أكد الدكتور مجدى عاشور المستشار العلمى لمفتى الجمهورية أن مساعدة المحتاجين أولى من أداء العمرة، إذ "المُواسَاة مقدَّمَةٌ على المناجاة"، وخير الطاعات ما كان فيه نفع للناس وقت الأزمات، وهى من أعظم القُرُبات، وأنَّ مِن أعظم الأسباب التي تكشف البلاءَ وتُزِيلُ الغُمَّة وتُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وتَرفع الدرجاتِ هي مساعدة أصحاب الحاجة ومَنِ انقطعت بهم سُبُلُ العَيْشِ، وأعظمُ الحسناتِ، ما كان سببًا لنَفعِ الناسِ وقتَ الأزمات .
وقال المستشار العلمي لمفتي الجمهورية - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ" اليوم الثلاثاء - إن العمرة سُنَّةٌ وليست واجبة على مذهب الجمهور، وأن الطاعة التي يتعدى نفعها للآخرين أولى من العبادة النافلة التي يقتصر نفعها على فاعلها فقط، واستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم "لأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ - شَهْرًا"، وقال عليه الصلاة والسلام "ما ءامنَ بِي مَنْ بَاتَ شبعانَ وجارُه جائِعٌ إلى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ" .
وأضاف "وهذا ما فهمه السلف الصالح من مقاصد الشريعة، فقد روى الإمام ابن كثير أنه: خرج عبد الله بن المبارك رضي الله عنه إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائرٌ معهم، فأمر بإلقائه في قمامة البلدة، وسار أصحابه أمامه، وتخلف هو وراءهم..فلما مر بالقمامة إذا بجارية قد خرجت من دار قريبة، وأخذت ذلك الطائر الميت، ثم أسرعتْ به إلى الدار، فجاء ابن المبارك، وسألها عن أمرها وعن أخْذِها الطائرَ الميت، فاستحيت أوَّلًا، ثم قالت : أنا وأمي هنا، وليس لنا شيءٌ إلَّا هذا الإزار، وليس لنا قُوتٌ إلا ما يُلْقَى على هذه القمامة، وكان لنا والد ذو مال عظيم، أُخِذَ مَالُهُ، وقُتِلَ لسببٍ أو بآخر، ولم يبقَ عندنا شيءٌ نَتَبَلَّغُ به، أو نقتات منه!.
سمع ذلك ابن المبارك فدمعت عيناه، وأمر بِرَدِّ الأحْمَال والمؤونة، وقال لوكيله : كم معك من النفقة ؟ قال : ألف دينار، فقال له : أبقِ لنا عشرين ديناراً تكفينا لإيابنا، وأعطِ الباقي إلى هذه المرأة المصابة، فو الله لقد أفجعتني بمصيبتها، ثم قال : وإن هذا أفضل عند الله من حجنا هذا العام، ثم قفل راجعاً، ولم يحج .
وفي إجابته على سؤال "هل أعمال البر والخير تساعد على رفع البلاء والشدائد والأمراض والكوارث وما هي أولى تللك الأعمال"..أكد المستشار العلمي لمفتي الجمهورية أنَّ مِن أعظم الأسباب التي تكشف البلاءَ وتُزِيلُ الغُمَّة وتُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وتَرفع الدرجاتِ هي مساعدة أصحاب الحاجة ومَنِ انقطعت بهم سُبُلُ العَيْشِ، فلم يجدوا ما يَسُدُّ حاجتَهم ويُحافِظُ على حياتهم وحياةِ مَن يَعُولُونَهم وأعظمُ الحسناتِ، ما كان سببًا لنَفعِ الناسِ وقتَ الأزمات .
وقال إن البلاء والشدة والأمراض والكوارث هي من قَدَرِ الله عزَّ وَجَلَّ، وقد شرع لنا سبحانه كيف نخرج منها بقَدَرِ الله أيضًا..قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) وقال سبحانه (وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ)، وقال صلى الله عليه وسلم "تَدَاوَوْا عبادَ الله، فإنَّ اللهَ عز وجل لم يُنزِل داءً إلا أنزل معه شفاءُ".
وأوضح المستشار العلمي لمفتي الجمهورية أنه بعد الأخذ بالأسباب وصدق التوكل على الله تعالى، يُعَدُّ باب الصدقات والتبرعات من أفضل الأعمال التي تكون سببًا في رفع البلاء وفي حَلِّ الأزمات وتخفيف آثار الكوارث والأمراض المتفشية، وتكون الصدقة أعظم إذا كانت لذوى الحاجة من الفقراء والمساكين، خاصةً المتضررين من هذه الكوارث والأمراض، مما يساعدهم في سَدِّ حاجتهم الغذائية والدوائية والمعيشية عمومًا، فكل هذا يساعدهم ويساعد كل الناس والمجتمع على تجاوز المحنة مهما كانت، وفي ذلك يقول تعالى (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) سورة البلد، ومعنى (في يوم ذي مسغبة) : أي فيه جوع وحاجة شديدة ويقاس عليه شدة الحاجة للعلاج أو الإيواء، وأن معنى (مسكينًا ذا متربة) : أي زادت حاجته ومسكنته حتى التصق بالتراب من المعاناة .