فى ربيع عام 1973 قامت مستشفى ماتيوان للمجانين نبيويورك بإطلاق سراح أحد نزلائها لأنهم اعتقدوا أنه مستعد للخروج للمجتمع بعد أن قضى فى المستشفى لمدة عقدين تقريبًا، وهذا الرجل هو جورج ميتسكى المعروف باسم “المفجر المجنون” والذى روع مدينة نيويورك لأكثر من 15 عام أثنا سعيه المجنون لتحقيق العدالة .
كان ميتسكى من مواليد 2 نوفمبر 1903 بولاية كونيتيكت بالولايات المتحدة، وكان والديه مهاجرين من ليتوانيا، وقد أصيب ميتسكى فى حادث صناعى عام 1931 عندما انفجرت غلاية فى موقع عمله بالشركة المتحدة الصناعية للضوء والطاقة وهى شركة تابعة لشركة إديسون الموحدة .
ونتيجة لاستنشاقه الغازات المنبعثة فى موقع الانفجار تم تعطيله عن عمله لمدة 26 أسبوعا ثم بعد ذلك تم إنهاء خدمته فى شركة إديسون المحدودة بشكل كامل، وبالرغم من أن ميتسكى قد قدم طلب للحصول على تعويض لأن الحادث أدى لإصابته بمرض السل، لكن طلبه تم رفضه من حيث الشكل لأنه انتظر وقتًا طويلًا قبل تقديم الطلب، فقدم ثلاثة استئنافات على الطلب لكن تم رفضهم جميعًا .
أصبح ميتسكى عاطلا عن العمل ويعيش مع إخوته مما أدى لشعوره الشديد بالكراهية ضد شركة إديسون الموحدة فقرر أن ينتقم منهم على طريقته الخاصة، فقد قرر تم العثور على أول قنبلة صنعها ميتسكى فوق حافة نافذة أحد المبانى التابعة لشركة إديسون المحدودة فى نيويورك فى يوم 16 نوفمبر 1940، وهذه القنبلة لم تنفجر كما وجد بجوارها ملاحظة تقول : إديسون المحدودة المحتالة هذه من أجلك.
وقد اعتقدت الشرطة أن واع تلك الملاحظة لم يقصد مطلقًا أن تنفجر القنبلة، وبعد تحقيق سريع مع العمال الساخطين وغيرهم من المشتبه بهم المحتملين تم حفظ القضية من قبل الشرطة، لكن بعد مرور عام تقريبًا فى سبتمبر 1941 تم العثور على قنبلة أخرى غير منفجرة فى شارع 19 على بعد بضعة مبان من مكتب شركة إديسون المحدودة بإريفين بلازا، وكانت تلك القنبلة شابهة فى التركيب من القنبلة الأولى وتم وضعها فى جورب قديم دون ترك أى ملاحظات .
وبعد هجوم بيرل هابور الذى شنته اليابان على الولايات المتحدة واشتراك الولايات المتحدة فى الحرب العالمية الثانية ، أرسل ميتيسكى مذكرة للشرطة يخبرهم فيها أنه سيوقف أنشطته طوال فترة الحرب وقال فى خطابه سأقدم شركة إديسون المحدودة للعدالة نتيجة لأفعالهم الغادرة ووقع الرسالة بحرفى F.P.
وعلى الرغم من أن رسائل ميتسكى التهديدية استمرت فى إزعاج شركة إديسون والشرطة، إلا أنه لم يضع أى قنابل أخرى إلا بعد انتهاء الحرب حيث عثر على قنبلة أخرى فى 29 مارس 1950م داخل محطة جراند سنترال ستيشن ، وفى الشهر التالى انفجرت قنبلة فى كشك للهواتف داخل مكتبة نيويورك العامة ، تلتها قنبلة أخرى فى محطة جراند سنترال .
وخلال الخمس سنوات التالية زرع ميتسكى ما يقرب من 30 قنبلة أخرى فى جميع أنحاء نيويورك فى مواقع مختلفة مثل محطة بنسلفانيا ومحطة حافلات بورت بورتيشن ومسرح بروكلين بارامونت وقاعة راديو سيتى للموسيقى ومجموعة من أكشاك الهاتف المختلفة ، ونصف تلك القنابل تقريبًا قد انفجر مما تسبب فى إحداث أكثر من عشرة إصابات لكن دون وقوع وفيات .
بعد حوالى 16 عاما من التحقيقات والإحباط الذى أصاب الشرطة تحول مفتش الشرطة هوارد فينى من مخفر الشرطة إلى جيمس أ.بروسسل وهو طبيب نفسى كان متخصص فى أعمال التنميط فى مجال مكافحة التجسس أثناء الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية .
وقد وضع بروسسل وصفًا مقترحًا للمفجر المجنون وهى أنه غالبًا من أصل شرق أوروبى ويتراوح عمره بين 40 إلى 50 سنة ويعيش مع أقاربه وهو ذو بناء رياضى يرتدى ملابس أنيقة وذو حلاقة نظيفة ، كما أنه مصاب بجنون العظمة ، كما توقع أن يكون المفجر يرتدى بذلة مزدوجة الأزرار .
نشرت الشرطة هذا الملف على نطاق واسع وطلبت من شركة إديسون أن تبحث بين ملفاتها عن موظفين سابقين متطابقين مع هذا الوصف ، وبعد أن نشرت الشرطة هذا الملف غمرتها الادعاءات المزيفة عن أشخاص يشتبه فى كونهم المفجر ، حتى استطاعت شركة إديسون المحدودة أن تتوصل بين ملفات الموظفين الساخطين إلى شخص يتوافق مع الوصف .
وفى 21 يناير 1957 وصلت الشرطة إلى منزل ميتسكى فى ولاية كونتيكيت لاستجوابه بشكل روتينى ، لكن ما أدهشهم أنه اعترف على الفور بكل تفاصيل القنابل التى زرعها وأن FP تعنى “اللعب النظيف”، كما كانت أوصافه الأخرى تتطابق تقريبًا مع الوصف الذى وضعه بروسسل باستثناء أنه لم يكن يرتدى بدلة مزدوجة الأزرار ، لكن عندما قررت الشرطة اصطحابه ، طلب منهم أن يغير ملابسه ، وقام بارتداء بذلة بصفين من الأزرار ، وبعد أربعة أشهر أعلن القاضى أنه مصاب بالفصام وجنون العظمة ومجنون قانونيًا .