أكدت صحيفة "الأنباء" الكويتية، أن مصر استعادت دورها الاقليمي ومكانتها الدولية بعد كسب معركتي الأمن والاقتصاد.مشيرة إلى انها لم تكن لتستعيد دورها الإقليمي ومكانتها الدولية، لو لم تنجح في حسم أوضاعها وتحدياتها الخاصة، وتؤمّن جبهة داخلية مستقرة ومتماسكة، وقاعدة انطلاق قوية في اتجاه الخارج، للعب أدوار تتناسب مع تاريخها وموقعها ودورها وقدراتها.
وأوضحت صحيفة "الأنباء" – فى تقرير نشرته اليوم الجمعة – أن الملف الأمني شكل فى البداية، أولى الأولويات للقيادة المصرية والرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي واجه أولا تحدي محو آثار ورواسب الانقلاب المؤقت الذي قامت به جماعة الإخوان المسلمين، وأوصلها الى تسلم سدة الحكم، لتواجه بعد خروجها السريع تفككا في بنيتها التنظيمية والشعبية، وحربا شاملة من قبل السلطات المصرية التي صنفتها جماعة إرهابية، وتعاطت معها على هذا الأساس.
وأشارت إلى أنه في موازاة هذا التحدي الأمني الدقيق، واجهت القيادة المصرية تحديا آخر أكثر خطورة، وهو مكافحة الإرهاب المتمركز في شمال سيناء، وكان يتغذى من سلاح وأموال ورجال قادمين تسللا من ليبيا أو من غزة، إلا أنه بعد سلسلة عمليات وضربات عسكرية مركزة، صارت كل نواحي شمال سيناء نظيفة ومحررة من الإرهاب "الداعشي".
وأضافت أنه بعد استتباب الوضع السياسي عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية، واستقرار الوضع الأمني بنسبة كبيرة، حصل التقدم الكبير في الملف الاقتصادي، الذي كان يعد نقطة الضعف الأساسية في وضع مصر، وسببا لنمو بيئة حاضنة للتطرف والعنف في ظل ضائقة اقتصادية واجتماعية.موضحة أن مصر حققت خلال 3 سنوات خططا مالية واقتصادية مركزة، وقفزة نوعية في المجال الاقتصادي الاستثماري المالي، وغدت دولة جاذبة لاهتمام المستثمرين، تشهد نموا متصاعدا مع تحسن في القدرة التنافسية ونمو الصادرات وانخفاض الواردات.
وقالت صحيفة "الأنباء" الكويتية في تقريرها، إن مصر أصبحت تتمتع بـ "مستقبل واعد"، وبعوامل ومقومات استثمارية متنوعة، تؤهلها لجذب استثمارات خارجية، في ظل استقرار أمني وسياسي واقتصادي، رغم الظروف الإقليمية المضطربة، بالإضافة الى وفرة الأيدي العاملة المدربة، واتفاقات التجارة التي تربطها بالأسواق في أفريقيا والمنطقة العربية والاتحاد الأوروبي.
وأشارت إلى أن مصر قطعت أشواطا متقدمة في عملية استعادة الدور الإقليمي والمكانة الدولية، والتي تجسدت وترجمت على 3 محاور رئيسية، فعلى صعيد المحور العربي، الذي هو محور أساسي وعريض يغطي كل فضاء الأمن القومي المصري والعربي، ويمتد من دول الجوار، خاصة السودان الدولة المعنية بقضية مياه النيل، وليبيا مصدر التهديد الأمني الأول في هذه المرحلة، الى فلسطين، ثم الى سوريا، حيث العلاقة التاريخية .
ولفتت إلى أن مصر التي استعادت حرارة العلاقة مع الولايات المتحدة، وأصلحت ما كان أفسده الرئيس السابق باراك أوباما، ها هي الآن شريكة أساسية للولايات المتحدة في معركتها على الإرهاب، ولكنها تحتفظ لنفسها بهامش حركة يكفي لفتح خطوط تعاون مع روسيا، مؤكدة أن مصر ليست فقط معنية بمحاربة الإرهاب ولها مصلحة مباشرة في ذلك، وإنما هي معنية بتهيئة ظروف عملية السلام في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وتتحرك فلسطينيا على خطين، هما خط ترتيب أوضاع السلطة الفلسطينية ومصالحة فتح وحماس، وخط ترتيب أوضاع غزة وهدنة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل.
وقالت الصحيفة إن المحور الثاني هو المحور الأفريقي؛ حيث انه مع عودة مصر الى أفريقيا، لعب الرئيس السيسي دورا محوريا في صياغة هذا التوجه في السياسة الخارجية وتعميقه، من خلال التأكيد على انتماء مصر الأفريقي، وحقها المشروع في حماية أمنها القومي ومصالحها في نهر النيل، وحقها التاريخي والجيوسياسي في استعادة دورها القيادي في أفريقيا، والذي كان قد بدأ أيام الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، من خلال دعم حركات التحرر الوطني ومحاربة الاستعمار، ومن خلال لعب دور كبير في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الافريقي حاليا).
وأبرزت ترؤس الرئيس السيسي للاتحاد الأفريقي حاليا، مشيرة إلى أنه يبدي اهتماما خاصا بالبعد الأفريقي للسياسات والمصالح المصرية؛ حيث قام منذ عام 2014 بزيارة العديد من الدول الأفريقية، وأطلق كثيرا من المبادرات ومشروعات التعاون المشترك مع دول القارة ، تشمل الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والسياحة، والإصلاح الإداري، والتعاون الأمني والتدريب العسكري.
وأشارت إلى تحرك مصر "أفريقيا" على خطين، هما خط حوار أفريقي- أفريقي من أجل بلورة سياسة موحدة للقارة في مواجهة قضايا البيئة والهجرة غير الشرعية، وأوضاع الاقتصاد الدولي والاستثمار في القارة، وخط حوار عربي- أفريقي، وإيجاد آلياته المغيبة منذ 40 عاما، للتنسيق فـي القضايا المشتركة وكل المجالات.
وذكرت صحيفة "الأنباء" في تقريرها أن المحور الثالث هو المحور الأوروبي؛ حيث حققت مصر إنجازا ملموسا وخطوة نوعية مع انعقاد القمة العربية - الأوروبية في شرم الشيخ الشهر الماضي، والتي تعد الأولى من نوعها، وتتوج مسيرة حوار وتعاون بين العرب والأوروبيين، كانت مصر فيها محركا ومحورا رئيسيا، وهي التي أسهمت في تبيان الحاجة المشتركة الى تعميق وتعزيز و"مأسسة" العلاقات العربية- الأوروبية المشتركة.
وأكدت أن تأمين انعقاد هذه القمة، رغم حالة الاضطراب التي ترزح تحتها المنطقة العربية، وحالة الضعف والوهن التي يمر بها الاتحاد الأوروبي، وانشغال دول أساسية فيه،في مشاكل داخلية، مثل إنجازا بالفعل للدبلوماسية المصرية.