قال الدكتور سعيد البطوطى، المستشار الاقتصادي بمنظمة السياحة العالمية عضو لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا ومجلس إدارة الاتحاد الألماني للسياحة: "إن الأرقام الصادرة من المنظمة تؤكد تعافى السياحة فى مصر، حيث وصل عدد السائحين خلال عام 2019 إلى ما يقرب من 13 مليون سائح"،وأشار البطوطي - في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء، إلى أنه من المتوقع أن تتخطى مؤشرات السياحة في مصر خلال العام الجاري المعدلات القياسية التي حققتها في 2010، والتي بلغ عدد السائحين خلالها نحو 14.7 مليون سائح، مؤكدا أنه مع استمرار الاستقرار بجانب حزمة السياسات المصرية الحالية، سيتجاوز عدد السائحين لمصر حاجز الـ15 مليون سائح.
ونوه بأن هذا التعافي في القطاع السياحي، يأتي نتيجة طبيعية للدعم القوي من القيادة السياسية المصرية لهذا القطاع المهم في العالم، فصناعة السياحة ثالث أكبر صناعة وفئة تصديرية على مستوى العالم بعد الوقود والمواد الكيميائية، حيث حققت السياحة الدولية عائدات وصلت إلى 1.7 تريليون دولار أمريكي عام 2018، في حين أن صناعة الوقود حققت 2.4 تريليون دولار أمريكي، والمواد الكيميائية حققت 2.2 تريليون دولار أمريكي.
وشدد على أهمية عدم الاعتماد على السائحين من دولة واحدة، والعمل على جذب السائحين من مختلف الدول، لافتا الى أن دولا مثل أسبانيا وإيطاليا، ضمن الأسواق المستهدفة للسياحة المصرية خلال الفترة المقبلة، حيث بلغ عدد السائحين الإيطاليين لمصر خلال 2018 نحو 422 ألف إيطالي، بينما بلغ عدد السائحين الأسبان 66 ألفا.
ولفت إلى أن مؤشرات منظمة السياحة العالمية الأخيرة، كشفت عن مفاجأة كبيرة، وهي أن السائح الصيني أعلى معدل إنفاق في العالم، حيث أنفق 277 مليار دولار على السياحة في عام 2018، مشيرا إلى أن هناك 234 ألف سائح صيني زاروا مصر في 2018، وأنه يجب العمل على استهداف هذا السائح، مطالبا بفتح أسواق سياحية جديدة في مصر، خاصة مع توافر كافة مقومات الجذب السياحي بها، مؤكدا أهمية التركيز على السياحة الدينية، مثل إحياء مسار رحلة العائلة المقدسة، إلى جانب السياحة العلاجية، حيث سيكون لهما مردود ضخم على المدى الطويل مثل السياحة الثقافية والشاطئية.
ونوه بأن الإعلانات والحملات الدعائية والترويجية ليست كافية وحدها لجذب السائحين، موضحا أن مفتاح الحركة السياحية لأي دولة، هو الفكر التسويقي الابتكاري للبرامج السياحية، والتداخل مع منظمي الرحلات ومكاتب الطيران، إلى جانب اللقاءات المباشرة.
وبالنسبة لتأثير افتتاح عدد من المشروعات الأثرية المهمة على السياحة، مثل المتحف المصري الكبير، قال "إن العالم أجمع خاصة الشعب الألماني في انتظار افتتاح مشروع مصر القومي، باعتباره شعب عاشق للحضارة المصرية القديمة"، مشيرا إلى أن السوق الألماني سجل أعلى نسبة نمو في السياحة الدولية لمصر في عام 2019، حيث تجاوز عدد السائحين الألمان 2.5 مليون ألماني، مقارنة بمليون و 707 آلاف سائح في 2018
.
وأشار إلى أن استضافة مصر لمنتديات الشباب والمؤتمرات الدولية المهمة، ساهم في تغيير الصورة الثقافية لمصر في الخارج، ويعد من عوامل الجذب لزيارة مصر، خاصة وأن سوق سياحة المؤتمرات يمثل أهم ركائز الترويج السياحي في العالم، في ظل التغييرات التي تشهدها صناعة السياحة عالميا، وتعدد الأنماط السياحية وابتكار أنماط أخرى حديثة.
وقال إنه يجب الاهتمام بنمط سياحة المدن، والسياحة الثقافية التي تمتلك عائدا مؤثرا جدا علي الاقتصاد المصري وعلي السكان المحليين، والذي يعود بالنفع الاقتصادي المباشر عليهم، نظرا لأنه نمط عالي الإنفاق، ولابد من الترويج له بشكل جيد، مع تطوير الخدمات المقدمة لهذا النمط في هذه المناطق، معربا عن أمله في تنمية هذه المناطق ورفع مستوى الخدمات بها.
وأشاد بقرار دمج وزارتي السياحة والآثار في وزارة واحدة، نظرا لارتباط القطاعين ببعضهما البعض، وهو ما سيساهم في حل العديد من المعوقات التي تواجه السائحين والمستثمرين، خاصة مع افتتاح عدد من المشروعات الأثرية الكبرى، وفي مقدمتها المتحف المصري الكبير.
وأكد أهمية مبادرة البنك المركزي لدعم القطاع السياحي، في انتعاش الحركة السياحية بمعظم المدن السياحية بصفة عامة وشرم الشيخ بصفة خاصة، وإسقاط الفوائد المهمشة عن المتعثرين من القطاع قبل عام 2011، وهو الأمر المتبع في عدد من الدول لتشجيع المستثمرين.
وأيد البطوطي، بدء الدولة في إشراك القطاع الخاص في المشروعات الأثرية الجديدة، موضحا أن ذلك ينعكس بدوره على زيادة حجم حركة السياحة الوافدة، خاصة وأن تلك الاستراتيجية مطبقة في دول العالم المتقدمة، مشيدا في الوقت نفسه بإنشاء أول متحف للآثار بالغردقة بالتعاون مع القطاع الخاص، واختيار شركة كبرى لإدارة وتشغيل خدمات المتحف المصري الكبير، وحصول شركة (أوراسكوم للاستثمار) على حق تشغيل وتقديم خدمات الزائرين بمنطقة هضبة الأهرامات.
وفيما يتعلق بأزمة حجز الفنادق (أون لاين)، ومطالب شركات السياحة بإيقافها، قال البطوطي: "لا توجد دولة في العالم تستطيع منع حجز الفنادق "أون لاين"، خاصة مع تطور دول العالم إلى التكنولوجيا الرقمية"، منوها بأنه من ضمن الحلول فرض ضرائب على الحجز "أون لاين"، وهو الأمر المطبق في دول كثيرة ومن بينها فرنسا التي تعد الأولى في ذلك النوع من الحجوزات، بعد أن بلغ عدد السائحين الوافدين إليها نحو 93 مليون سائح في عام 2018.