قال السفير المصرى لدى بكين ، محمد البدرى ، إن المنحى التصاعدي للعلاقات الثنائية بين مصر والصين يمثل مسارا طبيعيا ومتوقعا استنادا إلى العديد من الأسس والركائز التي تجسدت على مر التاريخ، حيث تزداد متانة يوما بعد يوم، فضلا عن الكثير من القواسم المشتركة بين البلدين.
وأكد البدرى ، فى مقابلة مع وكالة أنباء شينخوا الصينية إن العلاقات المصرية الصينية مثلت عبر الزمن محورا جيوسياسيا في عالمهما لكونهما بلدين ذوي حضارتين مجيدتين، فقد مثّلا ركيزة لمنطقتيهما من خلال احتضانهما لأكبر عدد من السكان وامتلاك كل منهما لقوة سياسية ومؤسسات ثقافية ومنظمات اجتماعية وجيش قوي.
وأشار البدري ، إلى تشاطر البلدان واقعا تاريخيا مشتركا، حيث كان يتعين عليهما النضال لنيل استقلالهما وبناء دولتيهما خلال القرن الـ20 الذي اتسم بالتقلبات والاضطرابات الشديدة، مؤكدا حرص البلدين على رسم سياساتهما الخارجية وفقا لمبادئ القانون الدولي واحترام الآخرين ، موضحا أن مصر والصين تتمتعان برؤية متشابهة للغاية، إن لم تكن متطابقة، حيال القضايا ذات الأهمية الخاصة بالنسبة لكليهما.
وحول التطور التاريخي للعلاقات الراهنة بين الصين ومصر، قال السفير المضرى ، إن العلاقات الثنائية بين البلدين تطورت على مراحل، منذ اللقاء الشهير بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ورئيس مجلس الدولة الصيني الراحل تشو إن لاي في عام 1955، حيث اتفقا على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية رأت النور في عام 1956، مشيرا إلى أن مصر كانت أول دولة عربية وافريقية وشرق أوسطية تقيم سفارة لها في بكين رغم الضغوط المتصاعدة في ذلك الوقت، وبينما كانت مصر تقود حركات التحرر الوطني من الاستعمار ونيل حق تقرير المصير، كانت الصين تؤسس دولتها الحديثة.
وأضاف البدرى ، أنه علاوة على ذلك، دعمت مصر عضوية جمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة باعتقاد راسخ منها بأن الصين هي الممثل الشرعي للشعب الصيني، موضحا أنه ومنذ ذلك الحين، تؤمن مصر ولا تزال تتمسك بقوة بمبدأ "الصين الواحدة". وبالمثل، فإن الصين كذلك ساندت مصر في كل المحن التي واجهتها خلال العقدين التاليين، وهو ما مهد الطريق أمام علاقة مزدهرة ترتكز على الاحترام والدعم المتبادلين.
وأوضح البدري ، أن التطور في العلاقات الثنائية بين البلدين انعكس في قيام الرئيس السيسي بزيارة الصين ست مرات منذ عام 2014، وأثمر كذلك عن زيارة تاريخية للرئيس الصيني شي جين بينغ إلى مصر عام 2016، فضلا عن إطلاق حوار استراتيجي مشترك على مستوى وزيري خارجية البلدين في عام 2014، وهو ما أفسح المجال لقرار مشترك بمواصلة الارتقاء بالشراكة الاستراتيجية الثنائية الشاملة لتواكب العصر الجديد المرتقب، وذلك خلال الزيارة التي قام بها وانغ يي عضو مجلس الدولة، وزير الخارجية الصيني، إلى مصر في يناير عام 2020 .
ولدى سؤاله عن موقف مصر من مبادرة الحزام والطريق، قال البدري إن مصر هي إحدى الدول الداعمة لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013، مشيرا إلى أن هذا الدعم يأتي انطلاقا من قناعة القاهرة بأنها مبادرة عالمية فريدة على الطاولة الدولية، سيصوغها الشركاء بأنفسهم للاستفادة مما تطرحه العولمة والتعددية، واستنادا إلى مبادئ النفع والاحترام المتبادلين.
وأردف البدرى ، أنه لا يمكن لمصر إغفال مثل هذه المبادرة الكبرى في الوقت الذي يُنظر فيه على نطاق واسع للدولة المصرية بأنها البوابة الرئيسية لافريقيا والشرق الأوسط بامتلاكها لأحد أهم الممرات المائية في العالم، ممثلة في قناة السويس، ولا سيما بعد شق قناة السويس الجديدة لتوسيع قدرة هذا الممر المائي، فضلا عن مشروع محور تنمية قناة السويس والفرص التي يجلبها للعالم.
وتابع السفير ، قائلا : إن مصر عازمة على العمل مع بكين لتجسيد هذه المبادرة العالمية، مشيرا إلى أن مصر، علاوة على ذلك، تعد عضوا مؤسسا في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وهو بنك تنموي متعدد الأطراف أطلقته الصين، وشاركت في تأسيسه العديد من البلدان الأخرى، بهدف دفع التنمية المستدامة وسد الفجوة التمويلية لإقامة مشاريع البنية التحتية في الدول النامية ولا سيما في آسيا.