تظهر الأزمات المتتالية فى إيران انقسامات رجال السلطة بطهران ما بين مؤيد لخيار المفاوضات والتهدئة لتجنب ويلات الحرب، وآخر يسعى للحروب والدمار ومحاولات فرض هيمنة ونفوذ بلاد فارس الإقليمية على المنطقة، وهو خيار المرشد الأعلى آية الله على خامنئى، الذى يتضح دائمًا فى خطاباته وآخرها خطبة الجمعة التى ألقاها اليوم بعد غياب 8 سنوات عن قيامه بإلقاء خطبة الجمعة.
وتجلت الخلافات بين رأسى السلطة فى إيران، حسن روحانى رئيس الجمهورية الإيرانية، والمرشد الأعلى آية الله على خامنئى، فى مقطع فيديو مقتضب من صلاة الجمعة، اليوم، حيث غادر الرئيس الإيرانى حسن روحانى، بشكل مفاجئ المسجد فور انتهاء صلاة الجمعة، خلف المرشد الأعلى على خامنئى، دون الانتظار لتحيته.
روحانی پیچید pic.twitter.com/QyrLesjFQ3
— پیمان مولاوردی (@peimanmc) January 17, 2020
وظهر فى مقطع فيديو - انتشر بصورة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعى - الرئيس الإيرانى وهو ينهى صلاته ويغادر قبل أن يلقى التحية على المرشد الأعلى الذى أمّ المصلين فى صلاة الجمعة بطهران، لأول مرة منذ 8 سنوات، وخطب خطبة وصفها الشارع الإيرانى بأنها "مصيرية"، لتبدو مغادرة روحانى للمسجد دون تحية المرشد الإيرانى وكأنها رسالة غير مباشرة لإبداء الاعتراض على رسائل التهديد والوعيد والتصعيد التى بثها خامنئى فى خطبة اليوم الجمعة.
ويشار إلى أن المرشد الإيرانى الأعلى آية الله على خامنئى، كان قد قال إن الدول الأوروبية بما فيها المملكة المتحدة لا يمكن الوثوق بها، لكن طهران لا تعارض التفاوض مع أى شخص باستثناء الولايات المتحدة، وفى أول خطبة له منذ ثمانى سنوات فى طهران، وصف خامنئى دونالد ترامب بأنه "مهرج" لم يتظاهر سوى بدعم الشعب الإيرانى و"دفع خنجر سام" إلى ظهره.
كما أشاد خامنئى، خلال خطبة الجمعة، اليوم، بالهجمات الصاروخية ضد الأهداف الأمريكية رداً على اغتيال القائد الأعلى للجيش الإيرانى قاسم سليمانى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى، باعتباره "صفعة على الوجه" للقوة العظمى، وجاء هذا بعدما اعترفت القوات الأمريكية، مؤخرًا، أن 11 جنديًا أصيبوا فى الهجوم، بعد أن قالوا فى البداية أنه لم يصب أى من أفراد الخدمة، وذلك وفقًا لما نشرته "سكاى نيوز" البريطانية، اليوم الجمعة.
جاء خطاب خامنئى فى الوقت الذى واجهت فيه القيادة الإيرانية ضغوطًا فى الداخل والخارج على السواء، وتجمع الآلاف داخل قاعة كبيرة للصلاة فى وسط طهران وعبأوا الشوارع المحيطة، وهتفوا "الموت لأمريكا".
وهزت الاحتجاجات إيران بعد أن اعترف الجيش بإسقاط طائرة ركاب بطريق الخطأ، مما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 176 راكبًا، فى الساعات المتوترة بعد الهجوم الصاروخي، وكان النظام الإيرانى قد تستر فى البداية على دوره فى المأساة حتى اعترف بها فى النهاية، مما أدى إلى مظاهرات عامة غاضبة، قمعت بوحشية من قبل قوات الأمن.
ويذكر أن المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى، يلقى خطبة الجمعة، لأول مرة منذ ثمانى سنوات، وركز خامنئى على دغدغة المشاعر الدينية والوطنية لدى الشعب الإيرانى خلال خطبته، خاصة مع تزايد حدة الأصوات المعارضة له ولنظام الملالى القائم على رأس الحكم فى طهران، ورفضهم للحرس الثورى الإيرانى التى تزايد بعد تورط قواته فى إسقاط طائرة أوكرانية بصاروخ قصير المدى، مما أسفر عن مقتل 176 على متنها.
وتطرق المرشد الإيرانى، للحديث عن عملية اغتيال الجنرال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى، إضافة إلى المواجهات والتحديات التى تواجهها إيران، فيما ادعى أن قاسم سليمانى كان مكافحًا للإرهاب فى المنطقة، وأن فيلق القدس مؤسسة إنسانية عظيمة، مطالبًا الشعب الإيرانى بالإخلاص فى العمل، وقال خامنئى، إن "المنطلقات الفكرية لقواتنا المسلحة وفيلق القدس هى أفكار ومنطلقات إلهية ويسارعون لمساعدة الشعوب".
وتعتبر صلاة الجمعة فى طهران المنبر التقليدى لنشر رسالة النظام للأتباع والإعلام والبيروقراطية الحكومية، وتتم عملية إعداد الخطب فى جميع المدن الإيرانية من قبل مكتب مركزى تحت إشراف خامنئى، يدعى "مجلس التنسيق لأئمة الجمعة"، وذلك وفقًا لتقرير نشرته العربية.
كانت المرة الأخيرة التى ألقى فيها خامنئى خطبة فى صلاة الجمعة فى عام 2012، وذلك رداً على بيان الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى قال إن جميع الخيارات مطروحة بشأن البرنامج النووى الإيراني، ورد خامنئى فى ذلك الوقت بأن "التهديد بالحرب سيكون مكلفًا بالنسبة لأمريكا، وستكون تكلفتها عشرة أضعاف".