قال وسام فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، أنه بعد ثورة يناير 2011 تراجعت معدلات النمو الاقتصادية فى مصر بشكل كبير حيث تراجع النمو الاقتصادى "الحقيق" من 5.1 % عام 2010 إلى 1.8 %عام 2011، بسبب التراجع الكبير فى النشاط الاقتصادى فى معظم القطاعات الأساسية كالصناعة والبناء والسياحة، والقطاع المالى.
وأوضح وسام فتوح، خلال كلمته فى منتدى اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزى المصرى واتحاد بنوك مصر تحت عنوان "الصيرفة الخضراء: الطريق إلى التنمية المستدامة" فى مدينة الغردقة، أنه وعلى الرغم من هذا التراجع الكبير فى النمو الاقتصادى والركود، بقيت مستويات الأسعار مرتفعة بسبب الاختناقات فى قنوات توزيع السلع فى الأسواق المحلية وعدم مرونة آليات العرض، لافتا إلى أن مستويات الاستثمار منخفضة بسبب حالة عدم اليقين التى واجهت المستثمرين بعد الثورة، مترافقة مع ضعف نمو الإقراض للقطاع الخاص.
وأشار وسام فتوح، إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى وضعته الحكومة المصرية عام 2016 حقق نتائج إيجابية ساهمت فى إستعادة الاستقرار الاقتصادى الكلى وإعادة مصر إلى مسار النمو القوى والمستدام، موضحا أن الحكومة المصرية اتخذت إجراءات هامة تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال كإقرار قوانين التراخيص والاستثمار والإفلاس، لافتا إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التى طبقتها مصر نجحت فى استعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى حيث يتوقع صندوق النقد الدولى أن يحقق الاقتصاد المصرى نموا بنسبة 5.2% عام 2018 و5.5% عام 2019، مقارنة ب4.2% عام 2017.
وأضاف "فتوح"، أنه تماشيا مع تحسن الأوضاع الاقتصادية، تراجعت البطالة فى مصر مسجلة إلى 10.6% فى الربع الثالث من العام المالى 2017/2018، مسجلة أدنى مستوياتها منذ 8 سنوات، لافتا إلى أن صندوق النقد الدولى توقع أن تنخفض نسبة البطالة تدريجيا فى مصر فى السنوات الخمس المقبلة حتى تصل إلى نحو 7 % عام 2022، وأوضح "فتوح"، أن الاصلاحات ساهمت فى رفع احتياطى النقد الأجنبى إلى نحو 44.26 مليار دولار فى نهاية شهر يونيو 2018 مقابل نحو 19 مليار دولار فى أكتوبر 2016 قبل تحرير سعر الصرف، مشيرا إلى أن عامى 2017 2017 حملا تطورات إيجابية للاقتصاد المصرى حيث سجلت إيرادات مصر من السياحة خلال الفترة من يوليو 2017 إلى مارس 2018 نحو 7.25 مليار دولار مقابل 2.84 مليار دولار فى الفترة نفسها من العام السابق، أى بنسبة 155.3%.
وقال "فتوح"، أنه بالنسبة لعائدات قناة السويس، فسجلت ارتفاعا ملحوظا محققة أعلى إيراد سنوى مالى مقوما بالدولار بإجمالى إيرادات 5.6 مليار دولار بنهاية العام المالى 2017/2018، مقابل 5 مليارات دولار خلال العام المالى السابق، بزيادة قدرها 600 مليون دولار أى بنسبة 13%، موضحا أن تحويلات المغتربين ارتفعت بشكل كبير منذ تحرير سعر الصرف حيث بلغ إجمالى التحويلات بحسب البنك المركزى المصرى نحو 21.9 مليار دولار فى الأشهر العشرة الأولى من السنة المالية 2017/2018.
وأكد "فتوح"، أن السياسة المالية فى مصر تستهدف خفض عجز الموازنة من خلال زيادة الإيرادات وترشيد الإنفاق، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولى توقع أن ينخفض عجز الموازنة العامة فى مصر خلال السنوات الخمس المقبلة ليصل إلى 3.3 % من الناتج المحلى الإجمالى عام 2022.
وأوضح "فتوح"، أنه على صعيد السياسة النقدية، فقد واجهت البنك المركزى المصرى بعد ثورة يناير 2010 تحديات كبيرة فى إدارة السياسة النقدية بسبب الصدمات الاقتصادية والمالية الكبيرة الناجمة عن الاحداث السياسية والامنية التى عاشتها مصر خلال الفترة 2010-2013، لافتا إلى أن البنك المركزى المصري، وبموازات تنفيذ خطة الاصلاح الاقتصادى والمالى الضخمة وآثارها على الأوضاع النقدية على المدى القصير، عمل على إدارة السياسة النقدية بشكل دقيق جدا لمنع تفلت التضخم وكبحه لما له من تأثيرات سلبية جدا على النمو الاقتصادى ومعشية المواطنين.
وأضاف "فتوح"، أنه بتاريخ 14 مارس 2016، قرر البنك المركزى المصرى انتهاج سياسة سعر صرف اكثر مرونة تعكس آليات العرض والطلب لتتغلب على التشوهات فى سوق الصرف الاجنبى والتى أثرت على تداول النقد الاجنبى فى الجهاز المصرفى المصرى، موضحا أن هذا القرار هدف إلى خلق مرونة فى سعر الصرف لاستعادة ثقة المتعاملين، وتحسين مناخ الاستثمار وتشجيع تدفق رؤوس الأموال من الخارج، وايقاف نزف الاحتياطات الاجنبية لدى البنك المركزى المصري، وتحسين وضعية الميزان التجارى والحساب الجارى لميزان المدفوعات.
وقال "فتوح"، أن عام 2017 شهد تحولا كبيرا سواء على المستوى الداخلى أو الخارجي، فقد استمر معدل نمو الإستثمار الخاص فى الإرتفاع فى عام 2016/2017 للعام الثالث على التوالي، فى حين استمر الإستثمار العام فى النمو بمعدلات قوية، موضحا أن قطاعات التجارة، الأنشطة العقارية، التشييد والبناء، وكذلك السياحة سجلت أكبر مساهمة فى النمو الاقتصادي، مضيفا تراجع العجز فى كل من ميزان التجارة والحساب الجاري، حيث سجل ميزان المدفوعات فائضا بقيمة 13.7 مليار دولار بنهاية العام المالى 2016/2017، وارتفعت احتياطات البنك المركزى إلى 27.9 مليار دولار(لترتفع إلى 32.7 مليار بنهاية العام 2017)، كما سجل النمو الاقتصادى نسبة 3.2.%
وأكد "فتوح"، أن سياسة تحرير سعر الصرف فى تعزيز تنافسية السلع والخدمات المحلية وبالتالى ارتفاع الطلب الخارجى للناتج المحلي، وهو العامل الأساسى فى ارتفاع معدل النمو الاقتصادى مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، مشيرا إلى تحسن وضعية الحسابات الخارجية بشكل كبير حيث – وعلى سبيل المثال – سجل ميزان المعاملات الجارية خلال الربع الأول من العام المالى 2017/2018 عجزا بقيمة 1.6 مليار دولار مقابل 5.2 مليار دولار للفترة نفسها من العام السابق، وخلال الربع الثانى من العام المالى 2017/2018 بقيمة 1.8 مليار دولار مقابل 4.2 مليار للفترة نفسها من العام السابق، كما سجل الميزان التجارى تراجعا خلال النصف الأول من العام المالى 2017/2018 مقابل الفترة نفسها من العام السابق بقيمة 269 مليون دولار، لافتا إلى أن الاستثمار الاجنبى استمر بالتدفق ليصل مجموعه خلال النصف الأول من العام المالى 2017/2018 إلى حوالى 3.8 مليار دولار.
وأشار "فتوح"، إلى أن احتياطات البنك المركزى شهدت استمرار فى الزيادة فبلغت بنهاية عام 2017 حوالى 37 مليار دولار، ما عزز امكاناته على التدخل فيأسواق الصرف الاجنبى مستقبلا، موضحا أنه تم تسجيل تحسن كبير فى المؤشرات الاقتصادية الكلية، كالاستثمار الذى بلغ 15.2 %من الناتج المحلى الإجمالي، وبموازاة كل ذلك، سجل الاقتصاد المصرى نموا كبيرخلال النصف الثانى من عام 2017 بلغ 5.4 %على أساس سنوى مقابل 2.7 % للفترة نفسها من العام السابق.
وأضاف "فتوح"، أنه وبالتوازى مع انخفاض التضخم، تزايدت احتياطات البنك المركزى المصرى بنهاية الربع الأول من عام 2018 لتصل إلى إعلى مستوى لها بلغ 42.6 مليار دولار، حيث أصبحت هذه الاحتياطات تغطى 8.1 أشهر من الواردات السلعية، مقابل أدنى مستوى سجلته فى كل من مارس ويونيو 2012 ويونيو 2013 وهو 3.1 أشهر فقط، مشيرا إلى أن احتياطات البنك المركزى المصرى كانت تغطى 7.5 أشهر من الواردات السلعية فى يونيو 2009، حيث أثبتت السياسة النقدية للبنك المركزى المصري، والمتبعة منذ ثورة يناير 2011، وبالتحديد منذ نهاية عام 2015، نجاحا كبيرا ومرونة عالية فى تطبيق أهدافها بضبط التضخم عبر تغيير معدلات العائد بشكل أساسي، بالإضافة إلى تأثيرها على عرض النقد والسيولة فى الأسواق، موضحا أن لجنة السياسة النقدية تمكنت عبر متابعتها الدقيقة لتغير معدلات التضخم الآنية من استشراف توجه الأوضاع الاقتصادية المستقبلية، وبالتالى اتخاذ قرارت زيادة أو تخفيض معدلات العائد على الإيداع والإقراض للبنك المركزى، وبذلك، فقد نجحت البنك المركزى فى تصويب المؤشرات الاقتصادية بالشكل المطلوب.
وأثنى "فتوح"، على مرونة القطاع المصرفى المصرى فى وجه التحديات الاقتصادية والمالية التى شهدتها مصر خصوصا بعد تحرير الجنيه، حيث يحتل المرتبة الرابعة بين القطاعات المصرفية العربية من حيث حجم الأصول، والمرتبة الأولى بين القطاعات المصرفية للدول العربية غير النفطية، موضحا أن الموجودات - الأصول - المجمعة للقطاع المصرفى المصرى بلغت حوالى 5.1 تريليون جنيه بنهاية شهر مارس 2018 مقابل 4 تريليون جنيه بنهاية عام 2016 محققة نسبة نمو 29%، كما بلغت الودائع حوالى 3.5 تريليون جنيه بنهاية الربع الأول من 2018 بزيادة 26 %عن نهاية عام 2016.
وأضاف "فتوح"، أنه بالنسبة للقروض الممنوحة للقطاعين العام والخاص، فقد بلغت حوالى 1.6 تريليون جنيه مسجلة نسبة نمو 19 %خلال الفترة نفسها، وبلغ مجموع رأس المال والاحتياطات حوالى 365 مليار جنيه بنهاية الفصل الأول 0201، بزيادة كبيرة تخطت 22 %عن نهاية البيانات إلى أن البنوك حققت 2.02 مليار جنيه العام 2018، بزيادة كبيرة نخطت 44% عن نهاية عام 2016، حيث تشير البيانات إلى أن البنوك حققت 24.2 مليار جنيه أرباحا خلال الربع الاول من عام 2018.
وأكد "فتوح"، أن القطاع المصرفى المصرى يعد أحد أهم ركائز ااقتصاد بمعدلات سيولة ونوعية أصول وقاعدة رأسمالية جيدة ساهمت فى تجاوز العديد من الأزمات، لافتا إلى أنه وفى ظل الاصلاحات الاقتصادية الراهنة، تشير مؤشرات السلامة المالية للقطاع المصرفى المصرى إلى سلامة مالية ومتانة ملحوظة فى آداء المصارف المصرية.
وأشاد "فتوح"، بجهود البنك المركزى المصرى والتى أثمرت بقيادة عملية تعزيز الشمول المالى، حيث أظهرت أحدث بيانات البنك الدولى ارتفاع نسبة الشمول المالى فى مصر (المتمثلة بنسبة السكان البالغين الذين يملكون حسابات مصرفية) من 9.7 % عام 2011 إلى 14.1 % عام 2014، و32.8 % عام 2017، مضيفا أن نسبة الشمول المالى لدى الرجال بلغت 32.7% مقابل 27 % لدى النساء، مؤكدا أن هذا التحسن جاء نتيجة لجهود القطاع المصرفى المصرى الذى يضع الشمول المالى على رأس أولوياته لما له من دور إيجابى فى تحقيق النمو الاقتصادى، وتحسين مستوى المعيشة، وتمكين المرأة، وتعزيز تكافؤ الفرص، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والحد من الفقر وعدم المساواة.