أعرب الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار عن بالغ سعادته بتشريف الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء للاحتفالية الكبرى التى يشهدها الآن العالم بأسره وهى افتتاح أكبر مقبرة "صف" فى البر الغربى بالأقصر، كما رحب الوزير بالسفراء الذين تواجدوا ليشهدوا هذه الاحتفالية.
كما أعرب وزير الآثار، عن امتنانه للدعم الذى تتلقاه الوزارة من جانب القيادة السياسية، وتوفير كافة الإمكانات اللازمة للمساهمة فى استمرار الاكتشافات الأثرية الهائلة التى تبهر أنظار العالم.
وأكد وزير الآثار، أن الوزارة تعمل على بذل المزيد من الجهود خلال الفترة الماضية وحتى الآن؛ لإنهاء كافة الأعمال المتعلقة بالاكتشافات الأثرية الجديدة، خاصة مقبرة "صف" والتمثال الثالث للملك رمسيس الثانى، علاوة على ترميم التمثال بمعبد الأقصر باعتباره آخر تمثال بالمعبد.
وأضاف الدكتور خالد العنانى، إن هذه المقبرة التى نحن بصددها تُعتبر هدية من مصر للعالم بأسره، فى إطار الاحتفال بيوم التراث العالمى، كما يُعد تراثا للبشرية جمعاء.
وأشار الدكتور مصطفى وزيرى، إلى أن هذا الكشف الأثرى سيعمل على توضيح بعض الأفكار والمفاهيم المتعلقة بتخطيط مقابر الأفراد بمنطقة ذراع أبو النجا، موضحا أنه تم الكشف عن هذه المقبرة شمال مقبرة "روى" رقم TT255، وذلك بعد أن قامت البعثة الأثرية المصرية برئاسته من إزالة الردم الناتج عن الأعمال المتراكمة للبعثات الأجنبية منذ ما يزيد عن 200 سنة والذى كان يغطى المنطقة بأكملها.
وأشار رئيس المجلس الأعلى للآثار إلى أنه مع استمرار أعمال الحفائر وإزالة الردم تمكنت البعثة من العثور على مقصورة كاملة من الطوب اللبن والبئر الخاص بها داخل فناء مقبرة الصفّ، مؤكدا أنها تعتبر أول مقصورة كاملة يتم العثور عليها بجبانة طيبة.
وأضاف، أن المقصورة تُمثل نموذجا كاملا لمقبرة من الطوب اللبن، مقبية ذات فناء صغير من الحجر يتوسطه بئر عميق، كما أثبتت الدراسات الأولية أنه من الأرجح تأريخ هذه المقصورة لفترة الرعامسة؛ نظرا لوجود أمثلة مشابهة لها بجبانة دير المدينة.
وأشار إلى أن البعثة عثرت أيضا على ستة مقابر أخرى أسفل فناء المقبرة الصفّ وهو ما يمثل المستوى الثانى من المقبرة، حيث تم فتح مقبرة صغيره منها والخاصة بشخص يدعى شسب كان يعمل كاتبا لمخزن الملك.
ونوه إلى أنه تم العثور على العديد من اللقى الأثرية منها مجموعة كبيرة من تماثيل الأوشابتى المختلفة الأحجام والأشكال والمصنوعة من الفيانس الأزرق والخشب، وقناع مجمع من الكارتوناج، وأكثر من 50 ختما جنائزيا لبعض الأشخاص الذين لم يتم العثور على مقابرهم حتى الاَن، كما عثرت البعثة أيضا على بردية كاملة مكتوبة بالكتابة الهيراطيقية وملفوفة بخيط من الكتان، بالإضافة إلى عُملة بطلمية من البرونز المخلوط بالنحاس من عصر الملك "بطليموس الثاني"، ومجموعة من الأوستراكات المصنوعة من الفخار، والجزء العلوى لغطاء آنية كانوبية مصنوعة من الحجر الجيرى على شكل قرد يمثل المعبود "حابى" أحد أبناء حورس الأربعة.
وقال الدكتور مصطفى وزيرى، إن المقبرة الصف تتميز بوجود مجموعة من المناظر الملونة والواضحة على أعمدة مداخلها، وتحمل نصوصا سجل فيها اسم صاحب المقبرة، وألقابه حيث يحمل صاحب المقبرة العديد من الألقاب وهى الأمير الوراثي، العمدة، ورئيس الخدم، وحامل ختم ملك مصر السفلى، وحامل ختم ملك مصر العليا، بالإضافة إلى مناظر أخرى لصيد الأسماك والطيور والتى تظهر محتفظة بألوانها الزاهية، وبقايا منظر لحملة القرابين ومناظر للوليمة، والموكب الجنائزى.
وأوضحت الباحثة الألمانية "فردريكا كامب"، المسئولة عن تسجيل المقبرة، أن المقبرة يتقدمها فناء كبير جدا بعرض 55م يؤدى إلى مقبرة صف بها 18 مدخلا وبذلك تكون المقبرة هى أول مقبرة فى جبانة طيبة يوجد بها هذا العدد من المداخل، حيث أن أقصى عدد وُجد فى مقابر الجبانة يصل إلى ما بين 11 أو 13 مدخلا، لافتة إلى أن هذه المقبرة تعد أول مقبرة من نوعها يكون عدد مداخلها زوجيا وليس فرديا، وفى ركنها الشمالى بئر يصل عُمقها إلى نحو 11م، وفى ركنها الجنوبى يوجد بئر آخر تقريبا على نفس العمق.
وأشارت الباحثة إلى أن المقبرة معماريا ترجع لعصر الأسرة 17، وأعيد استخدامها فى بداية الأسرة 18 حتى عصر الملكة "حتشبسوت"، إلا أنه يوجد نموذجان من المقابر فى جبانة طيبة تماثل هذه المقبرة معماريا وأيضا من خلال المناظر المسجلة عليهما وهما: (TT81- K-150-) وترجعان لعصر الملك "تحتمس الأول"، مُرجحة أن يكون صاحب هذه المقبرة قد خدم فى فترة حكم الملك "تحتمس الأول".