قضت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها برئاسة المستشار الدكتور حسام محمد عبد العزيز نائب رئيس مجلس الدولة برفض دعوى ضابط شرطة طلب الحكم بإلغاء قرار إحالته للمعاش، بسبب إطلاق لحيته وعدم حلاقتها بالمخالفة للقواعد السارية بهيئة الشرطة والكتب الدورية الصادرة فى هذا الصدد رغم التنبيه عليه من قبل قياداته فى الوزارة بوجوب إتباع القواعد والتعليمات وعدم مخالفتها وضرورة الالتزام بالمظهر المتعارف عليه لرجل الشرطة، إلا أنه لم يستجب.
واستندت المحكمة فى حيثيات حكمها إلى.. إن المادة (67) من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة تنص على أن: " لوزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضباط - عدا المعينين فى وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية - إلى الاحتياط وذلك:
إذا دعت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام، ولا يسرى ذلك على الضباط من رتبة لواء.
ولا يجوز أن تزيد مدة الاحتياط على سنتين، ويُعرض أمر الضابط قبل انتهاء المدة على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إحالته إلى المعاش أو إعادته إلى الخدمة العاملة، فإذا لم يتم العرض عاد الضابط إلى عمله ما لم تكن مـدة خدمته انتهت لسبب آخر طبقاً للقانون.
وتعتبر الرتبة التـى كـان الضابـط يشغلها شاغـرة بمجرد إحالته إلى التقاعد.
وتابعت الحيثيات أن " المشرع خول وزير الداخلية إحالة الضابط، إذا لم يكن معيناً بقرار جمهورى، ولم يكن شاغلاً لرتبة لواء إلى الاحتياط، واشترط لذلك قيام أسباب جدية تتعلق بالصالح العام تؤكد وتثبت ضرورة إحالة الضابط إلى الاحتياط دون مواجهته بما هو منسوب إليه أو سماع دفاعه فى تحقيق أو محاكمة تأديبية، ويستهدف نظام الإحالة إلى الاحتياط تنحية الضابط من وظيفته لمدة معينة لا تجاوز السنتين بقصد تنبيهه إلى اعوجاج سلوكه وضعت انضباطه حتى يرجع إلى جادة الصواب – مقتضى ذلك ولازمه وضع الضابط خلال فترة الاحتياط تحت الرقابة والفحص بصفة دائمة طوال مدة الاحتياط حتى يتثنى عرض أمره قبل نهايتها على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إما عودته إلى الخدمة إذا ما تبين أنه استقام فى سلوكه واعتدل فى تصرفاته بما يرجح عودته إلى التكيف مع ما تفرضه عليه طبيعة وظيفته من واجبات أو إحالته إلى المعاش إذا ما تبين أنه مازال مصراً على سلوكه المعوج إلى الحد الذى يفقده الصلاحية فى هيئة الشرطة – أن أسباب الإحالة إلى المعاش بعد الإحالة إلى الاحتياط وإن كانت ترتبط بأسباب الإحالة إلى الاحتياط إلا أنها يتعين أن تستخلص من وقائع تالية للإحالة إلى الاحتياط وليست سابقة عليها".
ولفتت المحكمة إلى أن " المشرع سن نظامين لمواجهة اعوجاج سلوك الضباط والمخالفات التى تصدر عنه، أحدهما النظام التاديبى الذى يهدف إلى تقويم سلوك الضابط بتوقيع الجزاء المناسب، وثانيهما نظام الإحالة إلى الاحتياط، وهو نظام من شأنه تنحية الضابط عن وظيفته وسلبه حقوقها ومزاياها وإبقاءه مدة لا تزيد عن سنتين متربصاً إما إعادته للخدمة أو أحالته إلى المعاش، وهو جزاء يُوقع على الضابط بغير الطريق التأديبى الذى نظمه القانون دون تحقيق يجرى معه ثم معاقبته إدارياً أو بعد محاكمته تأديبياً أمام مجلس التأديب، المشرع أسند سلطة الإحالة إلى الاحتياط إلى وزير الداخلية، وقيده فى ممارسة تلك السلطة بثبوت ضرورة تلك الإحالة من واقع أسباب جدية تتعلق بالصالح العام، ويصدر قراره بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة، الإحالة إلى الاحتياط يجب أن تكون مستنده إلى ضرورة تقتضيها وأسباب ذات صلة بالصالح العام، وخطورة تبررها، أسباب الإحالة إلى الاستيداع تخضع لرقابة القضاء سواء من حيث وجودها المادى أو القانونى أو من حيث تكيفها، وتقدير مدة الخطورة الناجمة عنها، ولا يعد ذلك تدخلاً من المحكمة فى أمر متروك تقديره للسلطة الإدارية، وإنما هو إعمال لحق المحكمة فى الرقابة القضائية والقانونية على القرارات الإدارية".
واستقرت المحكمة على أن " المشرع فى قانون هيئة الشرطة وضع نظامين لمواجهة سلوك الضباط والمخالفات التى تصدر عنه، أحدهما النظام التأديبى لعقاب الضابط ومجازاته تأديبياً عن المخالفات التى تثبت فى حقه وذلك من خلال المحاكمة التأديبية، وثانيهما نظام الإحالة إلى الاحتياط، والذى قد يكون مقدمة إلى الإحالة إلى المعاش، النظامان يشتركان فى أن كلاً منهما يواجه وقائع ومخالفات إلى الضابط، إحالة الضابط إلى الاحتياط من شأنها تنحيته عن وظيفته وسلبه حقوقها ومزاياها وإبقاؤه مدة لا تزيد على سنتين متربصاً أما إعادته إلى الخدمة أو إحالته إلى المعاش، وقرار الإحالة إلى الاحتياط بهذا المعنى يعتبر نوعاً من الجزاء يوقع على الضابط بغير الطريق التأديبى الذى نظمه القانون وبغير إجراء تحقيق مع الضابط – ومن ثم – فهو نظام استثنائى اختصه المشرع بضوابط وشروط خاصة يجب توافرها حتى يسوغ لجهة الإدارة أن تترك النظام التأديبى وهو الأصل إلى نظام الاحتياط وهو الاستثناء، وليس كل خروج على واجبات الوظيفة أو مقتضاها يسوغ لجهة الإدارة التدخل بنظام الإحالة إلى الاحتياط لمواجهة المخالفات التى تنسب إلى الضابط إنما يجب أن يتوافر قدر من الجسامة والخطورة يبرر حالة الضرورة الملحة التى تستوجب الخروج على نظام التأديبى، وذلك بأن تقدم أسباباً جدية تتعلق بالصالح العام، تلك الأسباب تخضع لرقابة المحكمة سواء من حيث وجودها المادى أو القانونى أو من حيث تكييفها.