أكد الدكتور محمد مجاهد نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني أن مدارس التكنولوجيا التطبيقية هي مستقبل تطوير التعليم الفنى في مصر، منوها بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية بضرورة تطوير التعليم في مصر بصفة عامة والتعليم الفني بصفة خاصة.
وكشف الدكتور مجاهد - في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، عن أن الوزارة بصدد إنشاء وحدة خاصة لإدارة مدارس التكنولوجيا التطبيقية في القريب العاجل، وذلك بتمويل من إحدى الجهات الدولية.. مشيرا إلى أن هذه الوحدة سيكون لديها ميزانية مستقلة.
وقال "إن الوزارة تكثف جهودها حاليا لزيادة عدد مدارس التكنولوجيا التطبيقية بجميع محافظات مصر من 11 مدرسة إلى 100 مدرسة على الأقل بحلول عام 2030، وستشمل هذه المدارس مجالات جديدة منها التصنيع الغذائي، وصيانة السيارات، وتكنولوجيا الكهرباء، وصناعة الرخام، وغيرها".
وأضاف أن مدارس التكنولوجيا التطبيقية تعتبر تطويرا مصريا لنظام التعليم المزدوج المطبق في العديد من المدارس الفنية بمصر، لافتا إلى أنه يوجد حاليا أكثر من 60 ألف طالب يدرسون بنظام التعليم المزدوج حيث تكون الدراسة في المدرسة لمدة يومين وباقي الأيام يقضيها الطالب في التدريب على العملية الإنتاجية في المصانع، ويكون هناك مكافأة مالية للطلاب أثناء الدراسة بالإضافة إلى إمكانية إتاحة فرص لتعيين الخريجين في تلك المصانع.
وقال الدكتور محمد مجاهد "إن الوزارة قد بدأت منذ مارس 2019 في تنفيذ خطط تطوير مناهج التعليم الفني في مصر، حيث تقوم بإجراء تحول جذري في برامج التعليم الفني لكي تصبح ملبية لاحتياجات سوق العمل كما تنص المادة 20 من الدستور المصري الصادر عام 2014، مشيرا إلى أن أهم المتطلبات في خريج المدارس الفنية إتقان الجدارات التي تتطلبها المهنة التي سيمتهنها الخريج، ويمكن تعريف الجدارات بأنها مجموعة المهارات والمعارف والسلوكيات التي يجب أن يتمتع بها الخريج لإتقان المهنة، وبالتالي يقوم خبراء قطاع التعليم الفني بالوزارة بعقد جلسات مكثفة مع الصناعة للتعرف على هذه الجدارات، وإعادة تصميم المناهج بناء عليها.
وأوضح أنه قد تم الانتهاء من تحديد الجدارات المطلوبة لعدد 36 مهنة تتضمن جميع المهن في التعليم الفندقي والتعليم الزراعي والتعليم التجاري بالإضافة إلى عدد 14 مهنة في التعليم الصناعي، وقد تم تصميم دليل للطالب ودليل للمعلم ووحدات دراسية تغطي المناهج الدراسية لهذه المهن، وقد تمكنا من تطبيق هذه المناهج المطورة في عدد 105 مدارس موزعة على جميع محافظات الجمهورية وعلى مختلف نوعيات التعليم الفني الصناعي والزراعي والفندقي والتجاري، وذلك لخلق ثقافة تطبيق منهجية الجدارات عند كل المعلمين، وقد تم بالفعل تدريب 3 آلاف معلم حتى الآن، كما تم تغيير نظام تقييم الطالب ليؤكد حتمية إتقان الطالب لجميع الجدارات المطلوبة للمهنة حتي يمكن منحه شهادة الدبلوم.
وحول عدم تطبيق الجدارات على جميع مدارس التعليم الفني الحالية في مصر، قال الدكتور مجاهد إن هناك 2500 مدرسة فنية وما يزيد على 100 مهنة أكثرها في التعليم الصناعي، لافتا إلى أن الوزارة تقوم حاليا بتصفية المهن التي لا يحتاجها سوق العمل، وتوقع "مجاهد" أن يتم الانتهاء من تحديث مناهج بقية المهن وتصفية المهن غير المطلوبة خلال العامين المقبلين، وسيتم تطبيق المناهج المحدثة بمنهجية الجدارات في 400 مدرسة إضافية خلال العام الدراسي القادم 2020-2021، مما سيتطلب أن نعمل من الآن بكل جدية على توفير الخامات المطلوبة للتدريب على الجدارات المهنية وكذلك العمل على تخفيض كثافات الطلاب في الفصول لضمان نجاح نظام الجدارات، وقال مجاهد "إن الوزارة خاطبت وزارة المالية لتوفير الدعم المادي لشراء الخامات المطلوبة للمدارس الفنية وجار حصر أعداد الفصول الإضافية المطلوبة في مدارس التعليم الفني".
وأوضح أن الوزارة نجحت وبالتعاون مع القطاع الخاص في إنشاء وتطبيق مدارس التكنولوجيا التطبيقية، وهي شراكة ثلاثية بين الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم والقطاع الخاص أو القطاع العام ممثلا في أحد المستثمرين أو في هيئة دولية، بالإضافة إلى هيئة جودة مستقلة لإدارة مثل هذه المدارس.
وقال إن دور الوزارة في هذه المدارس هو توفير المكان المناسب والمعلمين بعد اختيارهم بعناية ومراقبة العملية التعليمية وتصميم المناهج وفق منهجية الجدارات المماثلة لما يطبق في دول الاتحاد الأوروبي والتي سبق تطبيقها بنجاح في مدارس المجمعات التكنولوجية المتكاملة في مصر، ويستفيد الشريك الصناعي من هذه المدارس في إعداد وتجهيز الموارد البشرية اللازمة لإدارة مصانعه ومؤسساته.
وأوضح أن مدارس التكنولوجيا التطبيقية تطبق نظام "التعليم المزدوج" والذي تصنف الدراسة فيه إلى جانبين، الجانب النظري في المدارس والجانب العملي للتدريب العملي في المصانع، بينما تقوم هيئة الجودة بالإشراف على العملية التعليمية للتأكد من جودتها ومتابعة الطلاب والمعلمين لكي تكون عمليات التعليم والتدريب مناظرة لمستوى الجودة في المدارس المماثلة في دول الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن الوزارة تقوم سنويا بتقييم أداء المعلمين وبناء على هذا التقييم، يقوم المستثمر بتقديم حوافز مالية مجزية للمعلمين المتميزين لتحفيزه على الاستمرار في التميز، كما يتكفل المستثمر بتكاليف مشاركة هيئة الجودة في المشاركة في الاتفاق الثلاثي.
وتابع إن الوزارة بدأت إنشاء هذه المدارس في بداية عام 2018-2019 بـ 3 مدارس هي مدرسة الإمام محمد متولي الشعراوي للتكنولوجيا التطبيقية بالقاهرة، ومدرسة التكنولوجيا التطبيقية للميكاترونيات بمدينة بدر ومدرسة توشيبا العربي للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة قويسنا بالمنوفية.
وأشار إلى أنه في بداية العام الدراسي 2019-2020 تم افتتاح عدد 8 مدارس أخرى للتكنولوجيا التطبيقية هي : مدرسة الإنتاج الحربى للتكنواوجيا التطبيقية بمدينة السلام في مجالات الميكانيكا والكهرباء والالكترونيات، ومدرسة الإنتاج الحربي للتكنولوجيا التطبيقية بحلوان في العديد من التخصصات الصناعية، ومدرسة الشهيد النقيب أحمد ثعلب للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة نصر في مجال الوجبات السريعة، ومدرسة إي تك للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة الشروق في مجال تكنولوجيا المعلومات، ومدرسة العبور للتكنولوجيا التطبيقية في مجال صناعة الحلي والمجوهرات بمحافظة القليوبية، ومدرسة الشهيد أحمد عبد المنعم الكفراوي للتكنولوجيا التطبيقية بديرب نجم بمحافظة الشرقية في مجالات تكنولوجيا الميكانيكا والكهرباء، ومدرسة الصالحية الزراعية للتكنولوجيا التطبيقية في مجال الإنتاح الزراعي والحيواني، ومدرسة مدينة السلام للتكنولوجيا التطبيقية في مجال الصيانة الكهربية.
وأكد نائب الوزير لشؤون التعليم الفني أن هذه المدارس شهدت إقبالا كبيرا من الطلاب خصوصا أن عدد الطلاب في هذه المدارس لا يزيد على 25 طالبا في الفصل الواحد.. مشيرا إلى أن إجمالي عدد الطلاب في هذه المدارس الآن يبلغ 1200 طالب ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 60 ألف طالب عام 2030.
وحول طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بإنشاء هيئة مستقلة لضمان جودة برامج التعليم الفني في مصر، توقع الدكتور محمد مجاهد، أن يتم الإعلان عن إحالة مشروع قانون هذه الهيئة إلى مجلس النواب خلال الأسابيع المقبلة.. مشيرا إلى أن الوزارة انتهت من إعداد مشروع القانون منذ فترة وهو الآن على طاولة مجلس الوزراء للموافقة عليه وعرضه على مجلس النواب المصري للموافقة.
وأضاف أن دور الوزارة لن يقتصر فقط على إنشاء هذه الهيئة بل هناك أيضا إنشاء أكاديمية وطنية لمعلمي ومدققي التعليم الفني لتدريبهم على الجدارات الجديدة وكذلك على كيفية تقييم أداء الطلاب في المناهج المصممة بمنهجية الجدارات.. لافتا إلى أنه تم الانتهاء بالفعل من إعداد مشروع القانون الخاص بهذه الأكاديمية من قبل الوزارة تمهيدا لعرضه على مجلس الوزراء للإصدار.
وأشار إلى أنه سيكون هناك فروع للأكاديمية في جميع المحافظات وذلك بالتعاون مع الحكومة الألمانية، موضحا أنه تم الاتفاق مع الجانب الألماني على إنشاء مركز تميز في كل محافظة من خلال التطوير الشامل لأحد مدارس التعليم الفني بها ليكون مركزا للأكاديمية وبتمويل تم توفيره بالفعل من جانب الحكومة الألمانية.
وأكد أن جميع مناهج التعليم الفني يتم تعديلها حاليا بواسطة الخبراء المصريين بالتعاون مع الجهات الدولية المعاونة للوزارة في مجال التعليم الفني وذلك للأهمية القصوى لمصر في المنطقة، حيث يوجد بها عدد كبير من الشباب في مرحلة التعلم ومن المهم أن يكون هؤلاء الشباب مفيدين للمجتمع وقادرين على إحداث التنمية الاقتصادية المأمولة، موضحا أن هناك 2 مليون طالب في مدارس التعليم الفني التي يبلغ عددها حاليا 2500 مدرسة فنية بجميع التخصصات من زراعي وصناعي وفندقي وتجاري.
وأضاف أن الوزارة ستعمل خلال الفترة المقبلة على إلغاء العديد من المهن التي لم يعد سوق العمل في حاجة إليها، وتحديد المهن المطلوبة فقط والتي تمكن الخريج من سد حاجة سوق العمل أو استكمال دراسته الجامعية من خلال الالتحاق بالجامعات التكنولوجية، مشيرا في هذا الصدد إلى التعاون بين وزارتي التربية والتعليم والتعليم والبحث العلمي بإنشاء جامعات تكنولوجية لاستقبال خريجي المدارس الفنية حيث تم إنشاء ثلاث جامعات تكنولوجية حتى الآن ومن المقرر أن يصل عددها إلى 8 جامعات خلال السنوات القادمة.
وحول المسابقات التي تنظمها الوزارة في مجال التعليم الفني، أشار الدكتور محمد مجاهد إلى أنه من بين هذه المسابقات مسابقة "فني مبتكر" التي أقيمت للعام الثالث على التوالي خلال العام الدراسي الحالي، بالتعاون مع برنامج المعونة الأمريكية لتطوير التعليم الفني وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.. لافتا إلى أن هذه المسابقة أخرجت أفكارا جيدة جدا تم تحويل بعضها إلى مشروعات صغيرة يمتلكها خريج التعليم الفني وقادرة على جذب التمويل اللازم لها لتنافس في سوق العمل.
وأضاف أن هناك أيضا مسابقة سنوية يمولها برنامج الاتحاد الأوروبي وهي مسابقة "شيف المستقبل"، موضحا أن هذا العام سينظم الاتحاد الأوروبي مسابقة جديدة في مجال "تصميم الأزياء" وهي لأول مرة في مصر وسيتم إطلاقها هذا الأسبوع حيث سيتم عمل مسابقة بين عدد كبير من المدارس التي تقوم بتدريس تصميم الملابس وكل هذا بداية لمشاركة مصر في مسابقة المهارات العالمية التي تقام على مستوى العالم مرة كل عامين.
وأضاف أن هناك أيضا مسابقة أفضل 10 مدارس للتعليم الفني في مصر، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان عن المدارس الفائزة بها خلال هذا الشهر حيث تم اختيار المدارس الفائزة من أصل 150 مدرسة تم ترشيحها بواسطة مديريات التربية والتعليم في المحافظات المختلفة، وكشف الدكتور محمد مجاهد، عن أن معظم المدارس الفائزة في هذه المسابقة تقع في منطقة الدلتا وأغلبهم في محافظة الغربية مما يؤكد أن هناك اهتماما كبيرا بالتعليم الفني في تلك المحافظة.
وحول شراكات الوزارة مع الجهات الدولية، قال مجاهد "إن هناك شراكات عديدة مع الاتحاد الأوروبي والمعونة الأمريكية والحكومة الألمانية وجمهورية الصين الشعبية"، موضحا أنه سيتم تجديد مشروع المعونة الأمريكية في يونيو 2020 وبتمويل أكبر من المشروع السابق وذلك نظرا للطفرة الكبيرة التي أحدثها التطوير الحالي للتعليم الفني ومؤازرة القيادة السياسية لهذا التطوير، بالإضافة إلى برنامج الاتحاد الأوروبي الذي سينتهي بعد عامين من الآن ومن المتوقع أن يتم تجديده أيضا.. لافتا إلى أن الوزارة تعمل جاهدة على أن تشترك جميع الجهات الدولية الداعمة للتعليم الفني لتحسين المنظومة سويا بالاشتراك مع الوزارة من خلال التنسيق وإقامة ورش العمل المختلفة.
وتطرق الدكتور مجاهد إلى التعاون مع جمهورية الصين الشعبية من خلال إنشاء ورش "لوبان" في مصر من خلال توقيع بروتوكول تعاون مع مفوضية التعليم بإقليم "تيانجين" الصيني، والتي تساعد على توفير الفنيين من الشباب المصري القادر على العمل في الشركات الدولية والصينية العاملة في مصر بهدف خلق فرص عمل جديدة في مجالات تكنولوجية متقدمة.
وأشار إلى أن الوزارة ستعمل أيضا على مراجعة جميع مناهج التعليم الفني من أجل تحديثها وإثرائها لمواكبة احتياجات سوق العمل بالإضافة إلى تمكينها من شغل مهن المستقبل وتحديث مقرراتها لتصبح ملائمة للاعتراف بمحتواها حال التحاق الطالب بالجامعات التكنولوجية المنشأة حديثا.