نظم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، محاضرة بعنوان "هل تمتلك الجماعات الدينية السياسية مشروعًا تنمويًا قابلًا للتطبيق؟ الإخوان المسلمون نموذجا.. من رؤى السراب"، اليوم الخميس، ألقاها المفكر والأكاديمى والكاتب القطرى الدكتور عبدالحميد إسماعيل الأنصارى، أستاذ السياسة الشرعية، وشهدت المحاضرة حضورًا لافتاً، من قبل نخبة كبيرة من الخبراء والأكاديميين والدبلوماسيين والصحفيين والإعلاميين، وجمع حاشد من المهتمين.
وأشار المحاضر القطرى، فى بداية طرحه موضوع المحاضرة، إلى أنه سيناقش مجموعة من الأفكار والأطروحات بالاستناد إلى ما تضمنه كتاب "السراب" للدكتور والكاتب الإماراتى جمال سند السويدى، ووصف الكتاب بأنه موسوعى، لاقى تقديرا فائقا على المستويين الإقليمى والدولى، نظرا إلى عمق تناوله وما طرحه من أفكار شاملة بخصوص قضية الجماعات الدينية السياسية.
وقال الأنصارى إن الجماعات الدينية السياسية، ومنهم الإخوان، تستروا بالدين من أجل الترويج لأفكارها، وتوظِّفه من أجل تحقيق مكاسب سياسية تتمحور حول الوصول إلى الحكم، والانفراد بعملية صناعة القرار.
وأكد المحاضر أن الجماعات الدينية السياسية ظلت عقودا توهم الجماهير بأن لديها مشروعا متكاملا قادرا على التصدى لمشكلات المجتمعات المعاصرة كافة، ورفعت هذه الجماعات شعار "الإسلام هو الحل"، وهذا الشعار لم يكن إلا مغالطة كبرى، ذلك لأن الإسلام لم يأت بمبادئ تفصيلية لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، وإنما جاء بقواعد عامة هدفها بناء الإنسان وصياغة العقول، مضيفا أن هذه الجماعات فشلت فشلا ذريعا فى ترجمة هذا الشعار الفضفاض إلى برامج محددة لمعالجة مشكلات الواقع المعاصر.
وقال الأنصارى إن الجماعات الدينية السياسية نجحت فى ركوب موجة "الربيع العربى"، وانتخبتها الجماهير، كما حدث فى حال جماعة "الإخوان المسلمين" فى مصر، ليس عن قناعة، وإنما بالنظر إلى تطلع هذه الجماهير إلى تجريب بدائل جديدة بعد فشل المشروعات التنموية فى حقبة ما بعد الاستقلال.
وأكد الأنصارى أن "الربيع العربى" كشف عن زيف التوجهات الفكرية للجماعات الدينية السياسية، وباتت الجماهير مقتنعة، بعد وصول "الإسلاميين" إلى الحكم، بأنه لا توجد لديهم حلول لقضايا المجتمع ومشكلاته الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف: كشف فشل جماعة "الإخوان المسلمين" فى حكم مصر عن حالة الخواء الفكرى التى تسيطر على الجماعات الدينية السياسية، التى كانت تردد أن لديها معالجات لجميع المشكلات.
واختتم الدكتور عبدالحميد الأنصارى محاضرته بالقول إن الدكتور جمال سند السويدى كان مصيبا تماما حين شبه الرهان على الجماعات الدينية السياسية بالسراب، مؤكدا أن كل تجارب "الإسلاميين" فى الحكم، سواء كانت فى السودان، أو مصر، أو قطاع غزة، أو أفغانستان، أو إيران، قد أكدت بما لا يدع مجالا للشك فشل تيار الإسلام السياسى وعجزه وتخلفه الفكرى، وهذا التخلف نابع من العزلة الطويلة التى عاشت فيها تلك الجماعات، وعدم تمكنها من التفاعل الإيجابى مع الواقع المعاصر، وخلق برامج كفيلة بمعالجة مشكلاته المختلفة.