أودع المجلس الأعلى لتأديب القضاة، أسباب الحكم النهائى الذى أصدره بإحالة 14 قاضيا من المنتمين لحركة (قضاة من أجل مصر) إلى المعاش.
و أكد المجلس أن القضاة المذكورين خرجوا عن نطاق العمل القضائى والتقاليد القضائية الراسخة، وخالفوا بصورة صريحة أحكام قانون السلطة القضائية، بانخراطهم في العمل السياسى والانضمام إلى حركة تهدف إلى مناصرة فصيل سياسى بعينه، فى إشارة واضحة إلى جماعة الإخوان الإرهابية.
صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد جمال الدين عبد اللطيف رئيس محكمة النقض وعضوية المستشارين أيمن عباس رئيس محكمة استئناف القاهرة وسرى الجمل رئيس محكمة استئناف الاسكندرية وأحمد صبرى يوسف رئيس محكمة استئناف طنطا وخالد الصاوى وجلال محمد عزت حجازى، بحضور المستشار نبيل أحمد صادق النائب العام.
وفند مجلس التأديب الأعلى، الادعاءات التي ذكرها القضاة الطاعنون حول وجود تدخلات من جانب وزير العدل فى العمل القضائى لمجلس التأديب.
وأكد المجلس، أن قانون السلطة القضائية خص الوزير بدور إدارى بحت فى افتتاح الخصومة التأديبية، وأن جميع ما حفلت به أوراق الطعن عن تدخل الوزير فى العمل القضائي لمجلس التأديب، هى مزاعم غير صحيحة وبلا أساس.
وأوضح المجلس أن دور وزير العدل، سواء فى نطاق طلبه رفع الدعوى التأديبية أو ندب من يقوم بإجراء التحقيق السابق عليها، لا يجرد الدعوى التأديبية من ضماناتها الأساسية، ولا يجعل السير فيها أو متابعة إجراءاتها أو الفصل فيها لجهة إدارية، بل كل الأمر فيها لمجلس التأديب الذى أقامه المشرع من عناصر قضائية تتصدر التنظيم القضائى درجاته العليا، وتؤول مسئولية تقدير التهمة ووزن أدلتها بمقاييس موضوعية، وهو لا يقيد في أى حال بما يسفر عنه التحقيق الأولى، جنائيا كان أم إداريا، إذ خول المشرع حق إطراحه وإجراء تحقيق جديد يتحدد على ضوئه مسار الدعوى التأديبية ووجهتها النهائية.
وأضاف المجلس الأعلى، أن مجلس التأديب المشكل من 7 من كبار شيوخ القضاة، يستقل بتحديد إطار الدعوى التأديبية أو نطاقها، حين يقرر إسقاط بعض عناصر الاتهام التى تضمنتها عريضتها، وهو ليس ملزما بالسير في الدعوى التأديبية ما لم يروجها للاستمرار فى إجراءاتها، واستظهار الحقيقة فى شأن الاتهام والفصل فيه مرده إليه، بما مؤداه أن الدعوى التأديبية زمامها بيد مجلس التأديب وإليه مرجعها، بدءا بإجراءاتها الأولى وإلى نهاية مطافها.
وأكد المجلس أن من ينتدب لإجراء التحقيق يظل دوما من القضاة، ومآل الأمر فيما أجراه إلى مجلس التأديب وحده، ولم يجز القانون لأي سلطة التدخل في مجريات الدعوى التأديبية أو إعاقتها على أي نحو أو توجيهها وجهة دون أخرى أو إقحام أدلة عليها، أو مراجعة القضاء الصادر عن هذا المجلس، سواء كان بإدانة العضو (القاضى) المرفوعة عليه الدعوى عن التهمة الموجهة إليه أو بتبرئته منها.
وأكد المجلس الأعلى أن حكم مجلس التأديب (أول درجة) بإحالة 8 قضاة إلى المعاش هم كل من: علاء الدين محمد مرزوق، وأحمد منير خطيب، ونور الدين يوسف، ومحمد الأحمدى مسعود، وهشام اللبان، ومحمد عوض عبد المقصود، ومحمد عبد الحميد حمدى، وبهاء طه حلمى الجندى – جاء وفقا لأسباب صحيحة، ومن ثم يتعين تأييده.
وأضاف المجلس أن القاضى أيمن الوردانى سبق وأن قضى مجلس التأديب في 30 أبريل 2014 بإحالته للمعاش في ضوء دعوى الصلاحية بحقه، وهو الحكم الذى أيده مجلس التأديب الأعلى 29 سبتمبر من ذات العام، ومن ثم فلا يجوز له – من بعد إحالته إلى المعاش – معاودة الطعن في ذلك.
وأشار المجلس الأعلى إلى أن القضاة الخمسة الذين تم قبول طعن النيابة العامة ضدهم ومن ثم إحالتهم إلى المعاش، وهم كل من: أيمن مسعود على، وحاتم مصطفى إسماعيل، وأسامة عبد الرؤوف يوسف، ومحمد وائل فاروق، ومحمد ناجى درباله – فإن ثابت بإقرارهم والثابت في أوراق الطعن، حضور الثلاثة الأول منهم، للمؤتمر المعقود بنقابة الصحفيين في 20 يونيو 2012 لإعلان نتيجة الإعادة لانتخابات رئاسة الجمهورية، وحضور الرابع منهم للمؤتمر المعقود بأحد الفنادق يوم 24 نوفمبر من ذات العام لتأييد الإعلان الدستوري، وهو ما يصدقهم المجلس فيما ورد بإقرارهم في شأن حضورهم.
وأضاف المجلس الأعلى أن تحريات الشرطة، أكدت حضورهم للمؤتمرين اللذين كانا في إطار الجماعة المنشأة على خلاف القانون، والمسماة (قضاة من أجل مصر) وبحضور من تزعموا الدعوة لها، وأن أضواء الإعلام قد سلطت عليها وعليهم بهدف إعلان موقف من الأحداث الجارية في البلاد وقتذاك، مؤكدا أن هذا الأمر يخرج عن نطاق العمل القضائى، وفيه شذوذ عن التقاليد القضائية الراسخة التى تلزم القاضى بحدود لا يتجاوزها.
وقال المجلس الأعلى، "إن القاضى ليس شخصية عامة، ومن ثم فعليه أن يلزم محرابه عاكفا على عمله القضائي، لا شأن له بغيره، وينأى بنفسه عن السياسة بما لها وما عليها، ولا يجهر برأي في الشئون العامة للبلاد أو يشارك في مجلس يناقشها علنا، لما في ذلك من تأثير في السياسة وتأثر بها، ومن ثم فلا يصح للقاضي حضور مثل هذه المؤتمرات، خاصة في الظروف التي عقدت فيها، ويجب عليه أن يبتعد عن الإعلام، فيعلو بشخصه ومنصبه عنه، زاهدا في أضوائه ومبتعدا عن مكبرات الصوت وآلات التصوير والنشر في الصحف منه أو عنه، وألا يشارك في شيء من هذا القبيل ولو بمجرد الحضور والاستماع".
وأكد المجلس الأعلى أن القضاة الأربعة الأول المذكورين، خالفوا الواجب الوظيفى، وأنه لا يصح لهم القول إن الحضور كان عرضا، باعتبار أن على القاضي إدراك ماهية أفعاله ونطاقها الزمانى والمكانى، وأن يفطن إلى كافة الظروف والملابسات التى تحيط بها حال اقترافه لها، وأنه وبفرض صحة ما يزعمونه من عرضية حضورهم، فمن الواضح أن فعلهم يدل على عشوائية فى التصرف.