بين الحياة والموت خلال مكافحة فيروس كورونا القاتل، تخلق تلك القصص المواقف التي تكون محطات هامة في حياة الإنسان، وتغير من أفكاره ويظهر من خلالها معادن الناس سواء كانت ذهبا أو فالصو، حيث يختفى ذلك الكلام المعسول وتبقى الحقائق مجردة أمام الكثير دون نفاق أو زيف، فإن كان المرض موجعا فى الكثير من الحالات إلا أن الأكثر أملا هو الحجود والوحدة.
الدكتور محمد حسن هلال، استشاري الباطنة في مستشفى العزل بمحافظة الإسماعلية، يسرد من خلال يومياته فى مستشفى العزل عبر حسابه بموقع فيس بوك، تلك المعاناة البشرية من خلال عدد من الحالات خلال تواجده في المستشفى لخدمة المرضى، إلا أنه كشف من خلال منشورين حجود الأبناء الذين ماطلوا فى خروج والدتهم من المستشفى بعد شفائها والحالة الأخرى لمريضة توفيت ولم تتزوج .
وقال الدكتورمحمد حسن هلال عبر حسابه بموقع فيس بوك، من خلال إحدى منشوراته:"هحكى ليكم عن الموقف التانى اللى ضايقنى ومش هطول عليكم وهو خاص بمريضة توفاها الله اسمها توحة ادعو لها أولا بالرحمة والمغفرة ودى حالة الوفاة الوحيدة الى حدثت أمامى منذ دخولى العزل".
وأضاف :"الحاجة توحة ست مصرية مكافحة تبدو عليها معالم الشقاء والتعب عمرها تعدى الستين عاما قدرها انها استصابت بالفيروس اللعين بدون أن تدرى وقدر ليها دخولها المستشفى كانت عنيدة جدا فى اخد العلاج كان طلبها الوحيد منى لما كنت بمر أنها كانت عاوزة تخرج بأى طريقة مش متعودة على الحبسة فقلت لها أن حالتها وحشة ومش هينفع تخرج وهى تحلفنى بالله وبأولادي أنى اخرجها ومكنش ينفع لإن حالتها وحشة ومش مستقرة".
وأوضح:"كانت بتقولى أنا هموت هنا أقولها إنت هتكونى أفضل إن شاء الله بس تهدى وتلتزمى كانت رافضة العلاج تماما ورافضة تحط ماسك الأكسجين والتمريض كان عندها ليل نهار ومرة تأخد العلاج بالمحايلة ومرة ترفض لما لقيتها كدة قلت اخوفها شوية يمكن ترضى تلزم بالعلاج فقلت لها إنت لو روحت مش هتقعدى فالبيت وهتعدى اللى فى البيت ولو مش خايفة على نفسك خافى على ولادك وجوزك قالتلى أنا معنديش عيال وعايشة لوحدى ومتجوزتش اصلا.. قلتلها مالكيش حد خالص قالت لاماليش حد ..ماليش غير ربنا قلت فى نفسى هو احن عليك من نفسك ومن أى مخلوق انصدمت بجد واتضايقت جدا جدا شعور صعب انك تكون لوحدك".
وتابع:"أصعب حاجة في الدنيا أنك تعيش وحيد وتموت وحيد ومتلاقيش حد يسأل عليك لا فى حياتك ولا بعد مماتك..رحم الله الحاجة توحة عاشت وحيدة ورحلت وحيدة فى سلام بعد معاناة مع المرض والحياة".
القصة الأخرى التي حكاها الدكتور محمد هلال لمريضة ماطل أهلها فى استقبالها بعد شفائها من فيروس كورونا خوفا من العدوى، قائلاً:"النهاردة فالمرور على القسم كان فى حالة عملت لها خروج وقلتها حمدالله على سلامتك ياحاجه انت هتخرجى انهاردة لقيتها كلمت حد من عيالها وصوت السماعة عالى وأنا لسه جنبها بتكلم مع الممرضة فسمعتها وهى بتقولة أنا الدكتور عملى خروج طبعا ركزت شوية حبيت اسمع صوت الفرحة زى ماتخيلت لقيت رد صعقنى ..لقيتة بيقولها ازاى طلعك لا خليكى عندك انت ممكن تعدينا وتعدى العيال الى موجودة هنا أنت هتطلعى تموتينا وطلع فى أمة طلعة ولقيتها بتقولى خد كلم أبنى قلتها مش هعرف ياحاجة عشان لابس الواقيات وخرجت.. بس كنت مصدوم وفى حالة ذهول تخيلت أن لما أمة هتكلمه هيفرح بخروجها ويحاول يوفر ليها سبل الراحة وزى مابنقول كدة هيبقى طاير من الفرحة".
واستطرد:"إلي اى درجة من الجحود احنا وصلنا.. ياالله ! فكرنى الموقف دة بمشهد يوم القيامة يوم يفر المرء من أمة وابية فعلا هيا القيامة هتقوم فعلا حد يوصل بيه الجحود والعقوق لأمة أنه يسيبها كدة ويتنصل منها حاجة تحزن القلب كنت أتمنى أمي تكون عايشه وإنا كنت شلتها على أكتافى وحطيت جذمتها على دماغى ولو العكس هو اللى حصل وكان الابن هو الى تعبان كان السيناريو اختلف".