قال الدكتور أحمد إيهاب جمال الدين، مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية: "إن المجالس الحقوقية تمثل مكونا أساسيا من منظومة حقوق الإنسان الوطنية فى بلادنا، تعمل جنبا إلى جنب مع حكوماتنا كشريك لا غنى عنه، تسهر على تحقيق أهدافنا الوطنية فى هذا المجال".
وأوضح مساعد وزير الخارجية أن لهذه المؤسسات دورا خاصا، احتراما لمبادئ باريس الحاكمة، فهى جهات مستقلة، تضطلع بمهمة الرقابة والتقييم للأداء الوطنى، وهى قنطرة بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدنى، كما أنها تقدم تقاريرها السنوية للحكومات متضمنة ملاحظاتها وتوصياتها.
وأكد الدكتور أحمد إيهاب جمال الدين، فى كلمته بمناسبة اجتماع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، أن الشبكة تمثل تجمعا مهما، تعود فكرة إنشائه للدكتور بطرس بطرس غالى رحمه الله، إبان رئاسته للمجلس القومى لحقوق الإنسان فى بداية ولايته التى بدأت عام 2003، مؤكدا أنها باتت بعد تأسيسها عام 2011 تضم فى عضويتها المجالس الوطنية فى عدد كبير ومتزايد من الدول العربية.
وأوضح أن الشبكة شريك محورى لا غنى عنه، يتكامل دوره مع دور الحكومات، وكلا الطرفين له مسئولياته الخاصة به، إلا أنهما يجتمعان على السهر على تعزيز احترام حقوق الإنسان، وتطوير الأداء العام، ووضع الخطط والاستراتيجيات الوطنية لحقوق الإنسان، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من خططنا الوطنية للتنمية الشاملة.
وأضاف جمال الدين: "إننا - ونحن نستعرض اليوم الدور المهم الذى تضطلع به المؤسسات الوطنية - نسجل بكل التقدير إسهامات فى الدفع بملف حقوق الإنسان إلى مرتبة متقدمة على سلم أولويات دولنا، ودورها فى تعزيز وعى الأفراد والمجتمعات العربية المتنامى بأهمية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فى تحقيق الحياة الحرة الكريمة التى تليق بتطلعات شعوبنا وتاريخها ودورها الحضارى بين الأمم. وما من شك أن الطريق ما زال طويلا وأن المزيد من الجهود مطلوبة بما فى ذلك أفكار جديدة تستفيد من دروس تجاربنا ومن تجارب الغير، وتتفاعل مع واقعنا وتستجيب لأحلامنا بالنسبة للمستقبل الذى ننشده".
وأكد جمال الدين أن الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان استطاعت أن توفر فضاء لإثراء النقاش وتبادل الرؤى والخبرات والممارسات الفضلى، وتمثيل العالم العربى فى التحالف الدولى للمؤسسات الوطنية، تنقل صوت ونبض العالم العربى وآماله وطموحاته إلى هذا المحفل الدولى المهم، وأسهمت مع أقرانها فى الدفع بأجندة حقوق الإنسان الدولية.
وأكد جمال الدين أن مصر تعول على الشبكة وأعضائها فى إبراز الصورة الحقيقية للعالم العربى، وأنه جزء فاعل من التوجه العالمى، له كغيره نجاحاته وتحدياته، ولكن لديه القناعة الذاتية بأهمية حقوق الإنسان، ويسعى كغيره لبناء مستقبل زاهر، يستفيد من تجاربه الوطنية، لاستكمال مسيرته، وأنه عازم على التفاعل بندية وبروح بناءة مع كل الشركاء وفى حوار ذى اتجاهين.
وحيا مساعد وزير الخارجية المؤسسات الوطنية التى تولت رئاسة الشبكة وآخرها المجلس الوطنى لحقوق الإنسان فى الجزائر على ما قاموا به من جهود، وكلى ثقة فى أن المجلس القومى المصرى لحقوق الإنسان سوف يكون خير خلف لخير سلف فى رئاسة هذه الشبكة.
وتابع جمال الدين: أن بلادنا تتشارك مع باقى أعضاء المجتمع الدولى ملكية معايير ومبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والاتفاقيات ذات الصلة. وبالتالى فنحن لسنا غرباء عن حقوق الإنسان، بل إننا من واقع مشاركتنا فى صياغتها، مخاطبون بوضعها موضع التنفيذ، ومهتمون بدفع أجندتنا الوطنية فيما يتعلق بها إلى الآفاق الرحبة التى تليق ببلادنا. وحقوق الإنسان بطبيعتها عملية متواصلة وتراكمية لم تصل فيها أى دولة فى العالم إلى الكمال، كما أنها تحفل بالدروس والتجارب والخبرات التى يُستفاد منها للبناء على قوة الدفع الذاتية لبلادنا، تبنى على الإيجابيات، وتعالج أسباب أى قصور أولا بأول، وتضيف كل يوم لبنة جديدة إلى صرح حقوق الإنسان الذى نسعى لتشييده لأنفسنا".
وأكد أن مصر فى سباق مع الزمن لتحقيق التطوير المنشود، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بتطوير الأداء بما يليق بالشعب المصرى وتاريخه وتضحياته الوطنية، ويحترم قيمه وخصوصيته، ويترجم ما تضمنه دستور 2014 من ضمانات دستورية للحقوق والحريات إلى واقع يومى يحس به كل مواطن. وتتركز جهودنا على المدى المباشر على تعزيز منظومتنا الوطنية لحقوق الإنسان بكل مكوناتها الحكومية وغير الحكومية.
وأوضح أنه بالرغم مما تواجهه مصر من تحديات تتعلق بالإرهاب إلا أننا مع ذلك مستمرون فى جهودنا لتعزيز حقوق الإنسان ونعمل على كل الأصعدة على التوازى، سواء فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مؤكدا أن مصر تسعى لتكوين جيل من المتخصصين فى القانون الدولى لحقوق الإنسان، الذين يتحدثون اللغة الدولية لحقوق الإنسان، والمنخرطين بفاعلية فى علاقة تعاون بناء مع اليات حقوق الإنسان الوطنية والإقليمية والدولية، وتعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان، وإدماجها فى المناهج التربوية، وبناء المؤسسات التى تتسم بالفاعلية، بما فى ذلك وسائل انتصاف وطنية ناجزة تعطى لكل ذى حق حقه.
واستطرد: "الأمل يحدونا فى تحقيق آمال الشعب المصرى فى بناء دولة مدنية حديثة، دولة العدل والقانون، التى يتمتع فيها كل مواطن بكل حقوقه دون تمييز على أساس الدين أو الجنس أو العرق أو اللون. بالقطع لم نحقق كل طموحاتنا، إلا أننا نتعلم من تجاربنا، وماضون فى الطريق الصحيح وعازمون على بناء المستقبل الذى يليق بهذا الشعب العظيم".
وأعرب مساعد وزير الخارجية عن صادق التمنيات للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بمزيد من التوفيق والسداد.