكياس بلاستيكية ومتفحمة تماماً، إلا أن جزءً واحداً من تلك الأجزاء التى بلغ عددها عشرون جزءً لم تطمس معلمه، وهو كف اليد، وكان ذلك كفيلاً بأن يفضح واحدةً من أبشع الجرائم التى أرتكبت خلال القرن العشرين.
سميحة عبد الحميد محمد ربة منزل فى الـ37 من عمرها، تزوجت وعاشت حياتها الأولى بمركز "جرجا" بجنوب الصعيد، مع زوجها أمين عليوة أبو طالب، وبدأت حياتهما مستقرة وهادئة، الرجل يتجه لعمله صباحاً، ويعود فى المساء محملاً بالمال اللازم للإنفاق على الأسرة، هكذا سارت حياتهم؛ إلى أن تكدرت تدريجياً بزيادة المعولين فى الأسرة مع ولادة الطفل الأول فالثانى والثالث، حتى أصبح الدخل لا يكفى الاحتياجات.
بدأت سميحة تسأم من حياتها، وبدأ الزوج مكتئباً حزيناً غير قارد على النظر فى أعين أطفاله الصغار، حتى جاء الفرج من عند أحد أصدقاء الزوج ويدعى "عاكف"، والذى وفر له فرصة عمل بشركة أسمدة فى محافظة السويس، وكانت تلك الوظيفة بمثابة طوق النجاة، الذى أنقذ الأسرة من الغرق، لكنه قادها إلى مصير أسوء من الغرق، فلم يكن ذلك الجميل التى قدمه "عاكف" خاليا من الثمن، وقد كان باهظاً.
بعد انتقال "عليوة" و"سميحة" إلى محافظة السويس، استغل "عاكف" غياب صديقه وانهماكه فى العمل، وبدأ يتردد على منزله فى غيابه، باحثاً عن رد الجميل الذى دفعه مقدماً، ومع مرور الوقت نشأت علاقة غرامية بينه وبين زوجته، وسرعان ما بدأت أخبار تلك العلاقة تتردد على ألسنة الأهالى، وهو ما جعل "عليوة" يستشيط غضباً، ويطرد زميله من منزله شر طردةً، وعنف زوجته تعنيفاً شديداً؛ ولطمها على وجهها، وحلف عليها يمين الطلاق، بألا يدخل "عاكف" منزلهما فى غيابه أبداً.
تظاهرت "سميحة" بالإذعان، وفى داخل نفسها كانت تغلى حنقاً على فراق "عاكف"، وقررت فى نفسها القصاص من الزوج، وإبعاده من طريق شهوتها، فخدرته وأبنائها، حتى إذا ما خلدوا جميعاً إلى النوم، أحضرت ساطوراً كبيراً وفصلت رأس زوجها عن جسده، وبدأت فى تقطيع الجسد لأجزاء صغيرةً ووضعتها فى أكياس بلاستيكية، أخفت كلاً منهما فى مناطق متفرقة من المنزل، وفى المساء خرجت بحقيبة بها "الجمجمة" وألقتها فى مقلب القمامة.
فى صباح اليوم التالى، علم "عاكف" بجريمة "سميحة" التى ظنت أن الطريق أصبح ممهداً لهما، لكنه صدم مما روت له، وفر هارباً خوفاً من المسائلة، فكان عليها استكمال ما بدأته، فأحرقت المنزل حتى تختفى أثار الجريمة، وادعت أن زوجها هو من أشعل النيران فى المنزل، حتى احترق تماماً، وأثناء التحقيق معها والتضييق عليها اعترفت بجريمتها كاملة.
كان كف يد الزوج الذى عثر عليه بين ركام الحريق، شاهداً على جريمة "سميحة"، فبعد أن طوبقت بصماته ببصمات يد الزوج التى أودعها قبل وفاته بأوراق تعيينه فى شركة الأسمدة، أثبتت نسبتها إليه، وبالبحث عن "رأس الزوج" تم العثور عليها مدفونة داخل أحد مقالب القمامة ومشوهة تماماً، واكتملت أركان القضية بذلك وأحيلت "سميحة" للمحاكمة وصدر حكماً بإعدامها ونفذ فيها حكم الإعدام فى عام 1985، بعد أشهر قليلة من الحكم.